استضافت المكتبة الوطنية أول أمس الأب عطا الّله حنّا الذي قدّم محاضرة بعنوان "حوار الحضارات والثقافات: الحالة الفلسطينية" تناول فيها مقاومة الشعب الفلسطيني وتصدّيه للإحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف مقدّساته خاصة بمدينة القدس، مؤكد ا أنّ المسلمين والمسيحيّين على حد سواء متكاتفون كما كانوا دائما وواعون بالمؤامرات التي ُتحاك ضدّهم، كما قدم سماحة البطريك توضيحات عن المسيحية الحقّة التي حاول الإستعمار تشويهها واستغلالها· بداية تحدث سماحة البطريرك عن تلاحمْ المسملين والمسيحيين في فلسطين وفي المنطقة العربية عموما ضدّ أي محاولة للتفرقة أو للّعب بالمقدسّات فعندما يعتدي مثلا على مسجد في فلسطين يهب المسيحيون لمساندة المسلمين وعندما يعتدي على كنيسة يحدث نفس الموقف· حاول المحاضر تصحيح الصورة المشوّهة، عن المسيحية إذ أنها في بلاد الشرق جزء من الحضارة العربية مثلها مثل الإسلام فكلاهما دين سماوي كما أشار إلى مخطط يستهدف تهجير المسيحيين من بلادهم فلسطين إلى أصقاع العالم، وهي مؤامرة يحيكها الإحتلال بتواطؤ مع بعض الدول الغربية، علما أنّ نسبة المسيحيين في فلسطين اليوم تبلغ1بالمائة، وهناك8 آلاف مسيحي في القدس وتخوف المحاضر من أن يأتي يوم تخلو فيه هذه المدينة من سكانها المسيحيين وهي التي تمثل مهد المسيحية الأولى· توقف المحاضر أيضا عند الديانة اليهودية التي يحترمها كديانة سماوية لكنه ضدّ الحركة الصهيونية، وهناك يهود بالقدس يقفون مع القضية الفلسطينية مثلهم مثل المسلمين والمسيحيين·من جهة أخرى أكد عطا اللّه حنا تضامن الكنائس العالمية مع فلسطين ماعدا تلك الجماعات المسيحية المتصهينة بالولايات المتحدة التي وصفها بالدكاكين المسخرة لخدمة الصهيونية (للمحاضر كتاب عنوانه "المسيحية الصهيونية") إن أهم المشاريع بفلسطين اليوم تموّلها مؤسسات مسيحية عالمية إضافة إلى التمويل الإسلامي ومع ذلك يطمح المحاضر في تضامن أكثر وموقف مسيحي أوضح· ومن بين النماذج الإيجابية التي سجّلها التاريخ في تعايش المسلمين و المسيحيين، موقف مسيحي أنطاكيا الذين فتحوا كنائسهم للمسلمين في الشام لأداء صلاة الجمعة بعد قرار الاحتلال الفرنسي بمنعها عنهم، كذلك في أحداث ثورة البراق بفلسطين سنة 1929 التي ظهرت فيها المؤسسات المختلطة المسيحية الإسلامية وإيواء الكنائس للمجاهدين· وأكد الأب عطا اللّه أن مايتهدّد الأديان السماوية اليوم هو "التطرف"واعتبر بن لادن رأس التطرف الاسلامي وبوش قمة التطرف المسيحي" بينما تعايشت الأديان قبل هذا في سلام وحتى الحملات الصليبية لم تكن صليبية بل كانت إفرنجية إذ أن مسيحي الشرق وقفوا ضدّها· سماحة البابا مقتنع على مايبدو بفكرة الدولة العلمانية لأنه يرى فيها متّسعا ومكانًا لكلّ من هو متديّن وحتى غير المتديّن· وقال أن هناك دولا علمانية تحترم الأديان أكثر من الدول الدينية نفسها· مواضيع أخرى تناولها المحاضر خاصة أثناء المناقشة ليتم في الأخير تكريمه بوِسام المكتبة الوطنية· للتذكير فإن سيادة المطران عطا اللّه حنّا هو الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية في القدس والأراضي المقدسة، وهو من مواليد 1965 بالرامة بالجليل، وينتمي إلى عدّة مؤسّسات وطنية ودولية تنشط في عدّة مجالات فكرية وثقافية وسياسية·