تستقبل المؤسسات الفندقية والمحطات الحموية بولاية قالمة طوال فصل الصيف، أعدادا كبيرة من السياح الذين يتخذون من المنطقة محطة للمزاوجة بين متعة الاستمتاع بشواطئ الولايات السياحية والعلاج بالمياه الساخنة. وأكثر ما يجعل من قالمة وجهة مفضّلة لكثير من السياح المحليين والأجانب على مدار أيام السنة بما فيها فصل الصيف، تلك المؤهلات والمزايا الجغرافية والطبيعية المدعمة بتوفر المرافق والظروف الأمنية، وهي العوامل التي حوّلتها إلى قطب سياحي متكامل. تحطّ عائلات بأكملها رحالها طوال فترة فصل الصيف بمنطقة حمام دباغ السياحية الواقعة على نحو 25 كلم من غرب الولاية، والمعروفة بمركباتها السياحية وشلالها الذهبي. فقد نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن رئيس المجلس الشعبي البلدي محمد فريعن، أن المدينة تشهد في هذا الفصل توافد عدد كبير من سياح المناطق والولايات الجنوبية من الوطن، مضيفا: "من خلال ترقيم سيارات العائلات التي تقضي فترة طويلة من الصيف بالمرافق السياحية وحتى بعض السكنات المؤجرة بمنطقة حمام دباغ، يمكن القول إن أغلب الزوار في هذه الفترة من ولايات وادي سوف وبسكرة وورقلة وغرداية وحتى الأغواط والجلفة". نسب عالية للسياحة الحموية الصيفية اعتبر المسؤول المحلي أن فكرة ربط السياحة الحموية بالمنطقة فقط في فصلي الشتاء والربيع، فكرة خاطئة، مبرزا أن السياحة الحموية الصيفية تسجل هي الأخرى نسبا عالية من توافد الزوار والسياح، الذين تعجز المرافق السياحية المعتمدة قانونا، عن استيعاب أعدادهم؛ مما يفتح الباب أمام بعض ملاك السكنات الخواص بالبلدية، لتأجيرها مقابل مبالغ مالية متفق عليها مع السائحين. ويرجع سبب الإقبال على منطقة حمام دباغ - حسب المنتخب - إلى عدة عوامل، من بينها الموقع الجغرافي الهام لولاية قالمة بصفة عامة، والتي تتوسط عدة ولايات ساحلية، حيث تبعد عن عنابة بنحو 60 كلم، وعن سكيكدة بحوالي 80 كلم، وعن ولاية الطارف بما يفوق 100 كلم، مشيرا إلى أن المسافات التي توصل إلى كل هذه المناطق مقبولة جدا، كما أنّ أسعار المرافق السياحية بقالمة هي في متناول العائلات أيضا. والسبب الثاني وراء محافظة النشاط السياحي الحموي على ديناميكيته في الصيف، يتركز - استنادا إلى السيد فريعن - في تفضيل نوع خاص من السياح على جعل العطلة الصيفية مناسبة للاستمتاع ببرودة مياه الشواطئ المتواجدة بالولايات السياحية نهارا، والعودة ليلا إلى العلاج والاستمتاع بمياه الحمامات التي تصل درجة حرارتها إلى ما يقارب 100 درجة مئوية. مرافق لائقة وطبيعة خلابة في نفس السياق، يقول السيد حمادي القادم من ولاية وادي سوف، إنه يفضّل في كل موسم صيف أن يستقدم عائلته إلى منطقة حمام دباغ؛ لما تتوفر عليه من مرافق استقبال لائقة، وفي نفس الوقت المواقع الطبيعية الجميلة التي تحيط بالمنطقة، من بينها غار جماعة التابع لبلدية بوهمدان بجبال طاية. ولعل أهم منطقة تتمتع بالشهرة مباشرة بعد حمام دباغ قرية حمام أولاد علي المعزولة وسط الطبيعة العذراء الواقعة على بعد 20 كلم شمال قالمة، والتابعة إداريا لبلدية هيليوبوليس، وهي تتوفر على مركبين سياحيين كبيرين متخصصين في العلاج بالمياه الساخنة، يضاف إليهما نزل عمومي تابع لبلدية هيليوبوليس وبيت للشباب. وما عزّز من مكانة هذه المنطقة شبه النائية وجعلها تستهوي الزائرين من كل ربوع الوطن، الخدمات النوعية التي يقدمها المركبان السياحيان الموجودان بها، وهما محطتان حمويتان تم إنجازهما في إطار مشاريع استثمارية خاصة، وكل محطة منهما تتوفر على فنادق بها عدد كبير من غرف الإيواء إضافة إلى بنغالوهات أو سكنات فردية وغرف استحمام وأماكن للعلاج والتسلية والترفيه. وحسب مسيّر أحد هذين المركبين، فإن الإقبال على المرافق المتواجدة بالمركب خلال فصل الصيف، جيد خاصة فيما يتعلق بغرف الفنادق والبنغالوهات، مشيرا إلى أن المقبلين على المنطقة يستهدفون قضاء عطلة صيفية هادئة وسط طبيعة خلابة ومعزولة مع الاستمتاع بالمزايا العلاجية للمياه الساخنة. يقول أحد الزوار وهو السيد عبد القادر القادم من ولاية المسيلة، بأنه "يفضّل هذا المركب المتواجد بحمام أولاد علي لنوعية الملاحق والبنغالوهات التي يتوفر عليها، والتي تسمح له بتجميع عائلته الكبيرة لقضاء عطلة جيدة"، مشيرا إلى أن "منطقة حمام أولاد علي لا تبعد سوى ب 50 كلم عن شواطئ عنابة، ونفس المسافة عن أقرب شاطئ من سكيكدة". 13 منبعا ساخنا بصفة دائمة تشير الإحصائيات التي قدمتها مديرة السياحة بقالمة السيدة ماجدة زنادي، إلى أن العدد الإجمالي لغرف الحمامات المستغلة على مستوى الولاية، يقدّر حاليا ب 467 غرفة استحمام متركزة في 04 بلديات، وهي حمام دباغ وهيليوبوليس وحمام النبائل وعين العربي، ومفيدة بأن حرارة المياه المستغلة تتراوح ما بين 52 و97 درجة مئوية، حسب كل موقع. وأوضحت أن ولاية قالمة تتوفر على 13 منبعا حمويا ساخنا موجودة بصفة دائمة، ولها نسب تدفق جيدة، ومنها 05 منابع متركزة بحمام دباغ، و03 منابع بقرية حمام أولاد علي بهيليوبوليس، ومنبعان 02 ببلدية عين العربي ومنبعان 02 بحمام النبائل، مقابل منبع واحد ببلدية بوحشانة، وهي منابع تتوفر، حسب المختصين، على مواصفات كيميائية مفيدة لعلاج عدة أمراض، منها الجلدية وأمراض المفاصل والأعصاب ومشاكل التنفس والأذن والحنجرة. وتذكر نفس المسؤولة أن العدد الإجمالي من المتوافدين على المؤسسات الحموية خلال الأربعة أشهر الأولى من 2018 بالولاية، يقارب 130 ألف زائر بين جزائري وأجنبي، مضيفة أن المركبات الحموية استقبلت برسم سنة 2017، ما مجموعه 289.348 سائحا جزائريا و325 سائحا أجنبيا. وتُعتبر السياحة الحموية العربة القوية التي تجر قطار الاستثمار السياحي بولاية قالمة، حسب رأي مسؤولة القطاع بالولاية، التي أفادت بأن قالمة تتوفر حاليا على 16 مؤسسة فندقية بين حضرية ونزل وحموية؛ بقدرة إيواء إجمالية تصل إلى 1651 سريرا، أهمها المركبات ذات الطابع الحموي. وتنظر السلطات المحلية بعين متفائلة كثيرا إلى واقع القطاع السياحي بولاية قالمة في ظل العدد الهام من المشاريع الجاري إنجازها في إطار الاستثمار الخاص، والتي يصل عددها حسب أرقام القطاع السياحي حاليا، إلى 10 مشاريع كبيرة بقدرة إيواء إجمالية تفوق 1500 سرير إضافة إلى مشاريع أخرى لم تنطلق بعد.