* email * facebook * twitter * linkedin طالبت جمعية المقاولين الجزائريين بإشراكها في اللجنة الوزارية التقنية المنصبة أخيرا من طرف وزير السكن والعمران والمدينة لرفع مخالفات البناء، وذلك بهدف تسهيل عمل اللجنة والمساعدة في تحديد المسؤوليات، خاصة وأن المقاولين يعانون اليوم من عدة عراقيل حالت دون الأداء الجيد لأشغالهم، في ظل تقاعس السلطات العمومية في دفع مستحقات الإنجاز المتأخرة منذ سنة 2014، وهو ما سبب مشاكل مالية للمقاول الجزائري. وقصد التعرف عن قرب على وضعية المقاول، إلتقت "المساء" السيد موسى عيظ الناطق باسم الجمعية الذي أثار مختلف الانشغالات، مطالبا وزارة السكن بتنظيم لقاء مع المقاولين لعرض المشاكل واقتراح الحلول. ثمّن الناطق باسم الجمعية الوطنية للمقاولين الجزائريين قرار الوزير الأول، عبد العزيز جراد، القاضي بفتح تحقيقات معمقة في طريقة إنجاز مختلف صيغ السكنات، مشيرا إلى أنه في حال سلمت التحقيقات الميدانية لرجال وطنيين، ستعطي نتائج جيدة، وذلك بالنظر إلى حجم التجاوزات المسجلة في الميدان، مؤكدا إلحاح الجمعية على إنشاء لجان مختلطة خلال عمليات المعاينة، بإشراك ممثلين عن المقاولين لإعطاء دفع للملف، وتوضيح أمور قد تغيب على التقنيين المكلفين بإعداد التقارير. وفند المتحدث أن يكون المقاول الجزائري المتسبب الوحيد في الغش المسجل عبر عدد من المشاريع، من منطلق أن كل عملية يقوم بها بورشة العمل تكون مراقبة من طرف لجان مختصة في مراقبة البناءات، وممثلين عن صاحب المشروع الممثل من طرف خبراء مختصين، بالإضافة إلى مراقبة مكتب دراسات محلف. بالمقابل، إعترف عيظ بتسجيل بعض العيوب في إنجاز السكنات، مرجعا الأمر إلى أخطاء قد تكون في إعداد الدراسة، أو إلى نوعية التجهيزات والمواد المستغلة في البناء، خاصة الخشب والبلاط والدهان والنوافذ، وهي الأمور الرئيسية الظاهرة التي يعيبها المواطن عند تسلم مسكنه. تفضيل الأجانب وراء تفاقم عيوب السكنات وعن هذه العيوب، أشار ممثل المقاولين إلى أنها تعود بالدرجة الأولى إلى طريقة التعامل مع المقاول الجزائري، حيث تم تحديد سقف سعر المتر المربع الواحد المنجز بسواعد جزائرية ب 32 ألف دينار، وفي حالة تقديم عرض بزيادة بسيطة قد ترفع الكلفة في بعض الأحيان إلى 36 ألف دينار، يتم رفضها مباشرة، بالمقابل يقول عيظ، يحدد سعر المتر المربع الواحد بالنسبة للمقاول الأجنبي ب 60 ألف دينار، وهو الوضع الذي لطالما اشتكى منه المقاولون وكان سببا في لجوئهم إلى التجهيزات والمواد ذات النوعية الرديئة المتناسبة مع السعر المفروض أقل لضمان البقاء والمشاركة في المناقصات. وقصد وضع حد لمثل هذه التجاوزات، تقترح الجمعية تحرير الأسعار بما يسمح للمقاول بتوفير سكنات بنوعية جيدة ومواد وتجهيزات محلية الصنع تتماشى وطلبات المستفيدين. وردا على العيوب التي رفعها مكتتبو كل من وكالة "عدل" والسكن الترقوي العمومي، والتي ترفع عادة منذ أول يوم لاستلام المستفيدين سكناتهم، أكد ممثل المقاولين أن هذا الأمر راجع إلى "تفضيل المقاول الأجنبي على المحلي"، ومع ذلك، فإن هناك أشرطة فيديو تبين رداءة البلاط وتساقط الجدران، بالإضافة إلى التجهيزات ذات النوعية الرديئة، والتأخر في تسليم المشاريع سواء تعلق الأمر بالسكنات أو بباقي المشاريع، على غرار القطب الجامعي بولاية المدية، طريق الهضاب خميس مليانة - برج بوعريريج، وذلك رغم الامتيازات المخصصة لهم، على غرار تسبيق 50 بالمائة من تكلفة المشروع، وهو الأمر الذي لم نستفد منه نحن المقاولون المحليون. مستحقات المقاولين بلغت 20 ألف مليار سنتيم على صعيد آخر، وصف ممثل المقاولين وضعيتهم بأنها "سيئة للغاية" بسبب عدة عوامل، أهمها تأخر دفع المستحقات في الشق الذي يخص الملاحق، وهي الأشغال الإضافية التي تظهر مباشرة بعد انطلاق أشغال الإنجاز، وهي غير محسوبة في دفتر الشروط الذي يوقعه المقاول مع صاحب المشروع، ويتم احتسابها بموجب اتفاقية تبرم بين مكتب الدراسات وهيئة الرقابة المختصة وصاحب المشروع، لتسدد مستحقاتها عند تسليم المشروع، مع العلم أنها غالبا ما تمثل 80 بالمائة من الغلاف المالي المرصود للعملية، وهنا يطلب من المقاول الانتظار إلى غاية تخصيص الوزارات الوصية مبالغ مالية تكميلية. ونظرا لأهمية المشاريع وطابعها الاجتماعي يقول عيظ يجد المقاول نفسه مضطرا لدفع تكاليف الأشغال الإضافية من جيبه وانتظار استرجاعها بعد تسليم المشروع، وفي نهاية المطاف وجدنا أنفسنا مدينين لوزارات السكن والعمران والأشغال العمومية والري بأكثر من 20 ألف مليار سنتيم، تراكمت منذ 2014. أما المشكل الثاني الذي ترفعه الجمعية، فهو كثرة الأعباء الجبائية وشبه الجبائية، كالضرائب والاشتراكات في الصناديق الاجتماعية للعمال، وهو ما أرجعه ممثل المقاولين إلى تأخر الوصاية في دفع مستحقات المقاول، ما يجعله غير قادر على دفع الأعباء المترتبة عليه. كما يعاني المقاول اليوم من نقص الطلب العمومي بسبب عدم توفير المشاريع، والتي إن وجدت تخصص للمؤسسات الأجنبية، وتمنح لها بالتراضي، الأمر الذي حرم المقاولين المحليين من كثير من المشاريع السكنية المبرمجة خلال العشرين سنة الأخيرة. وقد طالبت الجمعية منذ عدة سنوات يقول المتحدث بإلغاء القائمة المصغرة، التي تحمل أسماء شركات أجنبية (صينية، تركية ومصرية) تمنح لها في كل مرة مشاريع بالتراضي، وهذا مخالف لقانون الصفقات العمومية، علما أن الجمعية وقعت اتفاقية مع وزارة السكن والعمران وقدمت لها قوائم بأسماء المقاولين الأكفاء ممن لديهم إمكانيات مادية وبشرية، غير أن الوزارة لم تخصص لنا مشاريع كبرى، واكتفت بتوزيع مجموعة صغيرة من المشاريع تضم بين 20 و100 وحدة سكنية على أكثر تقدير. وفيما يخص تبعات تراكم المشاكل المالية على المقاولين، أشار عيظ إلى تسجيل إفلاس أكثر من 3450 مقاولة خلال السنتين الأخيرتين، وهو ما تسبب في إحالة أكثر من 200 ألف عامل على البطالة، أما باقي المؤسسات التي لها نفس طويل فهي تواصل دفع أجور العمال من خلال بيع العتاد الثقيل المستعمل في ورشات البناء. كما أعاب محدثنا على البنوك رفضها مرافقة المقاولين، واصفا جل معاملاتها بالبيروقراطية، مشيرا إلى أنه من المفروض أن يتعامل معنا البنك على أساس مستثمرين وليس زبائن تنحصر علاقتهم معه في إرسال كشوفات الحساب فقط. وتقترح الجمعية على الحكومة الجديدة إعادة النظر في علاقة البنوك مع المقاول، فعوض أن ينجز هذا الأخير 100 سكن في العام، يرافقه البنك ماليا للرفع من طاقة الإنجاز، على أن يتم الاتفاق على طريقة بيع هذه السكنات، التي ستكون باسم البنك بما يضمن له استرجاع قروضه، وهي الصيغة المعمول بها في جل دول العالم. أرسلنا 14 مقترحا للحكومة وننتظر لقاء مستعجلا بخصوص مقترحات جمعية المقاولين الجزائريين، كشف عيظ عن مراسلة لرئيس الحكومة يوم 7 جانفي الفارط، تضمنت 14 اقتراحا للخروج من أزمة السكن والحد من ظاهرة الغش والتحايل في إنجاز وتجهيز السكنات، من بينها إلغاء غرامات التأخر ضد المقاولين، خاصة ممن لديهم مستحقات لدى مصالح الضرائب والضمان الاجتماعي، وذلك من منطلق أن المقاول مدان بسبب عدم تحصيل ديونه لدى أصحاب المشاريع، وهناك الآلاف من المقاولين في هذه الحالة. من المقترحات أيضا، يذكر محدثنا، إعادة النظر في القيمة المخصصة للاشتراكات في صندوق الضمان الاجتماعي، بالنظر إلى وضعية نشاط المقاول، وكذا الالتزام بقوانين الصفقات العمومية وضمان دفع تكاليف المقاول في أجل لا يتعدى 30 يوما من موعد تسليم المشروع، وذلك حتى لا يغرم من طرف ممونيه، خاصة وأن البنوك لا تعترف بالفواتير التي يقدمها المقاول عندما تطالبه بتموين رصيده لدفع الصكوك التي يكون المقاول قد دفعها للمونين. كما تقدم المقاولون بمقترح لحل أزمة السكن تتمثل في توفير الولاة عقارات لبناء المساكن على أن يخصص نصفها (50 بالمائة) للإيجار، وهنا تتكفل السلطات المحلية بتحديد المستفيدين على ألّا يزيد سعر الإيجار عن 5000 دينار، والبقية تسوق من طرف المقاول حسب أسعار سوق العقار، على تكون ذات نوعية. واقترحت الجمعية على الحكومة أيضا تجنيد كل الإمكانيات لبناء مليون وحدة سكنية بعد رفع كل العراقيل ورفع سعر المتر المربع حتى تجسد النوعية المرجوة.