كلما فتحت أبواب الفن كلما كان الخط ترجمان الجماليات وبعدها الذهني من حيث الصورة، وشكل المقاسات التي يحدثها في الرؤيا ويعيد تفجيرها في التشكيل فتتواجد بتناسق وتتقاطع لتشكل فنا قائما بذاته، هو فن الخط العربي الذي يتميز عن كل الخطوط والتشكيلات الجمالية الأخرى، ولهذا الفن أسراره وخفاياه وتجلياته وأضواؤه فأحدث بذلك مذهبا فنيا تأسست له المدارس وتبارت في إبراز جمالياته الأقلام والأذهان، ولهذا أصبح الخط فنا من الفنون الجميلة· والجزائر تحتضن الثقافة العربية ارتأت أن تشد هذه الثقافة من خلال الخط العربي فاحتضنت مهرجانه الأول بقصر الرياس والذي سيستمر لغاية العاشر من شهر جانفي 2008· الخط فن وينبغي لهذا الفن أن لا يبقى منزويا في المعارض أو المراسلات الرسمية بالتهاني ومتداولا بين شريحة خاصة في الوقت الذي نجده في تدهور كبير ومستمر على المستوى المدرسي والجامعي، فهذا التشكيل الجميل والذي كان مادة رسمية في المدارس تقررها البرامج التربوية، أصبح ملغيا من الأقسام وأصبحت خطوط التلاميذ في المدارس والإكماليات بل وحتى الثانويات والجامعات طلاسم لا يمكن حلها وفهمها· ولهذا ليس من الغريب أن يدعو الأستاذ عبد الحميد اسكندر محافظ المهرجان للخط العربي الخطاطين العرب إلى إنشاء اتحاد الخطاطين العرب يسهر على ترقية الخط العربي·كما دعا إلى إنشاء مدارس خاصة من أجل تدريس القواعد الأساسية للخط العربي للشباب· أما عن الخط في الديار المغاربية نشأته وتطوره وخصائصه الفنية فقد ألقي في هذا الموضوع الخطاط المغربي عمر أفا محاضرة أكد فيها على أهمية هذا الفن الذي وحد بين الشعوب والذي جعل هذه الأمة تعتز بتراثها وترتبط به في زمن التمزقات والتصدعات التي هدمت الكثير من القيم الأخلاقية والجمالية حيث يبقى الخط العقد الوحيد الذي يربط الماضي بالحاضر والحاضر بالمستقبل، فلا كيان ولا مستقبل إذا ما انهار هذاا لصرح الحضاري· أما عن الجوانب الفنية فقد اعتبر المحاضر الخط العربي من أكثر الخطوط في العالم تنوعا ومرونة وجمالية مع قدرته اللامحدودة على التطور·ولم يغفل المحاضر التطرق إلى المراحل التي مر بها الخط العربي في استعراض تاريخي بعيد ليصل به إلى المرحلة المتقدمة التي أصبح من خلالها فنا من الفنون المعبرة عن الجماليات· وهذا ما جعل المحاضر يدعو إلى إدماج الخط في حياتنا العملية من خلال التدريس إلى جانب تقعيد الخط المغربي من خلال وضع قواعد وموازين تضبطه وتسهل انتشاره·