أظهرت الأرقام التي قدمتها مصالح المديرية الجهوية للجمارك بوهران، حجم الأموال المهربة نحو الخارج عبر ميناء وهران، تحت غطاء التجارة الخارجية والاستثمار، حيث سجلت أزيد من 3 آلاف قضية خلال 2016، فيما بلغت قيمة الغرامات المالية المتعلقة بمختلف المخالفات، 93 مليار دج. وحسب مصدر من المديرية فإن عدد حالات تهريب الأموال عبر نفس المنفذ، فاق في 2015، 4 آلاف قضية. سجل ميناء وهران خلال السنوات الأخيرة، تناميا كبيرا في معالجة قضايا تهريب الأموال نحو الخارج؛ من خلال التصريحات الكاذبة والتضليل عن الاستيراد وتحويل ملايير الأموال من الخزينة العمومية نحو الخارج تحت غطاء التجارة الخارجية، وهي القضايا التي تمكنت مصالح الجمارك من اكتشافها، فيما أماطت تحقيقات مصالح الدرك الوطني اللثام عن شبكات يتزعمها مستوردون بتواطئ مع مسؤولي بنوك ووكلاء عبور، سهلوا عمليات تهريب الأموال نحو الخارج. وللوقوف على بعض هذه القضايا الشائكة عادت جريدة «المساء» للنبش في ملفات هؤلاء المستوردين المحتالين، الذين لازال بعضهم محل متابعات قضائية، فيما تبقى تحقيقات أخرى مفتوحة إلى اليوم بخصوص قضايا أخرى. المديرية الجهوية للجمارك تكشف عن أرقام خيالية لغرامات التهريب المديرة الفرعية للاتصال بالمديرية الجهوية للجمارك بوهران، كشفت في لقاء مع جريدة «المساء»، أن ظاهرة تهريب رؤوس الأموال نحو الخارج تُعد من بين الظواهر التي تسعى المديرية العامة للجمارك لمحاربتها إلى جانب ظاهرة التصريحات الكاذبة وعدم التصريح الجمركي، حيث عالجت المديرية الجهوية لوهران 4030 قضية سنة 2015، و3179 قضية سنة 2016، فيما أحيل 62 متعاملا خاصا على العدالة سنة 2015، و125 متعاملا سنة 2016، بعد أن تم إيجاد حلول بالتراضي بخصوص المستوردين المخالفين، وفق ما يقتضيه القانون. وقد بلغ حجم الغرامات بخصوص مخالفة حركة الصرف ما يتجاوز 16 مليار دج سنة 2015، و12 مليار دج سنة 2016. و كشفت المعطيات المستقاة من المديرية الجهوية للجمارك، أرقاما فلكية بخصوص الغرامات الإجمالية ضد المخالفين، والتي بلغت 30 مليار دج سنة 2015، و93 مليار دج سنة 2016. وقد أكد المتحدثة أن المديرية العامة للجمارك، في إطار التدابير المسطرة والخاصة بمحاربة الفساد، قامت بوضع برنامج عمل خاص، حيث تلقّى عدد من إطارات الجمارك دورة تكوينية على يد خبراء أمريكيين طيلة أسبوع بالمدرسة العليا للجمارك. كما أوصى المدير العام للجمارك من خلال استراتيجية برنامج 2017 – 2019، بعقد اجتماعات دورية بين مختلف الإطارات للوقوف على الانشغالات وحل المشاكل المطروحة لتسهيل عمليات مراقبة التصريحات الجمركية. وذكر ذات المصدر أن ملف تهريب الأموال والعملة الصعبة إلى الخارج من بين أهم الملفات التي تسعى الدولة لمحاربتها؛ من خلال إجراءات ومجموعة قوانين صارمة تمنع عمليات التهرب والتصريح الكاذب، التي رغم كل ما أعلن عنها تمكن عدد كبير من المستوردين من التحايل على السلطات وتهريب أموال ضخمة نحو الخارج مقابل تصريحات كاذبة حول عمليات استيراد وهمية، كانت لها مصالح الجمارك بالمرصاد، خاصة بميناء وهران، الذي كان عيّنة للتحقيق الذي أجرته «المساء» على اعتباره أهم موانئ الجزائر. تُعد قضية استيراد أفران لصهر المعادن بقيمة 12 مليون أورو، والتي نظر في ملفها القطب الجزائي المتخصص لمجلس قضاء وهران، أهم قضية تسجل في مجال تهريب الأموال نحو الخارج من خلال تضخيم فواتير، وهي القضية التي اكتشفتها مصالح الجمارك على مستوى ميناء وهران وتورط فيها مستورد و4 مديري وكالات بنكية، إلى جانب موظفين بقطاع الضرائب ووكيل عبور، وُجهت لهم تهم مخالفات قوانين الاستيراد وتهريب رؤوس الأموال من وإلى الخارج. وتعود حيثيات القضية إلى شهر جانفي 2014، بعد أن باشرت فصيلة الأبحاث التابعة للمجموعة الولائية للدرك الوطني بوهران بالتنسيق مع مصالح الجمارك لميناء وهران وبناء على معلومات من قبل المديرية الجهوية للجمارك، تحقيقا حول قضية تهريب رؤوس الأموال من وإلى الخارج تحت غطاء التجارة الخارجية، حيث قام أحد المستوردين باستيراد أفران لصهر المعادن بقيمة 12 مليون أورو من شركة بدولة تركيا تحت غطاء الاستثمار بدعم من صندوق دعم الاستثمار «أوندي»، إذ حامت الشكوك حول الفواتير المضخمة، الأمر الذي دفع بمصالح الجمارك إلى مراسلة الشركة التي استوردت منها البضاعة بتركيا للتأكد من القيمة المالية للبضاعة محل استيراد. وأكدت الشركة التركية قيمة البضاعة، مما اعتُبر تواطؤا من الشركة التركية، ليحال الملف على العدالة. استغلال مشاريع الاستثمار «أوندي» لتحويل المال العام كما قامت مصالح الدرك الوطني في عملية نوعية، بتفكيك شبكة مكونة من 19 متورطا بتهمة التهرب الضريبي والتصريح الجمركي الكاذب وعدم الإخطار بالشبهة والإهمال المؤدي إلى ضياع المال العام. وكشفت التحقيقات أن الرأس المدبرة لهذه الجريمة أبطالها من عائلة واحدة، حيث قاموا بتأجير 6 أشخاص مقابل إنشاء شركات وهمية تنشط بسجلات تجارية تحمل أسماءهم من أجل القيام بصفقات وعمليات الاستيراد لبضائع بفواتير مضخمة، من أجل تحويل العملة الصعبة نحو الخارج، والتي قُدرت قيمتها ب 30 مليون أورو و5 ملايين دولار. وقد استغل أفراد الشبكة مشاريع الدعم الخاص بالاستثمار في إطار مشاريع الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار «ONDI»، والتي تخص عمليات الاستيراد المعفية من الرسوم الجمركية، كونها استثمارا محليا، حيث كانت التحويلات البنكية للأموال تتم بصفة مباشرة بعد معالجة ملف الاستيراد أو الصفقة من قبل مصالح الجمارك ووكالة دعم الاستثمار وموافقة الخبير التقني حول مسألة ونوعية التجهيزات. وفور وجود أو تسجيل اختلال من قبل مصالح البنوك، فإن البنك يقوم بالتصريح بشبهة الصفقة وإعلام الجهات الأمنية، إلا أن الإجراءات سالفة الذكر لم تتم بصفة قانونية، وتمت مباشرة الموافقة على التحويلات البنكية لتمويل صفقات الاستيراد بتواطؤ من جهات عديدة، كشفت عنهم التحقيقات. متعامل يستورد 100 حصان لتهريب 1.2 مليون أورو فضلا عن ذلك تُعد قضية استيراد 100 حصان من قبل أحد المتعاملين الاقتصاديين الخواص بميناء وهران، أهم قضية لتهريب المال نحو الخارج، وبالضبط نحو فرنسا، حيث كشفت التحقيقات التي فتحتها مصالح الدرك الوطني، وجود تلاعب في القيمة المالية المصرح بها للأحصنة. وقد استفاد المستورد من تحويلات مبالغ مالية بالعملة الصعبة عن طريق أحد البنوك الخاصة التي تم بها التوطين البنكي للمتعامل، والمقدرة ب 1.2 مليون أورو، كشفت خيوطها مصالح الرقابة على مستوى ميناء وهران. كما كان ميناء وهران على موعد مع قضية أخرى لتهريب الأموال، والمتعلقة بقضية 15 حاوية من الشيفون، تركها أصحابها بالميناء بدون رفعها وفقا لما يقتضيه القانون، حيث قامت مصالح الجمارك بإعلام الدرك الوطني من أجل فتح الحاويات بعد انتهاء المدة القانونية لتواجدها بالميناء، إذ تم اكتشاف أطنان من قطع الشيفون، في حين أن وثائق الاستيراد التي دخلت بها هذه الحاويات للميناء، تشير إلى أن البضاعة عبارة عن ألبسة وأحذية تم استيرادها من دولة الإمارات العربية والصين بقيمة تفوق 20 مليار سنتيم. وقامت مفتشية أقسام جمارك ميناء وهران على مستوى مصلحة فحص ومراقبة جمركة البضائع في شهر ماي من العام الماضي، بحجز 4 حاويات معبأة بالعجلات المطاطية المستعملة. وقد تمت عملية الحجز أثناء فحص البضائع؛ حيث تبين وجود عجلات مطاطية جديدة وُضعت عند بوابات الحاويات؛ بغرض تمويه أعوان الجمارك، ليتم إخضاع كامل الحاويات للتفتيش، ويتم العثور على عجلات مطاطية مستعملة وقديمة، قام المستورد باستيرادها من فرنسا على أنها بضاعة جديدة، حسب وثائق عملية الاستيراد، لتقوم ذات الجهات بمصادرة الحاويات الأربعة وتحرير محضر حول القضية، خاصة أن عملية تحويل الأموال بالعملة الصعبة تمت لصالح المستورد، كان سيتم على أساسها استيراد عجلات مطاطية جديدة.