ڑتعد بلدية وهران من بين أهم البلديات على المستوى الوطني التي فتحت روضا للأطفال عبر كامل أحيائها، لاستقبال الأطفال وتنشئتهم وفق طرق تربوية وبيداغوجية علمية، ترتكز على مفاهيم وبرامج خاصة، للوصول بالطفل إلى مرحلة من الوعي والنمو الفكري والجسدي. ولأجل تجسيد هذه البرامج، تمّ إنشاء قسم خاص بالشؤون الاجتماعية تابعة لبلدية وهران، ترأسه الخبيرة النفسانية السيدة رشيدة كبير، التي تقربت منها «المساء» للتعريف بهذه الطرق العلمية والبيداغوجية الخاصة التي مكنت من إعطاء نتائج باهرة بشهادة عدد كبير من الأولياء الذين سجلوا أبناءهم في روض الأطفال التابعة لبلدية وهران. حسب السيدة كبير، مديرة قسم الشؤون الاجتماعية لبلدية وهران، تم فتح 21 روضة أطفال موزعة على 12 مندوبية بلدية، تضم في إجمالي استيعابها 1800 طفل، وهي الروض التي تم فتحها وفق دفتر شروط خاص تمّ تحضيره بالتنسيق مع مديرية النشاط الاجتماعي ومديرية التربية، حيث يركز على ضرورة توفر مساحات كبيرة وتوزيعا على المساحة حسب عدد الأطفال، إلى جانب توفر التهوية ومساحات اللعب ومختلف الهياكل والمرافق، وهو ما تتوفر عليه روض الأطفال التابعة لبلدية وهران، كما تضمّ أقساما ترفيهية بشاشات عرض كبيرة وألعاب خاصة، إلى جانب مختصين في عدة مجالات من معلمين وأخصائيين نفسانيين واجتماعيين وإداريين. إيصال الطفل للاستقلالية الذاتية عن البرنامج الذي وصف بالناجح، وأعطى نتائج باهرة، كشفت السيدة رشيدة كبير أنه موزع على 3 مراحل عمرية، ينطلق من المرحلة العمرية الخاصة ب3 سنوات ويهدف إلى إيصال الطفل إلى «الاستقلالية الذاتية» و»اكتشاف الذات»، حيث يتم منحه الحرية من خلال قطع تعلّق الطفل بالأم بالتركيز على دفعه إلى التعبير عن نفسه، وتكليفه بأشياء تجعله يعتمد على نفسه، مع منحه الفرصة لاكتشاف ذاته، وهو برنامج نفسي يكتشف من خلاله أيضا المحيط الخارجي بعيدا عن المحيط العائلي، كما يتمّ التركيز على عدة ورشات، منها ورشة التلصيق، ورشة العجين والتلوين وما يعرف ب»البيسكيكوموتور» الذي يستخدم فيه الطفل في هذه السن مهاراته. فيما يعتمد برنامج 4 سنوات على تنمية شخصية الطفل بعدما بدأ باكتشاف المحيط الخارجي، بتطوير ربط علاقات صادقة، ليتم الشروع في تعليمه الحروف والأرقام بطريقة خاصة معروفة بطريقة «ماريا مونتي صوري»، وهي عالمة نفس إيطالية اكتشفت من خلال أبحاثها كيفية تطوير مهارات الطفل وتطوير مهارات التعرف والكتابة بعيدا عن طريقة الحفظ، بالتركيز على ورشة الطلاء والقصاصات، وعلى هذا الأساس تمّ إعداد كتيب وزع على كل المربين بدور الحضانة التابعة لبلدية وهران، يفسّر هذه الطريقة التي تعتمد كليا على طرق نفسية تمكّن الطفل من الاستيعاب وتعلمّ كيفية الكتابة من خلال قطع القصاصات ولصقها، ثم تلوينها، مما يساعد الطفل على استعمال اليد وتنمية حاسة البصر، بالتركيز على الرؤية وكذا حاسة السمع، وتستغرق عملية تعليم الحرف الواحد شهرا كاملا، وتؤكّد الطريقة أنه يجب تعليم الطفل عشرة حروف أساسية، وعشرة أرقام خلال هذه المرحلة، مع فتح مجال التعلم عن طريق اللعب، كما يتم التركيز على الرياضة والحركة الدائمة لإخراج الطاقة الداخلية. «العب وتعلم» أحسن طريقة لتنمية مهارات الطفل أما بخصوص برنامج 5 سنوات، فيرتكز على تحضير الطفل لدخول المدرسة، وفق تعليمات وزيرة التربية الوطنية المتعلقة بضرورة استغلال بعض المواد التربوية كالرياضيات واللغة العربية والتربية الإسلامية والتربية المدنية، لكن بالاعتماد على طرق علمية لتوصيل المواد للطفل في هذه السن، وأطلق على البرنامج تسمية «العب وتعلّم»، وهو قائم على تعلّم الكلمات باللعب، وبمشاركة كل الأطفال، وعلى سبيل المثال كلمات «فوق» و»تحت»، بإشراك الطفل في اللعب باستخدام طاولة يقوم الطفل بالاختباء تحتها، ثم الوقوف فوقها، وكذا مشاركة الأطفال بوضع صف من 3 أطفال، ليترك أحد الأطفال بين الطفلين، ومنه يتعلم كلمة «بين» باللعب، وهي مصطلحات يتعلمها الطفل بسرعة لأنها تأتي بطريقة اللعب. ملفات المتابعة النفسية تسلم للمؤسسات التربوية كشفت السيدة كبير عن أن الطريقة أعطت ثمارها من خلال نجاح 60 بالمائة من أطفال الروض في مسارهم الدراسي بالابتدائي، حيث تقوم الإدارة بتتبع الطفل بعد دخوله المدرسة، من خلال إعداد ملف متابعة للتمدرس، بالتنسيق مع إدارات المؤسسات التعليمية في الابتدائي. كما يتمّ تسليم ملف كل طفل خلال مساره بالروضة، مع تحديد المشاكل النفسية التي قد يعاني منها، خاصة مشاكل النطق أو التبول غير الإرادي أو الأزمات النفسية الناتجة عن طلاق الوالدين وغيرها من المشاكل الاجتماعية، وهي ملفات سرية يتم إعدادها من طرف الأخصائيين النفسيين التابعين للروض، حيث تتوفر كل روضة على أخصائية نفسية تتابع الأطفال يوميا. كما تتكفل إدارة الروضة بأطفال الأمهات العازبات، اللائي يتم استقبال أطفالهن كباقي الأطفال دون تمييز، وهو ما سمح لعدد كبير من الأمهات العازبات بتسجيل أطفالهن بروض أطفال البلدية، حيث يتعامل معهم بطريقة عادية كباقي الأطفال، وقالت «نطالب بالتنسيق مع إدارة مديرية النشاط الاجتماعي للتكفّل بهؤلاء الأطفال وأمهاتهن».