دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة المنظمات النقابية الإفريقية لتعزيز التعاون والتضامن النقابي حتى تكون قوة اقتراح في المحافل والمنظمات الدولية،دفاعا عن مصالح القارة الإفريقية في إطار المبادئ التي تتقاسمها مع هذه المنظمات، معبرا عن رفضه لصياغة القوانين الدولية وقواعدها في غياب إفريقيا التي لا زال ينظر إليها العالم كسوق استهلاكية فقط. وألح رئيس الجمهورية في رسالة وجهها بمناسبة انعقاد الدورة ال 41 لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية أول أمس، بالجزائر قرأها نيابة عنه السيد طيب لوح، وزير العدل، حافظ الأختام الذي مثله في هذا اللقاء، على ضرورة تآزر الحركة النقابية الإفريقية في أدائها حتى تكون قوة اقتراح فاعلة على المستوى الدولي، وحتى يكون لها تأثيرها على الاتفاقيات المبرمة والقرارات المتخذة، مشيرا إلى أنه حان الأوان لتغيير النظرة إلى إفريقيا التي ظل ينظر إليها للأسف من طرف الدول المتطورة والمصنعة كسوق لتسويق المواد والسلع الاستهلاكية. وأضاف رئيس الجمهورية أن إفريقيا لها إمكانيات وكفاءات وثروات بما يسمح لها بأن تكون قوة اقتصادية، موضحا أن مبادرة تنمية إفريقيا "النيباد" تعمل جاهدة على إزالة هذه المواقف عند الدول المتطورة. وهو السياق الذي قال من خلاله الرئيس إن الأداء الإفريقي يجب أن يتطور على صعيد حركته النقابية بنفس الوتيرة ونفس الجهود المبذولة في المجالات المختلفة، ما دام هدفه الأسمى يبقى تشييد إفريقيا الموحدة والمتضامنة. وما دامت حتميات التطور والتنمية والدافع عن حقوقها ومصالحها المشتركة تبقى رهينة ما تحققه على صعيد التكامل الإقليمي وما تنجزه من الانسجام والتناسق في الرؤى. وإن كانت القوى الاقتصادية الكبرى لازالت تنظر بنظرة إقصاء وتهميش إلى إفريقيا، فإن هذه الأخيرة يقول الرئيس تشكل جزءا من الحلول لمواجهة التحديات المتشعبة التي يعرفها العالم اليوم والتي أملتها العولمة وغيرها من ظواهر الإجحاف والتي تتطلب اليوم مراعاة القيم الإنسانية والابتعاد عن أشكال الاستغلال التي تتنافى مع المبادئ الاقتصادية. وأفاد الرئيس أن نضال الأفارقة عبر الاتحاد الإفريقي بإمكانه أن يساهم في إحداث التنمية وجعل موارد القارة لصالح أبنائها قصد تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إطار دولة الحق والقانون بتعميق الوعي من التحديات التي تواجهنا والعمل على محاربة الإرهاب الذي يتغذى من التهميش وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمآسي الاجتماعية. من هذا المنظور، تبرز كما قال رئيس الجمهورية مسألة احترام حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية والمساواة بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات وكذا رشاد الحكم السياسي والاقتصادي مع ترقية الشفافية ومحاربة الفساد والمساءلة ومحاربة الجريمة بكل أنواعها، وهي المبادئ التي تناضل الجزائر من أجلها قناعة منها بأنها مفاتيح كل تقدم سوي وسليم. وإن توقف الرئيس في كلمته عند ابتعاد العالم عن مبادئ السلم والأمن، فقد دعا إلى تقوية آليات التحصين ووحدة النسيج الاجتماعي لمواجهة محاولات زعزعة الاستقرار في إفريقيا الذي يبقى شرطا أساسيا لكل تقدم. وجدد رئيس الجمهورية في هذه الرسالة التي وجهها للنقابيين الأفارقة، التذكير بأن التعاون بين دول الجنوب يعد مبدأ راسخا ومن الثوابت التي تتمسك بها الجزائر. مجددا التأكيد على أن الجزائر عملت وستواصل كما هو دأبها على الدوام العمل من أجل أن تكون القارة الإفريقية أرضا للسلام والاستقرار والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والحريات. وفي سياق الحديث عن تكريس الحق النقابي، ذكرت الرسالة بالمكاسب التي حققتها الجزائر في المجال بفضل سياسة الحوار الاجتماعي الذي "وفر إمكانية الوصول إلى اتفاق للعمل المشترك في مناخ ملائم لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية"، وبمصادقتها على 60 اتفاقية دولية في مجال العمل، 8 منها تتعلق بممارسة الحق النقابي، بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتعزيز الحماية الاجتماعية في عالم الشغل.