يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنظيم اجتماع رفيع المستوى في نيويورك يوم 18 سبتمبر الجاري للدفع باتجاه إصلاح الأممالمتحدة، التي سبق أن اعتبرها عام 2016 «ناديا لمحبي أوقات التسلية». وسيُعقد الاجتماع، حسب مصادر أممية، عشية الانطلاق الرسمي لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ حيث من المنتظر أن يتم خلاله إقرار وثيقة سياسية صاغتها الولاياتالمتحدة بعد مشاورات مع حوالي 15 دولة من القارات الخمس، مثل بريطانيا وكندا والصين والأردن والسنغال، تدعو فيها قادة العالم إلى تأييد الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس في «إحداث تغييرات ملموسة في الأممالمتحدة». وستكون هذه أول جمعية عامة للأمم المتحدة يشارك فيها الرئيس ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم تستشر بلاده في تلك الوثيقة إضافة إلى الأمين العام الأممي الجديد أنطونيو غوتيريس. وتتضمن الوثيقة عشرة بنود من تعهدات وتأكيدات، ترمي جميعها إلى دعم مسيرة الإصلاحات التي بدأها غوتيريس. وتهدف طبقا للبند الثاني منها إلى جعل الهيئة الأممية «أكثر فعالية وكفاءة». ورغم أن هذه الوثيقة غير ملزمة فإنها تنص في بندها التاسع على وجوب أن يجري الأمين العام للأمم المتحدة، «تغييرات ملموسة» في منظومة العمل الأممية لتحسين أدائها في ميادين العمل الإنساني والإنمائي ومبادرات السلام. كما تنص في بندها السادس على وجوب الحد من الازدواجية والتكرار في مختلف هيئات الأممالمتحدة. وسبق للرئيس الأمريكي أن انتقد مرارا أداء الأممالمتحدة التي وصفها بأنها «ناد لقضاء أوقات التسلية»، رغم أنه أكد أنها تتمتع بإمكانيات هائلة لمعالجة لائحة طويلة من أزمات العالم، التي ستكون محور مناقشات الجمعية العامة هذه السنة. ولا يُعد الرئيس الأمريكي أول من طالب بإصلاح المنظمة الدولية، فقد سبقه إلى ذلك عدة قادة دول خاصة من دول العالم الثالث والإفريقية، التي تطالب بمقعد دائم العضوية داخل مجلس الأمن الدولي. وقد أكد دبلوماسيون ومحللون أن الأممالمتحدة في عهد الأمين العام السابق بان كي مون، لم تنجح في محاولاتها لإقرار السلام بين الأطراف المتحاربة في سوريا واليمن وليبيا، في حين مازالت الحروب في أوكرانيا وجنوب السودان ونيجيريا ومناطق أخرى، مستمرة. وهو ما يطرح التساؤل عما إذا كانت الإصلاحات التي يطالب بها الرئيس ترامب والتي شرع فيها الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس، ستأخذ بعين الاعتبار مطالب دول العالم الثالث، خاصة أن محللين وصفوها بخطوة عالمية لتصحيح مسار المنظمة الأممية. ثم إن هذه المنظمة التي أنشئت من أجل حماية والحفاظ على الأمن والسلم العالميين كثيرا ما انحازت عن مسارها بسبب تضارب مصالح الدول الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي، بل إنها بقيت في كثير من الأحيان حبيسة الإرادة الأمريكية التي فرضت قراراتها في عدة قضايا من خلال استخدامها حق الفيتو على سبيل المثال لا الحصر، ورفضها في مناسبات عدة إدانة إسرائيل في اعتداءاتها على الفلسطينيين. فإذا كان الرئيس الأمريكي يريد فعلا إصلاح الأممالمتحدة فيجب أولا أن يرفع يد بلاده عنها، كما يجب تركها تقوم بمهمتها التي أنشئت من أجلها في حماية والحفاظ على السلم والأمن العالميين، ولا يجب أن تكون قراراتها حبيسة مصالح الدول العظمى. وفي انتظار ما ستسفر عنه مبادرة ترامب أكد تيكيدا ألموي ممثل إثيوبيا لدى الأممالمتحدة الذي يتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، أن هذا الأخير يضع استتباب السلم والأمن في القارة الإفريقية ضمن أولوياته خلال سبتمبر الجاري. وقال إن المجلس «مكلف بموجب ميثاق الأممالمتحدة، بمهمة ضمان السلم والأمن... والقارة الإفريقية تعاني من انعدام الأمن والسلم، وبالتالي سنسعى للمساهمة في تعزيزه بالقارة».