شدد الوزير الأول عبد المجيد تبون، مساء أمس الثلاثاء بالمجلس الشعبي الوطني، على أن حكومته ستعمل على التفريق بين المال والسلطة في إطار مخطط لأخلقة الحياة العامة واعتماد قواعد جديدة لتأطير حالات استغلال النفوذ وحالات التنافي بين المهام والوظائف، مؤكدا أن الجزائر ستظل بلد الحريات، حيث يحق لأي مواطن ممارسة السياسة أو المال والأعمال، «لكن بدون الجمع بينهما في نفس الوقت». وأعلن تبون خلال عرضه مخطط عمل الحكومة على نواب المجلس الشعبي الوطني، عن «مجهود خاص» ستقوم به الحكومة في إطار مخطط عملها، بهدف «أخلقة أكثر للحياة العامة؛ باعتماد قواعد جديدة لتأطير الحالات المتعلقة باستغلال النفوذ لتحقيق مآرب شخصية وحالات التنافي في الهيئات المنتخبة والدمج بين المجالات السياسية والاقتصادية والجمعوية». وجدد بالمناسبة التأكيد على أن الجزائر التي تُعتبر بلد الحريات، «ستظل كذلك»، موضحا، في المقابل، أنه سيكون من حق أي مواطن الخوض في الأعمال أو السياسة أو ممارسة الاثنين معا لكن «بدون الجمع بينهما في وقت واحد، حيث سنفرّق بين المال والسلطة». الوزير الأول حرص على الإشارة إلى أن هذا المسعى الجديد للحكومة لن يؤدي إلى الاصطدام بأرباب العمل ورجال الأعمال والمال، مشددا على ضرورة تجنب «توغل المال في دواليب الدولة». ولدى تطرقه للشق السياسي لمخطط عمل حكومته، كشف السيد تبون أنه تنفيذا لمحور تعزيز دولة القانون والحريات والديمقراطية، ستعمل الحكومة «في أقرب وقت وبالتعاون مع البرلمان»، على إعداد النصوص التشريعية المكيفة مع التعديل الدستوري الأخير وتهيئة الظروف لتنصيب الهيئات الجديدة التي ينص عليها الدستور، مبرزا في هذا الصدد استعداد الحكومة للعمل على إثراء مجال حقوق المواطن؛ من خلال احترام الحريات العمومية الجديدة التي تمت دسترتها وتعزيز ممارسة بعض الحقوق، مع تعميق مسار الإصلاح في مجال استقلالية القضاء وتكريس حرية الصحافة والتعبير والحق في الإعلام الموضوعي والنزيه، عبر تنصيب مجلس آداب وأخلاقيات المهنة إلى جانب سلطتي ضبط الصحافة المكتوبة والسمعي البصري. كما أبرز في نفس السياق أهمية ترسيخ مكونات الهوية الجزائرية «بعيدا عن التعصب والتطرف»، من خلال ترقية الإسلام والعروبة والأمازيغية، ودعم الوحدة الوطنية، مؤكدا في نفس الإطار مواصلة الحكومة للتدابير المرتبطة بتعزيز ميثاق السلم والمصالحة الوطنية واستكمال تطبيقه؛ «لاحتضان الأبناء المغرر بهم ومتابعة كل من مس بممتلكات المواطنين». وفي إطار مسعى الحكومة لمواصلة جهود رد الاعتبار للمرفق العام والقضاء على كل أشكال التعسف، أعلن الوزير الأول عن مخطط لتبسيط الإجراءات الإدارية من خلال اقتراح مشروع قانون، يحدد العلاقات مع مستخدمي الخدمة العمومية وترقية التكافؤ بين مصالح مختلف القطاعات، فضلا عن إجراءات أخرى تمكن الجماعات المحلية من القيام بدورها في دفع التنمية وتوفير الخدمات النوعية، لافتا إلى أن هذه المشاريع ستلقى دعمها أيضا من مسعى توسيع التنظيم الإقليمي الذي تم اعتماده في المناطق الجنوبية، والذي سيشمل قريبا مناطق الهضاب العليا بإنشاء ولايات منتدبة تتمتع بمهام واسعة وإدارة تنفيذية محلية. وإذ أعرب عن أمله في أن تشكل مناقشة مخطط عمل الحكومة بالمجلس الشعبي الوطني محطة قوية للديمقراطية في الجزائر، أكد تبون التزام الحكومة بالعمل على تعزيز تعاونها مع السلطة التشريعية؛ إيمانا منها بفضائل الحوار والتشاور. كما دعا إلى توحيد الجهود والعمل مع كل أبناء الجزائر بدون تمييز وأحكام مسبقة من أجل مصلحة الوطن. واعتبر مهمة الحكومة والنواب وكافة السلطات «واحدة وتاريخية من أجل التطور والعدالة الاجتماعية»، مشيرا إلى أن الالتزامات التي جاء بها رئيس الجمهورية تدخل في صميم مهام الحكومة وتشكل أرضية مخططها، الرامي إلى مواصلة مشروع التقويم الوطني. دعم التحول الاقتصادي وإضفاء فعالية على التحويلات الاجتماعية هون الوزير الأول من حدة الأزمة التي يواجهها الاقتصاد الوطني، معتبرا بأنه «لا يزال متماسكا وفي وضع مقبول». وأشار تبون خلال عرضه لتفاصيل مخطط عمل حكومته إلى أنه الرغم من خروج الجزائر من زمن البحبوحة وتقلص الموارد المالية بأكثر من 50 بالمائة بسبب تراجع أسعار النفط، «إلا أن البلاد لا زالت صامدة ولازالت احتياطات العملة الصعبة تفوق 100 مليار دولار»، مؤكدا بأن «لأزمة الحقيقية التي تواجهها الجزائر لا تكمن في انخفاض الموارد فقط، بقدر ما تكمن في القدرة على العمل المشترك والثقة في النفس، لبلوغ أهداف محددة بقواعد بسيطة تطبق على الجميع دون استثناء وبدون خرق للقانون». ورفض الوزير الأول الذي قضى ساعة كاملة من سهرة أول أمس الثلاثاء في سرد المحاور الأساسية التي يتضمنها برنامج عمل حكومته أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، وصف وضعية الاقتصاد الجزائري «بكل الأوصاف السوداوية»، مؤكدا أنه خلافا لما قد تظهره النظرة التشاؤمية والرؤية السوداوية» فمؤشرات التنمية البشرية تضع الجزائر في مقدمة الدول الناشئة، سواء من حيث نسبة البطالة أو التوصيل بالماء والكهرباء أو التعليم والعديد من الأمثلة الأخرى.. وشدد المتحدث مخاطبا السياسيين وكافة الأطراف الفاعلية في الحياة الوطنية، على أن الرهان الأكبر بالنسبة للجزائر اليوم يكمن في فهم التحول الحاصل حاليا والذي يقتضي حسبه، الانتقال إلى مرحلة جديدة في حياة المجتمع الجزائري، مؤكدا في هذا الإطار بأن الحكومة ستعمل بكل جهدها لتجاوز المرحلة الصعبة تطوير الاقتصاد بالحفاظ على المكتسبات الإجتماعية في سياق متصل، أشار تبون إلى أن أهم محاور مخطط الحكومة في شقه الاقتصادي، ترمي إلى الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتعزيزها وإرساء أكبر قدر من الشفافية في النشاط الاقتصادي والتجاري وتحسين مناخ الأعمال وكذا منح الجماعات المحلية دورا أساسيا في النشاط الاقتصادي، مع التركيز على تعزيز الأمن الغذائي للبلاد والحد من اختلال الميزان التجاري. رفع النمو إلى 6,5 بالمائة والدخل الفردي ب2,3 بالمائة ويهدف مخطط عمل الحكومة في مرحلة 2020-2030 إلى تحقيق نمو للناتج المحلي الخام خارج المحروقات بنسبة 6,5 بالمائة ورفع الدخل الفردي بنسبة 2,3 ومضاعفة التصنيع والوصول إلى الأمن الغذائي لدعم النمو الاقتصادي والقضاء على التجارة الموازية والإحتكار والعمل الغير مصرح به. الإبقاء على سياسة الدعم الاجتماعي وترشيدها كما شدد الوزير الأول خلال تطرقه لتشبث الدولة بسياسة الدعم والتحويلات الاجتماعية، على أن الجزائر «دولة اجتماعية والحكومة لن تتخلى عن هذا التوجه»، مؤكدا أن الدولة ستبقي على دعمها للشرائح الهشة لمساعدتها ومحاربة الإقصاء، موازاة مع الانطلاق في مشاورات واسعة بمشاركة البرلمان والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، بغية التكييف التدريجي لسياسة التحويلات الاجتماعية لإضفاء الفاعلية والكفاءة عليها وإرساء العدل والإنصاف الاجتماعيين بشكل أكبر من خلال استهداف دقيق. برنامج وطني للإحصاء بداية من السداسي الثاني من العام الجاري كشف تبون أن مصالح الوزارة الأولى ستعمل بمعية وزارة المالية ابتداء من السداسي الثاني ل2017 على وضع برنامج وطني للإحصاء من شأنه تقديم كل الإحصائيات الدقيقة للمنتوج الوطني والواردات وكل المعلومات الاقتصادية، وذلك بغرض بناء اقتصاد وطني قائم على أسس علمية وإحصائية دقيقة في كافة الميادين. تحقيق التحول الاقتصادي بتطوير الصناعة وإيجاد بدائل للاستيراد أوضح الوزير الأول في نفس الإطار أن مخطط عمل الحكومة يهدف إلى بلوغ التحول الاقتصادي الذي تم التأسيس لمشروعه في عهد الحكومة السابقة، مشيرا إلى أن هذا الهدف سيرتكز على إعادة تنظيم السياسات الصناعية والقطاعية ومواصلة الجهود لإيجاد بدائل للاستيراد، لا سيما عن طريق تشجيع وحماية المنتوج الوطني وترقية المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، مع منح دعم متعدد الأشكال للمؤسسات المستثمرة في قطاعات المناجم والبترول والصناعات الغذائية واقتصاد المعرفة والمهن الرقمية. السكن والتشغيل والصحة والتربية، أولويات رئيسية جدد السيد تبون خلال عرضه لبرنامج عمل حكومته التأكيد على أن ملفات التشغيل والعمل والسكن والصحة والتربية، والتي تعتبر الانشغالات الرئيسية للمواطن، ستشكل لأولويات الرئيسية للحكومة التي ستكثف الجهود لبعث الاستثمارات في القطاعات الخالقة لمناصب الشغل كالفلاحة والصناعة والسياحة والاقتصاد الرقمي مع تكثيف نسيج المؤسسات عبر كامل التراب الوطني بخلق أقطاب إنتاجية بهدف خلق الثروة. وبخصوص أهم البرامج المرتقب تحقيقها على المدى القريب والمتوسط، قال تبون إنه من المرتقب استكمال برامج السكن المبرمجة بكل الصيغ وتوفير 1,6 مليون وحدة سكنية مع نهاية 2019، كاشف عن اعتزام الحكومة دعم سياستها في هذا المجال بوضع إجراءات بديلة لتمويل المشاريع وترقية السوق الإيجاري وتحفيز النشاطات العقارية وتطوير سوق الرهن العقاري مع وضع إستراتيجية فعالة لتطوير الوسائل الوطنية للإنجاز ومحاربة السكن الغير لائق والقضاء على كل السكنات الفوضوية. استحداث التقاعد التكميلي و3 ملايين مشترك في الضمان الاجتماعي وحماية للمكاسب الاجتماعية تلتزم الحكومة، وفق مخطط عملها بالإبقاء على منظومة الضمان الاجتماعي وتأمين مستحقيها، من خلال توسيع قاعدة المشتركين إلى 3 ملايين مشترك جديد وخلق فرع التقاعد التكميلي وإخضاع الخدمات الصحية إلى عقود، مع تحسين مستويات تحصيل المستحقات ومحاربة الغش والتجاوزات. كما أشار تبون إلى حرص الحكومة ضمن مخططها على ترقية التكنولوجيات في مجال الإصلاح المالي والجباية المالية وعصرنة الإدارة ومضاعفة القدرات في الموارد المائية وتوسيع الطرقات وتطوير وسائل النقل بكافة أنواعها. تصور اقتصادي لمعالجة البطالة واستحداث 400 ألف منصب بالآليات العمومية في إطار سياسة دعم التشغيل تعتزم الحكومة وفق مخططها المعروض من قبل الوزير الأول، مواصلة جهود ترقية الاستثمار في القطاعات التي تخلق مناصب الشغل على غرار الفلاحة والصناعة والسياحة والاقتصاد الرقمي، حيث تستهدف في مجال الفلاحة توسيع المساحات المسقية بمليون هكتار إضافي مع تقليص العجز في المكننة وتطوير الفلاحة الصحراوية، كما ستدعم الحكومة تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتعتمد التصور الاقتصادي في معالجة إشكالية البطالة، بالموازاة مع تعزيز أداء آليات التشغيل العمومية، والتي تستهدف من خلالها رفع مناصب في سنة 2017 باستحداث 400 ألف منصب شغل جديد، وإدماج 44 ألف و200 شاب طالب الشغل لأول مرة في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني وتوظيف 30 ألف شاب في إطار عقود العمل المدعم. رفع قدرات إنتاج النفط ب3,7 بالمائة والتكرير ب35 بالمائة وعند تطرقه إلى المشاريع المقررة في قطاع الطاقة، أشار مسؤول الجهاز التنفيذي إلى أن الهدف الرئيسي بالنسبة للحكومة هو تحقيق الأمن الطاقوي، بتكثيف البحث والاستكشاف ورفع قدرات الإنتاج الوطنية بنسبة سنوية قدرها 3,7 بالمائة وتحقيق مستوى إنتاج قدره 1 مليار طن مكافئ بترول في الفترة الممتدة بين 2017-2021، مع الاستثمار في تكرير النفط بما سيسمح من الرفع في قدرات التكرير ب35 بالمائة من اجل التقليل من الاستيراد، والاستجابة للطلب الداخلي المتصاعد وكذلك تصدير الفائض نحو الخارج. كما يستهدف مخطط عمل الحكومة الرفع من إنتاج الكهرباء من 19000 ميغاواط إلى 31000 ميغاواط في 2021 والشروع في تنفيذ البرنامج الوطني للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية، بهدف تحقيق نسبة إنتاج تبلغ 22000 ميغاواط من مصادر متجددة في آفاق 2030. في شقيه المتعلقين بالسياسة الخارجية والسياسة الأمنية، يؤكد مخطط عمل الحكومة، دعم هذه الأخيرة المواقف المعبر عنها من قبل الدبلوماسية الجزائرية، والتشبت بالمبادئ الراسخة للدولة في هذا المجال ولا سيما منها دعم القضايا العالة في العالم على غرار القضية الفلسطينية والقصية الصحراوية، كما تلتزم في إطار سياستها الأمنية بدعم جهود المؤسسات الأمنية والجيش الوطني الشعبي لمحاربة الإرهاب بدون هوادة. للإشارة، فإن مناقشة مخطط عمل الحكومة تتواصل اليوم بالمجلس الشعبي الوطني، حيث يرقب أن يرد الوزير الأول على الانشغالات المعبر عنها من قبل النواب، سهرة غد الجمعة ليتم في نفس الجلسة التصويت على المشروع. المجلس الشعبي الوطني... تثبيت النواب المستخلفين للنواب المستوزرين صادق نواب المجلس الشعبي الوطني، سهرة أول أمس بالإجماع، على إثبات عضوية خمسة نواب جدد مؤهلين لاستخلاف نواب بعد شغور مقاعدهم، إثر قبولهم وظيفة عضو في الحكومة الجديدة؛ عملا بأحكام الدستور والقانون المتعلق بنظام الانتخابات والنظام الداخلي للمجلس. وفي هذا الإطار، تم استخلاف النائب غنية الدالية بالنائب أمينة أبركان عن الدائرة الانتخابية للبليدة، والنائب طاهر حجار بالنائب محمد مازوز عن الدائرة الانتخابية لتيارت، والنائب محجوب بدة بالنائب عاشور سغواني عن الدائرة الانتخابية للمدية، والنائب طاهر خاوة بالنائب مراد حليس عن الدائرة الانتخابية للجزائر العاصمة، وكلهم نواب يمثلون المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني. كما تم استخلاف النائب الطيب زيتوني بالنائب صالح قدادرة عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي بالدائرة الانتخابية لوهران.