يعاني البعض من مواقف أثناء عمله تفقده السيطرة على إدارة شؤونه بحكمة وضبط أعصابه، لأنه يتفاعل ويتعايش يوميا مع الأحداث المهنية التي تمر به من مشقة العمل وتسلط بعض رؤساء العمل و عدم الاستجابة لمطالبه التي تعد حقوقا ومطالبته بأداء الواجبات، سيناريو متكرر وحرب نفسية عصبية تفقده التوازن السيكولوجي والاجتماعي. ويعتبر المختصون في المجال، الضغط النفسي والعصبي مشكلا من أخطر المشاكل التي لا تهدد الصحة الجسدية والنفسية للأفراد فحسب بل المؤسسات أيضا، إذ دلت الدراسات على أن كثيرا من الأشخاص يلجأون إلى التقاعد المبكر أو التوقف عن العمل بسبب مشاكل واضطرابات نفسية سببها العمل، مما يكلف الاقتصاد ميزانية إضافية لمعالجة المشاكل النفسية العصبية، بالإضافة إلى الخسارة في حجم الإنتاج السنوي نتيجة التوقف عن العمل، والأخطر من ذلك أنه يؤدي إلى تصلب الشرايين، ارتفاع ضغط الدم، الصداع النصفي، الاكتئاب، واضطرابات في الجهاز الهضمي. "سليمة" موظفة بمؤسسة خاصة تحكي لنا معاناتها في العمل وتقول:"أعاني من ارتفاع ضغط الدم بسبب ظلم وتعسف مسؤولي المباشر، فعدم تكافؤ الفرص واللامساواة في المعاملة، المنح والترقيات بين الموظفين، كلها عوامل تجعلني في حالة توتر وقلق مستمرة، مما يسبب لي ارتفاع ضغط الدم". حالة "محمد" مختلفة تماما إذ يصرح: "أشغل منصب مدير تسويق بشركة أجنبية ولا أخفيكم أن الراتب مغر جدا ولكنني في أغلب الأحيان متوتر عصبيا لأن وتيرة العمل سريعة جدا والتزاماتي الوظيفية غير محدودة، فأنا أعمل أثناء الدوام وبعده وأضطر في بعض الأحيان للعمل في عطلة نهاية الأسبوع، مما ينتج عنه الإخلال بالتزاماتي الأسرية والاجتماعية". وأثبتت دراسات حديثة في علم النفس أن تدني الرضا الوظيفي عند الأمهات العاملات يزيد من مستوى الإجهاد لدى أطفالهن، إذ وجد هرمون الضغط "الكورتيزول" بنسب عالية لديهم، حيث قام مجموعة من الأطباء بإجراء دراسة عن ست وخمسين(56) طفلا تتراوح أعمارهم بين 3 و 4 سنوات، بأخذ عينات من اللعاب في وقت الصباح والمساء لمدة 6 أشهر، ليثبتوا تواجد هرمون الضغط "الكورتيزول" بنسب عالية لدى أطفال أمهاتهم تشغلن وظائف مرهقة عاطفيا مقارنة مع أطفال أمهات يجدن الرضا في وظائفهن، حيث أن هذه النسب المرتفعة من "الكورتيزول" لها عواقب وخيمة على الصحة بشكل عام. وفي هذا الصدد يصرح الدكتور (جيسوب):"إن تحسين الرضا الوظيفي للأمهات العاملات يعني أنهن أقل تعرضا للضغوط" وتضيف الدكتورة (تيرنر كوب): "يمكن أن نساعد في حماية الأطفال من الآثار المترتبة عن وظائف أمهاتهن وإن تأمين الدعم الجيد في أماكن العمل للأمهات اللاتي لديهن أطفال صغار لهو أمر مهم جدا في دعم كلا من الأم و طفلها". ول "سهام" مساعدة مدير عام بمؤسسة وطنية ، وجهة نظرها في الموضوع إذ تقول :"أنا مطلقة وأم لطفلين، مهنتي متعبة وتتطلب الوقت والتركيز، ولا أخفيكم أنه من الصعب التوفيق بين العمل وتربية الأطفال في ظل غياب الشريك، فأنا أقوم بدور الأم والأب في نفس الوقت وهذا ما يجعلني غير متوازنة نفسيا، أنا أفقد السيطرة على أعصابي لأبسط شيء، مما يؤثر سلبا على أطفالي". من هنا يتوجب على أرباب العمل توفير الجو المهني المناسب، باعتبار أن الضغط المهني يهدد الأفراد والمؤسسات لأنه يسبب أمراضا خطيرة يمكن تجنبها ويؤثر سلبا على الإنتاج والمردودية، وذلك بتفعيل المتغيرات السلبية المسببة له إلى عوامل إنجاز وإبداع وتحفيز وتعزيز ثقة الموظف بنفسه وبالآخرين، حتى يكون الهدف السامي الذي يسعى إليه تحقيق الأفضل والأمثل بعيدا عن الانفعالات والتوترات.