"خوارزميات، فكرية رياضية"، هو عنوان المصنّف الذي أصدرته مديرية الثقافة لولاية المدية للأستاذ علي خليفي، وهي عبارة عن مقالات نشرت سابقا في أسبوعية "إعلام تك" المتخصّصة في مجال الإعلاميات، وذلك في محاولة "لتطوير اللغة العربية التي يرميها أبناؤنا بالتخلّف والعجز عن مواكبة حركة العلم والتكنولوجيا"..، الأستاذ علي خليفي جعل في "خوارزميات" للمتخصّص في مجال الإعلام الآلي آفاقا واسعة ندية، ووضع فيها لغير المتخصّص ضوابط منطقية وحسابية فضيّق آفاقه الواسعة وجفّف نداوته الرائعة لعلّهما يلتقيان في نقطة تقاطع، وحاول في مختلف الفصول التي توقّف عندها أن يمنح القارئ منهجية لتصويب رفرفاته الروحية وتصفيف دارة عقله المنطقية، وأخرى لاستخراج الخيرات والكنوز الكونية الطبيعية التي ليست كلّها جاهزة وصالحة للاستهلاك، فلابدّ من التنقيب والبحث عنها ثمّ معالجتها وصياغتها وتجميلها بعد كلّ ذلك. ويقول الأستاذ خليفي في كتابه "إنّ حركة العقل تتمّ من خلال التفاعل الدائم المستمر بينه وبين الكون، وأثناء استجابة المرء لمطالب أشواقه الروحية الرفرافة وتطلّعات مداركه المعرفية التوّاقة، ومطالبه البيولوجية الصائحة الملحاحة يحتاج إلى منهجية". ويضيف " هذه الدوافع والمطالب، هذه المشاكل والمتاعب، هذه الآلام والمصائب.. هي التي تضطر وتفرض على العقل أن يستخدم الخوارزميات ليعرف نسيج الأسباب فيدرك من ثمّ علاقات الحساب، فيصنع العجلة الدائرة ويوجّه الطاقة الفائرة، ويصنع الرافعات لتخدم العضلات، وتعطيه الكهرباء بعض أسرارها فيسخّرها في حسابات ومجهود أعمال عقله الدقيقة المرهقة، وفي التقليص من ثقوب النسيان، دالة الإنسان". الكتاب الواقع في اثنتي عشرة صفحة بعد المائتين يستعرض منطق الأستاذ خليفي الذي يؤكّد أنّ "هذه المنهجية هي المعنى العميق للخوارزمي، التي تعرف الآن بالطريقة المثلى لإيجاد البرامج المسيّرة للحاسوب، مع أنّها - الخوارزميات - من عمل العقل الباطن بصور تلقائية، ومن عمل العقل الظاهر بصورة إرادية، وهي تحاول تقديمها للقرّاء للتعوّد على مناهج البناء". ويستأنف بالإشارة إلى ضرورة وجود خوارزميات منطقية سليمة ننسج من خلالها أنظمة علمية تضبط وتربط بين جميع تلك العلاقات، من منطلق أنّ الحياة كلّها عبارة عن علاقات بكلّ أنواعها الروحية والعقلية والنفسية - بالنسبة لأجهزة الإنسان - وبكلّ أنواعها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية - بالنسبة للمجموعات البشرية - وبكلّ ما ينتج عن جميع تلك المجموعات من تفاعلات. الأستاذ خليفي يواصل تقديم مصنّفه الجديد، للقول أنّ هذا الكتاب يتضمّن خوارزميات عددية مضبوطة، منسوجة بعلاقات فكرية ونداوة أدبية ولغة جافة تجاور اللغة العربية الشاعرة الثرية، تتّبع كلّها مسالك منهجية، فتعين المتخصّص في البرمجة وتضيف إلى نفسه راحة منطقية، وإلى عقله منطقة راحة، ويجد فيها غير المتخصّص في برمجة الحاسوب فرصة لمعرفة هذا العالم الغبي وهذا الميّت الوفي، ويستفيد من الأسس المنهجية والخطوات الخوارزمية في حلّ مشاكله اليومية وبناء أفكاره وتوجيه رغائبه والتحكّم في فورات غرائزه وشهواته ولذاته.