أشرف وزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور محمد عيسى أمس، بالمسرح الوطني على افتتاح فعاليات الحفل التكريمي للموسم الثقافي 2016-2017 الذي بادر به المركز الثقافي الإسلامي بمشاركة كل فروعه المنتشرة عبر الوطن تحت شعار "اليد في اليد لنبني الوطن"، كما حضر الحفل كوكبة من الفنانين والمثقفين. استهل الحفل بقراءة ما تيسر من الذكر الحكيم (الطبع الأندلسي) مع القارىء فارس، بعدها ألقى الأستاذ أحمد سعيد رئيس المركز الثقافي الإسلامي كلمة ترحيبية تخص المناسبة التي تتزامن والذكرى ال55 لعيد الاستقلال، معتبرا هذا اللقاء تجسيدا لتعاون مثمر بين كل فروع المركز. من جانبه، رحب الوزير محمد عيسى بالحضور منهم الدكتور محمد الحضر مدير مركز الدراسات العربية والإسلامية بنيجيريا، وكذا مدير المسرح الوطني محمد يحياوي ليعترف للفنانين بدورهم في بناء المجتمع منهم هؤلاء الذين جاهدوا بالسلاح وبالفن لتحرير الوطن وقيامه ليلقي بالتحية للفنان القدير مصطفى برور. كما أشاد بعلماء الأمة الذين اعتبرهم مصابيح الدجى كمحمد الصالح صديق، ليسهب الوزير في الحديث عن ذكرى الاستقلال حيث اعتبرها نهاية لأيام المستعمر على أرض رفضت الصليب المحمول على أكتاف الغزاة جاء ليحارب دينها كي يستطيع أن يروض شعبها الأبي فيخضع لظلمه، زد على طمعه وجشعه لثروات الجزائر التي أصبحت محط الأطماع منذ سقوط غرناطة، وهنا استشهد الوزير بصورة عن هذا الدمار وهي تدمير مسجد السيدة بساحة الشهداء من طرف جنرالات فرنسا وهم يفتشون تحته عن كنوز قد تكون مدفونة، لتنطلق بعدها سياسات المسخ والإبادة الجماعية لتكرار مأساة الهنود الحمر بقارة أمريكا، لكن الجزائريين لم يصبهم الفناء وبقي القرآن في صدورهم وبذلك استعصى التدجين. ثمّن الوزير هذا الموسم الثقافي المتميز بالأداء العلمي والتاريخي والديني والثقافي، مشيرا إلى أن المركز الثقافي فتح أبوابه حتى يكون الفضاء الصحي للمجتمع، علما أنه ليس حكرا على رواد المسجد ولا يشترط لدخوله الطهارة أو لباس بعينه أو طقوس تفرض، كما أنه ممتد لأهل الفن ومراكز البحث ووسائل الإعلام، لتبقى يده مبسوطة لكل جهد مثمر لخدمة الجزائر على نهج الأجداد (مرجعية دينية وطنية)، ليضيف "نتلمس في نسبنا ما هو خاص بنا من لباس وآذان ورحمة نحو الآخر وبمجتمع يحسن رفض البغضاء ومحب لجمع الكلمة". تألق "الكوثر" وتكريم لنجوم الفن والإعلام قدمت فرقة شباب "الكوثر" من مدينة تلمسان برنامجا فنيا ثريا أبرزت من خلاله طبوع التراث الوطني، وخير ما استهلت به مديحا يقول مطلعه "الناس ماشيا للنبي وأنا ما لقيت جناح ...هوّن علي يا الله نمشي للنبي نرتاح"، كما أدت أغاني وطنية وحماسية وأخرى عن السلم والمصالحة. بعدها انطلقت التكريمات وشملت الإعلامي المعروف نعيم سلطاني مدير مجمع "دزيريات" الذي صفق له الحضور مطولا وقد عرض له بورتريه مصور عن مساره خاصة مع الحصة التضامنية "اليد في اليد" ليقول أثناء تكريمه على الخشبة أنه ابن عائلة بسيطة بدأ مشواره بجد ليكون شابا ناجحا ودخل التنشيط الإذاعي في سن ال19 من عمره، ثم أسس مجمع دزيريات رفقة زوجته.. وعبر 4 سنوات من "اليد في اليد" تأكد أن الجزائر ما زال فيها الخير. كرم أيضا المنشد العالمي محمد شعيب وقدم في مقطع من فيلم عن مساره أنه ظاهرة فنية انتشر معها اسم الجزائر عبر العالم، بفضل صوته القادم من عمق الصحراء الجزائرية وكان الفيلم بعنوان "عندما يتكلم الآذان"، ومن ضمن ما قاله عند وقوفه على الخشبة أن الآذان من مقام الخماسي وهو من المقامات النادرة في العالم الإسلامي موجود بآسيا منها الصين وإفريقيا وكذا المغرب العربي، وللجزائر خصوصيتها فيه وهو بطبع التندي وقد تمت دعوته شخصيا من طرف السيد الوزير. من المكرمين أيضا الفنان الكبير مصطفى برور الذي دخل الفن سنة 1948 وقبلها في كشافة النجاح ليشارك في 140 فيلما سينمائيا و46 تلفزيونيا وعشرات المسرحيات. وأثناء تدخله، حث الشباب على العمل وحب الوطن، وذكر أن يوم زواجه كان في 5 جويلية 1962 بحضور الراحل قروابي ليرد عليه المنشط الشاب أنه هو أيضا تزوج في 5 جويلية سنة 2010 كدليل على تواصل الأجيال وافتخارها بهذا اليوم المشهود. للإشارة، فقد كرمت أسماء فنية أخرى منها الفنان عدلان الفرقاني حفيد الشيخ الطاهر فرقاني الذي قدم له آذان مسجل خاص بمدينة قسنطينة وقد حضر عنه والده الذي عبّر عن فخره بهذا التكريم، مذكرا بأن والده الراحل الطاهر وجده الفنان حمو كانا يؤذنان بصوت جميل وعرفا به منذ عقود. كما كرم الفنان محمد لمين الذي أبدع في الآذان بالخصوصية الوهرانية وكذا حسين رضوان الذي جالس كبار علماء الحجاز والعالم الإسلامي بلقاءاته المفيدة. تدخل أيضا المجاهد والمؤرخ محمد دباح الذي ذكر الحضور بتاريخ المقاومة في الجزائر، وعن رموز وأبطال ساهموا في توقيع انتصارات الأمة الجزائرية. على هامش الاحتفالية، نظم معرض للكتب التي تم نشرها من طرف المركز الثقافي الإسلامي وكذا معرض للفنانة خليفي صالحة يضم جانبا من لوحات الخط العربي والرموز الأمازيغية وصور فنية لطبيعة الجزائر.