دعا وزيرا الثقافة عز الدين ميهوبي والسياحة والصناعة تقليدية حسان مرموري أمس، المشاركين في الندوة الوطنية حول «تطوير السياحة الثقافية وترقيتها»، المنظمة بفندق «الأوراسي» بالجزائر العاصمة، إلى إيجاد أرضية عمل مشتركة تجمع القطاعين، بغرض الوصول إلى حلول ملموسة من شأنها تحويل التراث الثقافي إلى منتوج سياحي، والاشتغال على الترويج له بطرق حديثة كالاستعانة بالانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وأكد وزير الثقافة عزّ الدين ميهوبي في مداخلته، أنّ الحكومة تتطلّع لاسترجاع مكانتها السياحية من خلال تبني خيار التنمية المستدامة، الهادفة إلى تعزيز الرخاء الاقتصادي والاجتماعي وتنويع مصادر الدخل خارج المحروقات. وقال ميهوبي إن المسعى الثقافي الاقتصادي، يتطلب بالضرورة منهجية عمل محكمة، تقوم على احترام التنظيمات والنظم ودفاتر الشروط، بما يضمن سلامة التراث الثقافي في علاقة وظيفية متوازنة، تجمع بين المصلحة الاقتصادية واحترام متطلبات الحماية والحفظ، لاسيما عبر مراجعة قانون التراث الثقافي. وأوضح الوزير أن وضع آليات مشتركة بين القطاعات المعنية على المستوى المحلي، من شأنه أن يذلّل العقبات التي تؤثر على أداء المتعاملين وتوفير خدمات نوعية للسياح وإعادة بعث الحرف والأنشطة والصناعات التقليدية بالمواقع أو بجوارها، عبر إعداد خريطة أثرية وتحرير الجانب الاقتصادي للتراث. وأبرز ميهوبي ضرورة تسخير وسائل وطاقات قطاعات الثقافة والسياحة والصناعة التقليدية والجماعات المحلية، لترقية الوجهة السياحية الثقافية للجزائر والرفع من قدرات المرشدين السياحيين، فضلا عن ترقية اللمسة الجزائرية في الخدمات الفندقية وفي هندستها المعمارية وتهيئتها الداخلية. وطلب وزير الثقافة من أصحاب وكالات السياحة والأسفار، استغلال القدرات الثقافية الهائلة التي تتمتّع بها الجزائر وربط علاقات عمل مع مؤسسات قطاع الثقافة في الكثير من الجوانب على غرار تحديد المسالك السياحية وتوفير المرشدين في المتاحف والمواقع والمعالم الأثرية. كما دعا القائمين على الاستثمار في المرافق الفندقية، إلى تثمين الطابع الفني الجزائري المستلهم من التراث الثقافي، في تهيئة الفنادق وتجهيزها وترقية الطبخ والزي الجزائريين، وتخصيص فضاءات لتسويق الصناعات الحرفية والأعمال الفنية في المركبات السياحية. من جهته، قال وزير السياحة والصناعة التقليدية حسن مرموري إن المنشآت والمرافق، التي تزايدت في الآونة الأخيرة، يمكن استغلالها في تنشيط السياحة الثقافية، مشيرا إلى أنه أعطى توجيهات إلى كل المتعاملين السياحيين من أجل إدراج المتاحف والمواقع الأثرية ضمن الدورات السياحية وإدماج مختلف الاحتفالات والمهرجانات الشعبية والأطباق والأكلات التقليدية في البرامج السياحية. ولفت مرموري إلى أن حركية الاستثمار السياحي في الجزائر عرفت وتيرة متصاعدة في الفترة الأخيرة، تؤكدها حسبه الأرقام المسجلة حديثا، والتي تشير إلى اعتماد 1991 مشروعا سياحيا يسمح بإنجاز أكثر من 262 ألف سرير جديد، من بينها 778 مشروعا في طور الإنجاز بطاقة 100 ألف سرير، مبرزا أهمية هذه الانجازات الاستثمارية في تعزيز قدرات الإيواء وتنشيط السياحة في الجزائر. وبعد أن ذكر بأنّ الصناعة التقليدية تجمع في طياتها البعد الثقافي والتراثي، الذي يعد عنصرا مكملا للسياحة الوطنية، أشار مرموري إلى أن هذا المحور حظي بمخططين استراتيجيين لتنمية الصناعة التقليدية، مؤكدا أن وتيرة الصناعة التقليدية تعرف تزايدا ملحوظا بتسجيل تأسيس 346 ألف نشاط في نهاية 2017، بما يوفر حوالي 890 ألف منصب شغل ويساهم في الناتج الداخلي الخام ب254 مليار دينار. وأكد وزير السياحة بالمناسبة بأن مصالحه مدركة جيدا أن تنمية السياحة الثقافية باستغلال الإمكانيات الهائلة المتوفرة، كفيلة بتحريك النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والحفاظ على الهوية الجزائرية، مقدرا بأن تكريس العلاقة بين الثقافة والسياحة، يستدعي تفعيل دور المواقع الأثرية والمتاحف، بإشراك السكان، «مثلما يحدث في المهرجانات، حيث تنتعش سوق الصناعة التقليدية والنقل والإيواء، وهو ما يلعب دورا هاما في التنمية المحلية». وخلص وزير السياحة والصناعة التقليدية إلى سعي وزارة السياحة والصناعة التقليدية ليكون عملها المشترك بمثابة جسر يربط السياحة بالتراث الحضاري للجزائر، ومسارا لصناعة متكاملة وفعّالة من شأنها ترقية وجهة الجزائر السياحية.