في مبادرة مفضوحة وفي سياق تغطية الانتهاكات الإنسانية التي يمارسها على الشعب الصحراوي، يسعى النظام المغربي إلى اتباع أساليب تمويهية في التعاطي مع الأوضاع، وذلك بتنظيمه اليوم ما يسمى بندوة حول وضعية سكان مخيمات تندوف على ضوء القانون الدولي الإنساني. وحسب ما ذكرته الأنباء المغربية فإن الندوة تأتي "لتشخيص الأوضاع الإنسانية للمحتجزين في هذه المخيمات وكشف الممارسات السائدة فيها، والتي تتنافى مع قواعد القانون الإنساني وحقوق الانسان". وبلا شك فإن هذه المبادرة تأتي كرد فعل للمخزن الذي لم يهضم التقرير الأخير لمنظمة هيومن رايتس ووتس التي حملته مسؤولية تردي الأوضاع في المناطق المحتلة متهمة إياه بانتهاك حقوق الشعب الصحراوي وممارسة التعذيب في سجونه ضد كل من يناوئ أطروحاته بخصوص القضية الصحراوية. وبما أن التقرير قد أثار حفيظة المخزن الذي تنكر للحقائق التي كشفتها هيومن رايتس ووتش، فقد حاول ككل مرة إلصاق التهم الموجهة إليه بالجزائر، وهو ما يسعى إليه من خلال الندوة المفضوحة التي يعقدها اليوم ومن ثم إبعاد الأنظار عنه، لاسيما وأنها ليست المرة الأولى التي يتهم فيها المغرب بانتهاكاته لهذه الحقوق. ونتذكر جيدا عندما قامت السلطات المغربية مثلا بإطلاق الرصاص على مهاجرين أفارقة حاولوا اقتحام الأسوار التي تفصل المغرب عن مدينتي سبتة ومليلية في أكتوبر 2005، بالإضافة الى عدم تقديم المساعدات الانسانية لأفارقة تاهوا في الصحراء، وقد أثار هذا السلوك استياء منظمات حقوقية دولية استجوبت هؤلاء المهاجرين الذين أقروا بسوء المعاملة من قبل السلطات المغربية، في حين أوفد الاتحاد الافريقي لجنة تحقيق لهذا الغرض فكان الإجماع على عدم احترام المغرب لحقوق هؤلاء المهاجرين. ومثل هذه السلوكات اللاإنسانية ليست جديدة على المخزن من منطلق أن سجله مليء بسوابق التعذيب والتقتيل، ولم يطل ذلك الصحراويين فحسب، بل حتى مواطنيه الذين يشتكون من التضييق على حرية التعبير. فمن السخرية أن يلجأ المخزن لمثل هذه المبادرة لتصحيح صورته لاسيما من أجل إيهام الرأي العام المغربي بأن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يتخبط فيها سببها الجزائر التي تدعم القضية الصحراوية، وهي أحلام يقظة كثيرا ما يعد بها مواطنيه وفق أطروحة "مغربية الصحراء" التي لم تجد صدى إيجابيا بسبب إجماع الرأي العام الدولي على أحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ،، وما مبادرته هذه إذن إلا مجرد محاولة لتغطية الشمس بالغربال لا تختلف عن المحاولات اليائسة السابقة إلا من ناحية الشكل فقط.