تستقطب وعدة الولي الصالح "سيدي لزرق" السنوية (35 كلم جنوب مدينة غليزان)، التي انطلقت فعاليتها مؤخرا بالبلدية التي تحمل نفس الاسم، جمهورا غفيرا للزوار الذين قدموا من مناطق مختلفة من الجهة الغربية للوطن. وقد دأب سكان المنطقة على إحياء هذه الوعدة خلال بداية كل فصل خريف، بإكرام زوار ضريح هذا الولي الصالح من أهل المنطقة، الذين يجتهدون في تقديم طبق الكسكسي على مستوى الخيم التي تقام بهذه المناسبة. يتكفل أحفاد عرش فليتة من أبناء سيدي يحي، بنصب الخيم التي تجمع الزوار وحفظة كتاب الله الذين يتلون قراءة جماعية للقرآن الكريم، ويرددون بعض المدائح الدينية. كما يستمتع الحضور بعروض الفنتازيا التي يتفنن فيها عشرات الفرسان الذين يمتطون الأحصنة العربية والعربية البربرية الأصيلة من ولايات مستغانم، سيدي بلعباس، معسكر، تيارتوغليزان، والتي تجلب جمهورا غفيرا. يتخلل هذا التقليد السنوي على مدار يومين، نشاطات ترفيهية تمتع الزوار بوصلات فلكلورية يلتف حولها الزوار، وتُمتع الحاضرين بنغمات الزرنة والقصبة والطبل ووصلات من الغناء البدوي. يعتبر الولي الصالح سيدي لزرق (1809-1864) صوفيا ومجاهدا ضد المستعمر الفرنسي بمنطقة غليزان، التحق منذ صغره بجامع الحمومية (وادي السلام )، فتعلم القرآن الكريم والعلوم الدينية ودرس بالقلعة، ثم مازونة (غليزان)، وبعدها بزاوية الشيخ "بن قندوز القداري"، ثم بزاوية الشيخ "بلحرش" الواقعة في بلدية عين الحديد (تيارت)، ليسافر بعدها إلى البقاع المقدسة لإكمال تعليمه علي يد بعض العلماء المشارقة، ثم عاد إلى الوطن وقاوم المستعمر الفرنسي، ليستشهد في معركة "خنقة العازر" ضد قوات الجنرال "مارتينو" بمنطقة "الشهايرية" بدار "بن عبد الله" في جوان 1864، حسب المؤرخ محمد مفلاح. الجدير بالذكر أن الوعدات والمواسم الدينية المخلدة للأولياء الصالحين، أضحت من التظاهرات الكبرى في ولاية غليزان، وكذا المناطق المجاورة، ولم ينقطع السكان عن إقامتها منذ قرون مهما كانت ظروفهم، لما لهذه المناسبات من دور في ربط حاضرهم بماضيهم.