* email * facebook * twitter * linkedin أكد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، أمس، أن الحكومة تنوي المساهمة الفعالة في بناء "عقد جديد" يشمل كل جوانب الحكامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بهدف استرجاع ثقة المواطن في حكامه وفي مؤسساته ورسم القطيعة مع ممارسات الماضي التي وصفها ب«الارث الكارثي"، نزولا عند تطلعات الشعب، لا سيما وأن عرض مخطط عمل الحكومة يتزامن مع اقتراب الذكرى الأولى لهبته الشعبية المعبر عنها في حراك 22 فيفري 2019. واستهل الوزير الأول، عرضه لمخطط عمل الحكومة، أمام نواب الشعب بالمجلس الشعبي الوطني، بالتذكير بأن هذا المخطط يهدف إلى تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية وتعهداته أمام الشعب، المعبر عنها في 54 التزاما، وسعيه في رفع التحدي لبناء الجزائر الجديدة، "جزائر الاستحقاق والشفافية والرفاه المشترك". عقد جديد لتحرير المبادرات في مختلف المجالات وتتجسد هذه الالتزامات، حسب السيد جراد، في عقد جديد يرتكز على ثلاثية، أساسها، التنمية البشرية والانتقال الطاقوي واقتصاد المعرفة والرقمنة، مضيفا بأن هذا العقد الجديد يعهد إلى تحرير المبادرات في جميع ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من أجل بعث نهضة حقيقية وإحياء الأمل لدى الشعب. مخططات قطاعية استعجالية لتحسين مستوى معيشة المواطن في سياق متصل، أشار الوزير الأول إلى أنه في إطار تجسيد الأهداف المسطرة في مخطط العمل، ستنتهج الحكومة، مقاربة على المدى القصير، تبنى في إطارها مخططات قطاعية استعجالية، تساهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين وتوفر أدنى حد من الخدمة العمومية، لاسيما في المناطق النائية. والتزم الوزير الأول في هذا الإطار، بإحداث قطيعة مع ممارسات الماضي، التي لم يتوان في وصفها ب«الإرث الكارثي"، موضحا أن توفير متطلبات العيش الكريم لكل المواطنين دون إقصاء وعبر كامل ربوع الوطن، "ليس منة من الدولة وإنما واحدة من مهامها الأصيلة.. وتعهد تلتزم به الحكومة أمام الشعب". ولفت جراد، بالمناسبة، إلى تزامن تقديم مخطط عمل الحكومة واقتراب الذكرى الأولى ل«الهبة الشعبية التاريخية، التي عبر من خلالها الشعب الجزائري، في طابع سلمي لا مثيل له، عن تطلعاته القوية إلى التغيير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبناء دولة القانون، معبدا بذلك الطريق لعهد جديد أفضى من خلال مسار انتخابي نزيه، إلى تمكين الشعب من اختيار رئيسه بكل حرية وشفافية". الجزائر ماضية في القضاء على إرث كارثي وممارسات تسلطية وفي سياق إبراز حجم التحديات التي تواجه طاقمه الجديد، أكد السيد جراد أن "الجزائر عرفت في السنوات الأخيرة، تسييرا كارثيا للدولة وممارسات تسلطية، أدت إلى نهب ثروات البلاد والقيام بعملية هدم ممنهج لمؤسساتها ولاقتصادها بهدف الاستيلاء على خيراتها"، مستعرضا الوضع الصعب والدقيق الذي تعرفه البلاد على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، قبل أن يعلن عن التزام الحكومة بمواجهة هذه التحديات والصعوبات "بكل مسؤولية وثبات إلى غاية القضاء على الانحرافات التي طبعت تسيير الشؤون العامة للدولة وعلى التأثيرات السلبية للقوى غير الدستورية، على القرار السياسي والاقتصادي للبلاد"، مشيرا إلى أن من نتائج هذا التسيير الكارثي، "تهميش الكفاءات الوطنية المخلصة والنزيهة وزعزعة أسس الدولة". وتعهد الوزير الأول بتصحيح هذا الوضع، بالتوجه نحو مرحلة التغيير الشامل للمنظومة المؤسساتية التي تجاوزها الزمن، واستبدالها بممارسات سياسية سليمة وديمقراطية حقيقية، مؤكدا بأن الحكومة تتوخى الوصول إلى حكامة اقتصادية عصرية وشفافة، تكون في منأى عن ممارسات الفساد والمحسوبية والتضليل، حيث قال في هذا الصدد "الشعب يريد ذلك وهو السيد". وبعد أن أشار إلى أن عملية تعزيز الثقة بين الشعب وحكامه، تتم عبر قيام ديمقراطية أساسها التداول على السلطة، واحترام الحريات الفردية والجماعية، والعدالة الاجتماعية وترسيخ دولة الحق والقانون، أكد جراد أن "بناء مجتمع لا مكان فيه للفوارق بين الجزائريين مهما كان مستواهم الاجتماعي، لن يتحقق إلا عبر معادلة تكافؤ الفرص، واستقلالية العدالة وضمان شرعية المؤسسات" وتعهد السيد جراد في نفس السياق، بالعمل على تطهير "الإرث الكارثي"، وإرساء ممارسات جديدة تهيئ الطريق السلس لبلوغ التغيير السياسي والاقتصادي الذي يتطلع إليه الشعب. تشييد الجمهورية الجديدة بعيدا عن الأموال القذرة.. كما تعهد الوزير الأول بتنفيذ التدابير والإجراءات التي جاء بها البرنامج الرئاسي، لا سيما تلك التي تتعلق باستعادة مصداقية الحياة السياسية وأخلقتها وضمان فعالية النشاط الاقتصادي وتصحيح الفوارق الاجتماعية، وإرساء ثقافة سياسية جديدة في تسيير الشأن العام، باعتماد الحوار والمقاربات التشاركية. وتطرق، بالمناسبة، للمحاور الستة الرئيسية التي تضمنها مخطط عمل الحكومة، حيث يتعلق الأمر، حسبه، بتشييد الجمهورية الجديدة، من خلال سن قواعد وشروط صارمة، "من أجل الحد من التأثير السلبي للأموال القذرة، على الحياة السياسية، ووضع قواعد جديدة تضمن شفافية التمويلات الموجهة للحملات الإنتخابية والأحزاب السياسية ومراقبتها، والتشجع على بروز جيل جديد من المنتخبين". كما يتعلق الامر أيضا، حسب السيد جراد، بتدعيم الحريات الديمقراطية، من خلال تعزيز ضمانات ممارسة حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وترقية مجتمع مدني متحرر من القيود الإدارية، بما يجعله سلطة مضادة حقيقية، مدعومة بصحافة حرة. كما وعد بتعزيز الوحدة الوطنية، من خلال ترسيخ وترقية وحماية مكونات الهوية الوطنية المتمثلة في الإسلام والعربية والأمازيغية. وتطرق الوزير الأول إلى مسألة استقلالية العدالة، التي تعهدا بالعمل على تكريسها، من خلال مراجعة عميقة للمنظومة التشريعية من أجل تعزيز حق الدفاع وضمان احترام مبدأ تناسب العقوبات واحترام قرينة البراءة عبر تحديد اللجوء المفرط إلى الحبس المؤقت والوقاية من الأخطاء القضائية، وأخلقة العمل القضائي. وتعتزم الحكومة أيضا تدعيم مكافحة الجريمة بكل أشكالها ومكافحة آفة انعدام الأمن عبر الطرق والظواهر اللاأخلاقية في الفضاءات العامة وسائر أنواع الاعتداءات اللفظية والجسدية، بلا هوادة. أخلقة الحياة العامة ومحاربة الفساد فضلا عن ذلك، سيتم اعتماد نمط جديد وعصري للحوكمة يتسم بالصرامة والشفافية، حسبما أعلن عنه الوزير الأول، خلال عرضه للمخطط، حيث يقوم هذا النمط، على أساس أخلقة الحياة العامة، عبر مكافحة حازمة للفساد والمحاباة والمحسوبية، حسب السيد جراد، الذي تعهد بمراجعة التشريعات ذات الصلة، من أجل تعزيز آليات استرجاع الأموال العمومية المنهوبة وتوفير حماية أكبر للمبلغين عن الفساد، وتوضيح مفهوم تضارب المصالح في القطاعات العمومية والخاصة، إلى جانب تشديد العقوبات المسلطة على جرائم الفساد وتبييض الأموال. وكشف في هذا الخصوص، عن التوجه نحو مراجعة الامتياز القضائي الذي يتمتع به عدد من المسؤولين السامين في الدولة، على نحو يكرس مبدأ المساواة أمام العدالة، متعهدا بتجسيد شفافية الأداء العمومي من خلال وضع آليات جديدة للوقاية والمراقبة، من أجل ضمان نزاهة المسؤولين العموميين والتسيير السليم لأموال الدولة، حيث أوضح بأن مفهوم المساءلة وتقديم الحسابات، ستكون قاعدة في العمل العام تفاديا لكل انحراف، فيما سيكرس مبدأ الكفاءة والنزاهة، كمعيار أساسي للالتحاق بمختلف الوظائف في الدولة. على صعيد آخر، فإن تعزيز مهام هيئات المراقبة للدولة، وشفافية منح الصفقات العمومية، وتحسين نظام المتابعة والمراقبة والتدقيق، وفتح البيانات العمومية والنشر الدوري للتقارير الميزانية والمالية، ستشكل هي الأخرى، حسب الوزير الأول، "دعائم جديدة، تعتزم الحكومة تجسيدها من خلالها عصرنة الأداء العمومي وضمان شفافيته". كما ستكون هذه الورشات، حسب نفس المسؤول، مرفوقة بإجراءات تحديث الجهاز الإداري، ترتكز أساسا على الرقمنة وتبسيط الإجراءات والخدمات، وكذا على ترسيخ الديمقراطية التشاركية من خلال إشراك المواطن والمجتمع المدني في تحديد الخيارات وتقييم السياسات العمومية. ولدى تطرقه لملف السياسة الخارجية والأمن والدفاع الوطني، ركز الوزير الأول على أهمية استعادة الجزائر لدورها الريادي على الساحة الدولية والقارية، في ظل تعميق علاقات تعاونها مع كافة شركائها، وكذا حماية وترقية مصالح الجالية الوطنية في الخارج، مؤكدا بأن تعزيز الأمن والدفاع الوطني يرمي إلى الحفاظ على السلامة الترابية وتعزيز استقرار البلاد. اجتماعات دورية لتطهير الوضعيات التي تمس بحقوق المواطن وأعلن السيد جراد، عن استعداد الحكومة للعمل على تقييم التشريعات والتنظيمات التي تحكم نشاطات الدوائر الوزارية، وذلك بهدف تطهير الوضعيات التي تمس بحقوق المواطنين والتي تبرز تراكما من الأحكام المتناقضة، ويتضح بأنها غير قابلة للتطبيق. وأشار في هذا الصدد، إلى أنه تم توجيه تعليمات للدوائر الوزارية وكل المؤسسات الإدارية، لحملها على محاربة البيروقراطية بشكل متواصل وشامل، وذلك من خلال تحليل جميع الإجراءات المطلوب ترسيخها في العلاقات بين المواطن والإدارة أو العلاقة مع المؤسسات وكذا في العلاقات التي تحكم الإدارات نفسها، خصوصاً في مجال المحاسبة العمومية وتنظيم الميزانية والجباية والتنظيم التجاري، حيث مازالت تهيمن إجراءات معقدة في ظل غياب العصرنة، على حد تأكيده.