أشار المشاركون في اليوم الأخير للتظاهرة التي نظمها المسرح الوطني الجزائري بفضائه حول «عبد القادر فراح، سينوغراف جزائري في فرقة شكسبير الملكية»، إلى حب هذا الفنان العالمي لبلده رغم كل التهميش الذي تعرض له، فعاش مجروحا ورحل عن هذه الدنيا، متألما. بهذه المناسبة، قدم الأستاذ الطيب ولد لعروسي، أمس بالمسرح الوطني الجزائري، مداخلة تناول فيها ببلوغرافيا السينوغراف عبد القادر فراح، حيث نهل من الأرشيف الخاص بالفنان الذي اشتهر في العالم أجمع، إلا أنه عاش تهميشا كبيرا من طرف أبناء جلدته، مما سبب له آلاما كبيرة وجروحا لم تندمل، والدليل أن دفنه كان في لندن، طبقا لوصيته. وأشار الأستاذ المتخصص في علم المكتبات، إلى قلة كتابات فراح والتي تلخصت في نصين مهمين، الأول يمثل نصا مسرحيا كتبه سنة 1953، في مجلة «إسبري» الفرنسية، (روح)، تحت عنوان «رجل الرباب»، مع العلم أن أربعة أقلام عربية فقط، كتبت في هذه المجلة المرموقة، وهي فراح، كاتب ياسين، مصطفى لشرف وعالم الاجتماع المغربي عبد العزيز الحبابي، كما كتب أيضا مقالا في مجلة «كونفليونس ميديترانيي» (احتشاد متوسطي) بعنوان «في رفقة شكسبير». وأضاف ولد لعروسي، أن مقال فراح الذي كتبه سنة 1998، تناول فيه رؤية شكسبير في القرون الوسطى والتي تطابقت مع حال الدول العربية في الفترة الأخيرة وهو ما يعبر عن النظرة الاستشرافية لفراح، الذي حذّر من خطر قمع الحريات والذي سيؤدي إلى «خلق» إنسان لا يعبّر عن نفسه وبالتالي، مريض وغير سعيد. كما كشف ولد لعروسي، عن حلم فراح، - المتخصص الأول في شكسبير -، بالعودة إلى البلد، حاملا معه كل تجاربه وخبراته في تصميم العروض والأزياء والألحان، حتى أنه اشترى معدات للمسرح الوطني الجزائري، إلا أنه لم يلق الترحاب، بل شعر أنه شخص غير مرغوب فيه، فكانت العودة إلى لندن. وتحسر المحاضر، عن الاهتمام الشديد بفراح في بريطانيا، وبالأخص في فرقة شكسبير الملكية التي قدمت له كل الإمكانات للتعريف بثقافتها، إلا أنه لم يلق أي ترحاب من بلده الجزائر وبدرجة تكاد تكون متشابهة في الدول العربية، فقال يوما ما «حقروني»، واعتبر أنّ اهتمام فراح بالعمل الميداني أكثر من التنظير، جعله لا يكتب كثيرا، وهو السبب أيضا الذي جعله غير مذكور في المعاجم الفرنسية المعروفة وحتى الكتب الجزائرية، في حين تناولته المعاجم الانجليزية بإسهاب وبأسلوب أكاديمي. من جهتها، قالت زوجة أخيه، السيدة يمينة فراح، إن عبد القادر فراح، كان صديقا لها وكان يحكي لها عن مسيرته الفنية التي انطلقت من بسكرة، حيث كان يقطن أخوه محمد، وهناك التقى بزوج فرنسي، وبالأخص بالمرأة التي كانت فنانة تشكيلية، فكان يبيع لها رسوماته، وهكذا أخذته الفنانة إلى العاصمة وأدخلته المدرسة. وبعد الاستقلال، تبعها إلى فرنسا، وبرز اسمه جليا حينما عوضها لرسم جدارية في كنيسة، حيث التقى ببريطانيين، أعجبوا بعمله، ودعوه إلى لندن فكانت بداية لمسيرة فنية معطاءة. من جانبه، قال ابن أخيه مروان فراح، موسيقي ومخرج تلفزيوني، إنه تعلم من عمه الكثير، فكان هذا ينصحه في مجال عمله الفني، بل كان يحثه على الجد في العمل وهو ما فعله مروان، ليضيف أن عمه رغم ضيق وقته، كان يخصص فترات يقضيها مع العائلة. للإشارة، قال سعيد بن زرقة، المستشار في هذا المشروع المتمثل في استعادة ذكرى عبد القادر فراح والذي وقعه الفنان زياني شريف عياد، إن الطبعة المقبلة لهذه التظاهرة، ستكون سنة 2019 وستعرف برنامجا أكثر ثراء من للطبعة الأولى.