أوضح الأستاذ ديب ناصر، خبير دولي في محاربة الآفات الاجتماعية ومختص في علم النفس، أن عمال من قطاعات عديدة يعانون مشاكل نفسية مرتبطة بظروف عملهم، على غرار الصحفيين، أعوان الحماية المدنية، شرطيين، رجال القضاء وغيرهم من العمال الذين تفرض عليهم ظروف عملهم ضغوطات لابد من التكفل بها وأخذها بعين الاعتبار، حتى لا تتحول إلى أزمات وصدمات نفسية خطيرة. أشار المتحدث خلال المحاضرة التي نظمها بمديرية الحماية المدنية لولاية الجزائر في الحراش، حول طرق التكفل بالتوتر، إلى أن تلك المبادرة من طرف مديرية الحماية المدنية جاءت في إطار برنامج الأيام التحسيسية لفائدة أعوان ذلك السلك الأمني، من أجل توعية الأعوان بمخاطر مضاعفات التوتر، ومختلف انعكاساته على الصحة الجسدية، وكذا النفسية، موضحا أن أمراضا جد خطيرة تنجم عن القلق والتوتر، خصوصا إذا لم تتم العناية والتكفل بالشخص المصاب. وقد كشف الأستاذ خلال محاضراته عن مختلف الأمراض التي تنجم عن التوتر، الإجهاد العصبي والضغط النفسي وظهور تصرفات انفعالية، إلى جانب أعراض أخرى جسدية كألم الصدر والإسهال، فضلا على أمراض أكثر خطورة كحرقة المعدة التي تهدد بظهور السرطان، أو أيضا مرض نفسي خطير وهو الاكتئاب. وأن تحول القلق النفسي والتوتر الشديد إلى مضاعفات أمر شائع، يضيف الخبير، فكثيرا ما يتسبب الضغط النفسي في الصداع والغثيان إلى درجة الإغماء، وتؤدي المواقف الضاغطة إلى أعراض جسديّة شتى، تكون عضويّة ومستمرة من دون سبب مرضي واضح، إذ لا تكشف الفحوص الطبيّة والتحاليل عن أي مرض أو سبب للأعراض التي تصيب أعضاء الجسم، إذ يرجعها عادة المختصون إلى أعراض "قلق" غير خطيرة، إلا أنها في حقيقة الأمر أمراض جدية لابد من أخذها بعين الاعتبار حتى لا تتفاقم. وأوضح ديب ناصر أن هناك مشاكل مختلفة تؤدي إلى التوتر والقلق، منها العائلية، وأخرى شخصية عاطفية، إلى جانب مشاكل مهنية. هذه المشاكل الثلاث هي الأكثر شيوعا، لاسيما المهنية منها، إذ أن هناك العديد من الموظفين يعانون التوتر بسبب ضغوطات في محيط عملهم، وهذا قد يكون بدرجات متفاوتة من مهنة لأخرى، حيث قد يكون التوتر بسبب المال، أو آخر بسبب الوصول مثلا إلى منصب عمل محدد، أو فقط راجع إلى أزمات يعانيها الشخص في عمله بسبب ضغوطات إنسانية، مثلا من رئيس عمله أو زملائه أو تحرشات وغيرها.. وأكثر المهن التي تعرف ضغوطات مهنية تفرض نفسها عنوة على العامل؛ المهن الحساسة كالصحافة، سلك الأمن من الشرطة والدرك وكذا أعوان الحماية المدنية، إلى جانب رجال القضاء والقانون وكذا الأطباء، إذ أن تلك المهن يحدث أن يتعامل الفرد مع مواقف خطيرة فيها، وأخرى محزنة، كلها تصيب الفرد بتوتر وقلق يتحول أحيانا إلى خوف أو هلع أو انفعال أو صدمات، تنعكس كلها على الصحة الجسدية، مما يؤدي إلى ظهور أعراض واضحة، كالحرقة المعدية، أو ظهور تهيج على البشرة على شكل حساسية تصيب بالحكة، كما قد يتسبب القلق بالنسبة للمرأة في تأخر الحمل وغيرها.. وشدد المتحدث إلى ضرورة مراجعة الطبيب في حالة ظهور أعراض واضحة وعدم الاستهانة بها على أنها عابرة، إلى جانب أهمية أخذ قسط من الراحة والاستمتاع بإجازات ترفيهية للترويح على النفس بعد فترة من العمل والضغط المتواصلين.