حذّرت إيران، أمس، الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب من كل مغامرة للانسحاب من الاتفاق النووي الموقّع بينها وبين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا شهر جويلية 2015 بالعاصمة النمساوية فيينا. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس، إن الرئيس الأمريكي سيندم أشد الندم في حالة اتخذ قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي، مؤكدا أن بلاده وضعت كل البدائل الممكنة من أجل مواجهة هذا القرار بدون أن يحدد طبيعتها. واكتفى الرئيس روحاني بالقول إنه أعطى منذ عدة أشهر أوامر محددة للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية لتنفيذها على الفور في حال أقدمت الإدارة الأمريكية على تنفيذ وعيدها بالانسحاب من الاتفاق النووي. وجاءت تحذيرات الرئيس الإيراني ستة أيام قبل يوم 12 ماي الجاري الذي حدده الرئيس ترامب، كآخر مهلة للدول الموقّعة عليه، لإدخال تعديلات على مضمونه بكيفية تشدد المراقبة الدورية على المنشآت النووية الإيرانية، وإلا انسحب منه بدعوى أنه يضمن لإيران امتلاك القنبلة النووية. كما أنها جاءت بعد تسريبات الوزير الأول الإسرائيلي خلال زيارة كاتب الخارجية الأمريكي إلى الكيان المحتل مايك بومبيو بداية الأسبوع الماضي، عندما راح ينشر وثائق إيرانية، قال إنها في غاية السرية، تمكن جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» من الحصول عليها، وتأكد من خلالها حسب أقواله أن إيران على وشك الإعلان عن امتلاكها القنبلة النووية. وهي التسريبات التي طعنت طهران في صدقيتها، وجعلت الرئيس حسن روحاني يؤكد في خطابه أنه يتعين على الولاياتالمتحدة وإسرائيل أن يدركا أن الشعب الإيراني بكل توجهاته السياسية، موحد بخصوص هذه القضية الوطنية. وشددت السلطات الإيرانية من لهجتها باتجاه الولاياتالمتحدة بشكل لافت هذه الأيام، بعد أن سبق لمستشار الشؤون الدولية لمرشد الجمهورية الإسلامية علي خامينائي، أن توعد هو الآخر بأن بلاده ستُسحب من هذا الاتفاق في حال انسحبت الولاياتالمتحدة منه. وشكل الموقفان الأمريكي والإيراني المتعارضان حد التنافر مأزقا حقيقيا بالنسبة للدول الموقّعة على الاتفاق التي احتارت في كيفية التعاطي مع الموقف في حال أقدمت الولاياتالمتحدة على تنفيذ تهديداتها؛ من منطلق أن انسحاب أحد الموقّعين عليه، سيعيد الجدل بخصوص البرنامج النووي الإيراني إلى نقطة البداية مع كل التهديدات التي صاحبته والجهود الدبلوماسية الدولية غير المسبوقة التي بُذلت على أكثر من صعيد، ومكنت في النهاية من التوصل إلى إيجاد أرضية توافقية، حافظ كل طرف على ماء وجهه في قضية كادت أن تتحول إلى حرب إقليمية. ويتأكد من يوم لآخر حسب كل معطيات القبضة بين إيرانوالولاياتالمتحدة، أن الرئيس الأمريكي مصمم على الذهاب في تهديده إلى نهايته رغم النداءات الدولية المتكررة من أجل عدوله عن موقفه. وصبت الزيارات الرسمية التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى واشنطن نهاية الأسبوع الأخير، في سياق محاولات لتليين موقفه، وتأكيد له أن مكاسب الاتفاق أكبر من مساوئه، وبالتالي توجب المحافظة عليه. وهي المهمة ذاتها التي انتقل من أجلها وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى الولاياتالمتحدة أمس؛ علّه يغير من موقف الرئيس دونالد ترامب. ولكن هل ينجح جونسون حيث فشلت ميركل وقبلها ماكرون؟ وهو السؤال الجوهري الذي يطرح أيضا في موسكو وبكين اللتين عارضتا من جهتهما، كل فكرة للانسحاب من الاتفاق النووي، واعتبرتاه بمثابة أكبر إنجاز تحققه الدبلوماسية الدولية في السنوات العشر الأخيرة، وبالتالي لا يجب إجهاضه لمجرد نزوة انتابت الرئيس دونالد ترامب، الذي قال بوجود ثغرات كبيرة فيه، ويتعين رأبها لمنع إيران من استغلالها. وهو ما جعل وزارة الخارجية الروسية تحذر من جهتها أمس، من كل قرار أمريكي يصعّد الموقف في المنطقة العربية. وأكدت أنه يشكل تهديدا على الإطار القانوني الدولي. وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية: «إن الإعلان من جانب واحد بأن هذه الاتفاقية يمكن حلها بالشكل الذي نسمعه من الأمريكيين، يُعد بمثابة تهديد للأسس القانونية الدولية، ولن يضيف ذلك أي شيء للسلام والأمن الدوليين.