اتجه اهتمام عدد من المختصين في علمي النفس والاجتماع، إلى إيلاء أهمية كبيرة للأطفال، خاصة بعدما عرف المجتمع الجزائري مؤخرا، انتشار ظواهر سلبية ناجمة عن تراجع المنظومة الأخلاقية، ولعل أخطرها اغتصاب الأطفال. ورغم وجود جملة من القوانين التي تم إقرارها لتعزيز حقوق الطفل ومعاقبة المعتدين، إذ يجمع أغلب المعنيين بملف الطفولة بأن الحماية لابد أن تبدأ من تعليم الطفل أبجديات الدفاع عن النفس، من خلال توعيته بحقوقه، ليتعلم الدفاع عن نفسه، وهو ما حاولت المختصة في علم الاجتماع الأستاذة أمال باشي، تسليط الضوء عليه في هذا السياق. ❊رشيدة بلال تقول المختصة الاجتماعية في بداية حديثها ل«المساء"، بأنه "عند الحديث عن مختلف الأخطار التي تهدد حياة الأطفال، يأتي في المقام الأول الاعتداء الجنسي الذي لم يعد للأسف يمس الإناث فقط، بل وحتى الذكور، ناهيك عن أن هذه الأفعال الشنيعة لم تعد تصدر عن أشخاص مضطربين أو مختلين أو مدمنين، وإنما أصبحت أيضا تصدر عن أشخاص عاديين، كثيرا ما يكونون من أقارب المعتدى عليه، حيث يتحولون إلى وحوش بشرية ضحاياهم أطفال بريئة". حول الأسباب التي جعلت الاعتداءات الجنسية تتربع على رأس الجرائم التي تهدد حياة الأطفال في السنوات الأخيرة، أشارت المختصة الاجتماعية في معرض حديثها، إلى أن الأسباب متشابكة وعديدة، غير أن "أغلبها ذات طابع اجتماعي، مرجعه إهمال الأبناء وتخلي الأولياء عن دورهم في التربية، خاصة بعدما خرجت الأم للعمل وأوكلت مهمتها للمربية أو الروضة، ناهيك عن نقص الوازع الديني وتفشي البطالة التي نتج عنها حالة فراغ كبيرة يعيشها الشباب تحديدا"، إلى جانب "عدم القدرة على الزواج الذي من أهم نتائجه، الكبت الجنسي، الأمر الذي يقود إلى البحث عن قنوات لإفراغ النزوات في أشكال مختلفة"، مشيرة إلى أن التكنولوجيا أيضا تعد من أهم الأسباب المباشرة لانتشار جملة من الظواهر السلبية والمشجعة على تفاقم الاعتداءات الجنسية، خاصة من المواقع الإباحية، بالنظر إلى سهولة الوصول إليها. «الأسباب المؤدية إلى ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال، أضحت اليوم معروفة لدى العام والخاص، لذا أعتقد، تقول المختصة الاجتماعية، "أنه من الأجدر تسليط الضوء على أهم النصائح والتوجيهات التي ينبغي للأولياء العمل بها من جهة، وتوعية الأطفال، خاصة خلال العطلة الصيفية، حيث تكثر مثل هذه الاعتداءات لأن البعض يمضون أغلب وقتهم خارج المنزل، بالتالي من الأجدر تعليمهم كيف يمكنهم حماية أنفسهم بأنفسهم". ومن جملة هذه النصائح، تردف: "تربية الطفل على الحب والثقة في والديه، مع التأكيد على عنصر الثقة الذي من شأنه أن يعزز ثقافة التواصل بينهما، مصاحبة الأبناء والتقرب منهم والنزول إلى مستواهم ومعرفة متطلبات، مع السعي إلى ملء وقت فراغهم بممارسة رياضة معينة، تعلم لغات، مطالعة وألعاب ترفيهية". بالمناسبة، تشير إلى أن العديد من الجمعيات والمعاهد والمراكز تنظم أنشطة ترفيهية تربوية للأطفال بمناسبة العطلة، كما يمكن "مراقبة سلوك الأطفال أثناء لعبهم بمفردهم أو مع أصدقائهم، وعدم تركهم أمام شاشات الكمبيوتر والهواتف النقالة بدون مراقبة، خاصة أن خلف تلك الشاشات نجد صفحات إشهارية إباحية ومواقع ممنوعة على الأطفال، من السهل الوصول إليها دون أن ننسى تؤكد "ضرورة التربية الجنسية حسب سن الطفل، وتوعيته بجملة التغيرات الجسمية والإجابة عن تساؤلات تراوده عوض البحث عنها في الأنترنت، أو يتلقاها بشكل سلبي من أصدقائه". من جملة التوجيهات التي يجب أيضا التأكيد عليها، حسب المختصة الاجتماعية، تقول "التواصل مع مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى، مثل المسجد الذي من شأنه المساهمة في عملية الحماية، مشيرة إلى أن أهم مسألة تتمثل في ضرورة توعية الأولياء أبناءهم بشأنها وينبغي للأطفال الاقتناع بها، وهي أن جسمهم منطقة محرمة ولا يسمح لأحد التقرب منها، ناهيك عن تجنب ترك الطفل بمفرده في البيت أو مع أصدقائه لساعات طويلة، وتنبيهه إلى وجوب عدم مشاركة سريره مع طفل آخر مهما كان، وعدم الثقة في الغرباء ولا الأقرباء، خاصة أننا نعلم تقول محدثتنا "أن العطلة الصيفية فترة يزور فيها الأطفال أقاربهم من دون أوليائهم".