يتوقع أن تضع الحكومة العراقية اليوم حدا لحالة الترقب بخصوص موقفها النهائي من الرد الأمريكي على التعديلات التي طالبت بإدراجها على الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها بين بغداد وواشنطن. وتهدف هذه الاتفاقية التي تعذر التوقيع عليها في آجالها وأثارت جدلا حادا في العراق الى تحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في هذا البلد بعد انتهاء التفويض الاممي الممنوح للقوات الأمريكية في هذا البلد نهاية العام الجاري.
وقال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب العراقي صفاء الدين الصافي أن أعضاء الحكومة العراقية يدرسون حاليا الرد الأمريكي على التعديلات التي طلبت بها الحكومة العراقية والتي تجتمع اليوم على أقصى تقدير لإعلان موقفها النهائي من نص هذه الاتفاقية. وأضاف المسؤول العراقي أنه في حال ما تم الانتهاء من التصويت على نص الاتفاقية المعدل فسيتم عرضها على مجلس النواب للتصويت عليها سواء بالرفض او القبول. ولكن صفاء الدين الصافي لم يحدد أي موعد لعرض الاتفاقية على نواب البرلمان العراقي رغم تسارع الوقت على الحكومة التي يتعين عليها التوقيع عليها قبل انتهاء العهدة الأممية نهاية شهر ديسمبر القادم. وقال أنه في حالة عدم توقيعها ستتعامل الحكومة وفق البدائل الأخرى التي تملكها في إشارة إلى احتمال اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار لائحة أممية جديدة تحدد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق. ورفض المسؤول التطرق إلى تفاصيل الرد الأمريكي على التعديلات العراقية واكتفى بالقول أنه "كان يحمل عدة جوانب ايجابية ولكنه في نفس الوقت يتضمن فقرات تحتاج إلى مناقشة مستفيضة" في إشارة ضمنية إلى أن هذا الرد قد لا يتناسب ومطالب العراقيين. وتستعد الحكومة العراقية للحسم في مسألة الاتفاقية الأمنية في الوقت الذي جدد فيه آية الله علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى في العراق موقفه الرافض لتوقيع على أي اتفاق مع الولاياتالمتحدةالأمريكية يمس بسيادة الدولة العراقية. وقال الإمام شيخ صدر الدين الكبنشي احد المقربين منه أنه إذا تضمنت الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها مع واشنطن أي نقطة تمس بسيادة الدولة العراقية مهما كان تأثيرها ضئيلا فإن المرجع الشيعي آية الله السيستاني لن يتوانى لحظة في رفضها. وتعد هذه المرة الثانية التي يؤكد فيها السيستاني رفضه لأي بند في الاتفاقية الأمنية يمس بسيادة الدولة العراقية فوق أراضيها. وكان الإمام شيخ صدر الدين الكبنشي أعلن نهاية الأسبوع الماضي انه من المفروض ان يعرض نص هذه الاتفاقية على الشعب العراقي للاستفتاء. وقال "اننا غير راضين على هذا الاتفاق لأنه يتعلق بطرف واحد وهو العراق وليس الولاياتالمتحدة ونحن غير موافقين على هذه الاتفاقية غير الأمنية" . وكانت العديد من القوى السياسية العراقية قد عبرت عن قلقها وتحفظها على بعض البنود التي تضمنتها الاتفاقية وطالبت بإجراء تعديلات عليها مثل الائتلاف العراقي الموحد الشيعي وجبهة التوافق العراقية السنية فيما رفضت أطراف أخرى مثل التيار الصدري الموالي لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وهيئة علماء المسلمين الاتفاقية وطالبت الحكومة ومجلس النواب بعدم التوقيع عليها. ويتواصل الجدل بشأن مضمون هذه الاتفاقية في الوقت الذي تستمر فيه موجة العنف في العراق حاصدا مزيدا من أرواح العراقيين. فبعد فترة هدوء حذر ميزت العديد من المناطق العراقية عاد العنف ليضرب بقوة في العاصمة بغداد التي اهتزت أمس على وقع سلسلة تفجيرات انتحارية استهدفت سوقا شعبية خلفا مصرع 28 شخصا وإصابة 68 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. وتعد هذه التفجيرات الأعنف من نوعها منذ شهور وتزامنت مع اليوم الأول الذي بدأت فيه الحكومة العراقية تصرف فيه أجور المسلحين الذين انظموا إلى الجيش العراقي والقوات الأمريكية في محاربة عناصر تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ضمن ما يعرف بالصحوة. وقالت وزارة الداخلية العراقية أن الانفجار الأول تسببت فيه سيارة مفخخة كانت متوقفة على جانب الطريق بالقرب من أحد الأسواق الشعبية في منطقة الكسرة التابعة لمدينة الاعظمية قبل ان يليه انفجار سيارة أخرى على بعد حوالي 500 متر، وهو ما أدى الى خروج الناس من المطاعم والمحلات الموجودة بالمنطقة حيث انفجرت قنبلة أخرى تلاها تفجير انتحاري بحزام ناسف وسط تجمع من المدنيين المتجمهرين. وكان عشرة عراقيين من بينهم ثلاثة جنود قتلوا وأصيب أزيد من 30 بجروح أول أمس في هجمات شهدتها محافظة ديالى (70 كلم شمال بغداد).