* email * facebook * twitter * linkedin وقع الاتفاق مختلف القوى السياسية في العراق، أمس، للإبقاء على سلطة الدولة وهيئاتها والتحرك من أجل وضع حد لموجة الاحتجاجات التي تعصف بالبلاد منذ بداية شهر أكتوبر الماضي، حتى وإن استدعى ذلك اللجوء الى استخدام القوة ضد المتظاهرين. وأكد مصدر عراقي رفيع أمس، أن الاتفاق تم التوصل إليه خلال اجتماع عقد بمدينة النجف المقدسة لدى الطائفة الشيعية تحت أشراف الجنرال قائم السليماني، قائد القوات المكلف بالعمليات الخارجية للجيش الإيراني في المدينة. وتم اتخاذ هذا القرار الذي يحمل في طياته مخاطر قوية على الأوضاع الداخلية في العراق في ظل مهاجمة المتظاهرين لمقر القنصلية الإيرانية في مدية كربلاء ثاني أكبر المدن الشيعية المقدسة في العراق، وتوجيههم انتقادات لاذعة للجنرال السليماني. وحسب نفس المصدر فقد وقع الاتفاق أيضا بين مختلف قيادات القوى السياسية، ثلاثة أسابيع بعد اندلاع اعنف حراك شعبي في البلاد، الى رفض كل فكرة لإنهاء مهام الوزير الأول عادل عبد المهدي، رغم إصرار المتظاهرين على رحيله ووضعوا ذلك كشرط مسبق والإتيان بفريق حكومي جديد لوقف الاحتجاجات. وأضاف المصدر أن زعماء قوى سياسية ممن سبق وطالبوا برحيل الوزير الأول، تراجعوا عن موقفهم ومن بينهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي وافق على بقاء عادل عبد المهدي في منصبه. وقال إن القوى السياسية التي حضرت هذا الاجتماع الحاسم، وإن كانت رفضت رحيل الوزير الأول العراقي، إلا أنها طالبته بالإسراع في القيام بإصلاحات سياسية جذرية تلبي جانبا من مطالب المتظاهرين، خاصة في محاربة الرشوة وإجراء تعديلات على الدستور العراقي الحالي الذي طالب المحتجون بإلغاء العمل به. ولكن الأهم من ذلك أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين قادة هذه القوى منح الحكومة الضوء الأخضر من لوضع حد للمظاهرات بكل الوسائل المتاحة وهو ما يجعل اللجوء الى القوة العسكرية من بين الخيارات المتاحة لوقف أخطر حراك شعبي على أسس الدولة العراقية منذ الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين سنة 2003. وكشف المصدر العراقي المسؤول أن الجنرال الإيراني التقى بمقتدى الصدر، على انفراد وأقنعه بالعدول عن موقفه الداعي الى رحيل الحكومة العراقية، كما التقى بمحمد رضا سيستاني، نجل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، الذي أقنعه هو الآخر بضرورة مساندة عادل عبد المهدي، إلى حين تجاوز تداعيات هذه الأزمة. ومن اجل تفعيل هذا المسعى ينتظر عقد جلسة للبرلمان العراقي المجمدة أشغاله منذ اندلاع الاحتجاجات للمصادقة على هذا الاتفاق في خطوة لتعزيز سلطات الحكومة في وجه المتظاهرين. وجاء هذا التحرك بعد أكثر من شهر من اندلاع المظاهرات الاحتجاجية في العراق للمطالبة بتحسين الظروف الاجتماعية، وتوفير مناصب الشغل قبل أن تتحول إلى مطالب سياسية منادية برحيل الحكومة ومختلف وجوه الطبقة السياسية العراقية، التي حمّلوها مسؤولية الأوضاع التي يعيشها أحد أغنى البلدان العربية، مما أدى إلى وقوع مواجهات دامية بين المحتجين وقوات الأمن خلّفت إلى حد الآن مقتل 300 شخص وإصابة أكثر من 12 ألف آخرين بجروح متفاوتة. ولم تنتظر القوات العراقية إصدار تعليمات لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماع النجف، حيث بادرت بإزالة المتاريس والحواجز التي وضعها المحتجون على مختلف الجسور الكبرى في العاصمة بغداد، ضمن خطوة أولى على طريق منع المظاهرات التي تواصلت أمس، للشهر الثاني على التوالي في ساحة التحرير إكبر الساحات العامة في العاصمة بغداد.