ككل سنة تعود ذكرى الفاتح نوفمبر الى الواجهة، لتذكرنا نحن أجيال الاستقلال بالتضحيات الجسيمة التي راحت فداء لتحرير هذا الوطن، الذي تشرب ترابه بدماء مليون ونصف المليون شهيد، وربما أكثر بكثير بدءا من انتفاضة الأمير عبد القادر والمقراني الى معركة لالا نسومر، وصولا إلى ثورة التحرير التي اختير لها ليلة الفاتح نوفمبر 1954 لانطلاق أول رصاصة في وجهة الاستعمار الفرنسي. ومن بين الدواعي والأسباب لاختيار تلك الليلة لتغيير مسار التاريخ الجزائري وتخطيط ذكرى الثورة الجزائرية كواحدة من أعظم الثوارات التحريرية في التاريخ الحديث، أنها كانت محل إجماع أعضاء المنظمة السرية المنبثقة عن مجموعة ال22، هذه المجموعة التاريخية التي أجمع اعضاوها في صيف 1954 بالمدنية (صالومبي) واتفقوا على أن لا تتجاوز المدة بين الاجتماع واندلاع الثورة ستة أشهر، وبالإجماع أيضا اختيرت ليلة 01 نوفمبر لانطلاق الرصاصة الأولى، كون 01 نوفمبر كان صادف حينذاك عطلة المسيحيين، حيث يزورون المقابر وتنقص المراقبة العسكرية وبالتالي تكون الحركة أسهل بالنسبة للثوار، حسب ما أوضحه لنا المجاهد عبد الحفيظ أمقران، عضو مجموعة ال22 وزير سابق للشؤون الدينية وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، واصفا الحدث بالعظيم »بحيث غيرنا تاريخ الجزائر«. ويضيف المتحدث الذي التقته »المساء« مؤخرا بالمكتبة الوطنية، على هامش حفل احياء الذكرى 54 لاندلاع الثورة، من تنظيم جمعية مشعل الشهيد، بقوله أن » نوفمبر يعود بالذاكرة الى مرحلة طويلة في مسار الشعب الجزائري وصعبة في نفس الوقت، ولا يمكن أن يعود نوفمبر من كل سنة ولا نعود إلى نوفمبر 1954 ونتذكر ميلاد الثورة التحريرية، وفضلها الكبير في تحرير الجزائر وشعب الجزائر«. ويواصل المتحدث عائدا بذاكرته القوية إلى كل لحظة عاشها حينها وعمره لم يتجاوز 18 سنة، بالقول »في تلك الليلة كنا في أتم الاستعداد لخوض المعركة، أنشأنا خلية الثورة للوحدة والعمل، كان معنا الشهيد "السيد عميروش" واتفقنا جميعا على حمل السلاح لتحرير الوطن«. وتخليدا لشهداء الثورة المجيدة، وجه المجاهد وعضو مجموعة ال22، عبد القادر لعمودي، من جهته، نداء إلى جيل الاستقلال الصاعد، داعيا إياه إلى حمل مشعل الوفاء والاستعداد للدفاع عن الوطن، وقال في نفس المناسبة بالمكتبة الوطنية التي جمعت تلاميذ من الأطوار الثلاثة من مدارس العاصمة، أن الحياة الحقة ليست الحياة المادية وإنما حب الوطن. واعتبر المتحدث أن مشكل الهجرة السرية او"الحرقة" التي طفت إلى السطح مؤخرا لأسباب كثيرة، إنما هي مشكلة ظرفية، قائلا أن » لكل زمان مشاكله، ولابد من غرس الروح الوطنية لدى الأجيال الجديدة لتفكر بإيجاب في وطنها وفي كيفية بنائه. وفي سياق متصل يقول المجاهد أمقران، أن مشاكل الشباب ومنها حب "الحرقة"، هي أمور عابرة، مستشهدا بالآية الكريمة »أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض«. وحث المتحدث على ضرورة الاهتمام بالتربية الصحيحة التي لابد أن تبدأ في الأسرة ثم المدرسة فالجامعة. وختم بقوله »يا أ جيال استفيقوا ليس لكم وطن إلا الجزائر«.