* email * facebook * twitter * linkedin وضعت إيران أمس، الدول التي أكدت مواصلة التزامها بالاتفاق النووي المتوصل إليه سنة 2015، أمام مسؤولياتها بقرارها عدم الالتزام ببنوده في رد على إقدام الولاياتالمتحدة على اغتيال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري بمطار العاصمة العراقية فجر الجمعة الماضي. وتمكنت طهران من خلال قرارها إحداث هزة في مواقف عواصم الدول الموقعة على الاتفاق التي سارعت إلى حثها على ضرورة المحافظة على هذا الاتفاق الذي شكل في حينه اختراقا للدبلوماسية الدولية المشتركة قبل أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالطعن في شرعيته وقرر الانسحاب منه سنة 2018. وفضحت إيران بفضل قرارها الموقف المتخاذل الذي التزمته إلى حد الآن دول مثل بريطانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا التي بقيت ظاهريا ملتزمة بمضمون الاتفاق ولكنها في المقابل لم تحرك ساكنا لمنع انهياره بسبب تصرفات الرئيس الأمريكي، الذي تسبب في إشعال فتيل التوتر الذي تعرفه منطقة الشرق الأوسط بأكملها منذ شهر ماي 2018. وخرجت السلطات الروسية أخيرا عن صمتها مطالبة الأطراف المعنية بهذا الاتفاق بجعل مسألة الإبقاء عليه من أولوياتها والالتزام بتعهداتها لإقناع إيران بالإيفاء بالتزاماتها. وجاءت تأكيدات الخارجية الروسية قبل قمة ينتظر أن تجمع الرئيس فلاديمير بوتين بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل السبت القادم بالعاصمة موسكو ستكون مسألة إنهاء إيران لالتزاماتها بالاتفاق النووي في صلب محادثاتهما. وتعقد القمة الروسية - الألمانية ساعات قبل اجتماع طارئ يعقده وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة القادم بالعاصمة البلجيكية بروكسل لبحث الموقف الذي يتعين اتخاذه إزاء الأزمة الإيرانية. وقد جاءت الدعوة الروسية في وقت حثت فيه ألمانيا وفرنسا وبريطانيا السلطات الإيرانية على التراجع عن قرارها بعدم الالتزام بمضمون الاتفاق النووي وشروعها في إنتاج اليورانيوم المشبع بالكميات التي تريدها خارج شروط الاتفاق النووي. وطالبت الدول الثلاث في بيان مشترك (وقعه الرئيس إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل وبوريس جونسون) إيران بعدم اللجوء إلى الإجراءات التي تتعارض مع مضمون الاتفاق النووي وكذا عدم تنفيذ تهديداتها بالانتقام لمقتل الجنرال قاسم سليماني من خلال عمليات عسكرية ضد المصالح الأمريكية مخافة أن يكون ذلك ذريعة للإدارة الأمريكية لتدمير منشآت حيوية في إيران بما فيها معالم تاريخية وحضارية. والمفارقة أن مسؤولي الدول الأوروبية الثلاث لم يجرؤوا على تحميل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المسؤولية المباشرة عن التصعيد الحاصل في منطقة الخليج والاعتراف في المقابل بأن إيران لم تقم سوى بحقها في التعاطي مع التهديدات الأمريكية بأوراق الضغط المتاحة لديها، وقد وجدت في الاتفاق النووي وسيلتها لإسماع صوتها وعدم الرضوخ للأمر الواقع الذي يريد الرئيس الأمريكي فرضه عليها. وهو التخاذل الذي سار فيه جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية الجديد، الذي أبدى "تأسفه العميق" للقرار الإيراني، قائلا إن تجسيد كل بنود الاتفاق النووي من طرف الجميع يكتسي أهمية قصوى في الوقت الراهن للمحافظة على الاستقرار والأمن العالميين.