أجواء الارتياح وتأكيدات بالجملة على أن اجتماع الأمس بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والدول المنتجة من خارج المنظمة، وهو الأول من نوعه منذ حوالي 15 سنة، سيكون ناجحا من حيث النتائج المتوصل إليها، والتي تجسد اتساع التوافق بين أهم منتجي الخام في العالم، من أجل الوقوف صفا واحدا أمام الفوضى التي عاشتها السوق البترولية في السنتين الأخيرتين والتي أخلت بالتوازنات وأدت إلى انهيار الأسعار من 115 دولارا للبرميل إلى أقل من 30 دولارا، لتستقر حاليا في مستوى أعلى من 50 دولارا. وبالفعل، اتفق كبار منتجي النفط المستقلين (من خارج منظمة أوبك) في ختام اجتماعهم أمس على خفض إنتاج النفط بأكثر من 600 ألف برميل يوميا، حسبما ذكرت وكالة "بلومبرغ". في حين قالت رويترز إن منتجي النفط المستقلين وافقوا على تقليص إنتاجهم من الخام بشكل مشترك بواقع 562 ألف برميل يوميا ضمن اتفاق عالمي مع أوبك. هذا القرار تم التوصل إليه بعد أن أبدت موسكو استعدادها لتقليص إنتاجها النفطي بمقدار 300 ألف برميل يوميا، كما انضمت كازاخستان (بحجم تخفيض 20 ألف برميل يوميا) لاتفاق التقليص التي توصلت إليه "أوبك" يوم 30 نوفمبر. وعشية افتتاح هذا اللقاء بالعاصمة النمساوية، أعرب وزير الطاقة نور الدين بوطرفة عن تفاؤله بأن يعزز اجتماع البلدان الأعضاء وغير الأعضاء في "أوبك"،اتفاق الجزائر القاضي بتخفيض الانتاج، مبرزا ضرورة التعاون بين هذه البلدان لضمان استقرار السوق. وزير الطاقة الذي كانت له جلسة عمل مع الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو لتحضير الاجتماع كان أجرى محادثات مع نظيريه العماني محمد حمد الرمحي والفنزويلي أو لوجيو دالبينو، حيث أبرز أهمية الجهود المشتركة لكل الأطراف. للإشارة، شارك في الاجتماع 12 دولة من خارج أوبك، للبحث في كيفية تقاسم 600 ألف برميل في اليوم تقرر أن يتم تخفيضها من إنتاج هاته البلدان، لتضاف إلى 1.2 مليون برميل تم تخفيضها تبعا لاتفاق دول أوبك في اجتماعهم بفيينا يوم 30 نوفمبر الماضي. ووافقت روسيا وهي أكبر المنتجين خارج المنظمة على تحمل "عبء" تقليص 300 ألف برميل وحدها، أي نصف الكمية المقررة. بهذا التوافق بين الطرفين، فإن هذا الاجتماع يكون قد ساهم في امتصاص حجم هام من البترول المتداول في السوق العالمية، لاسيما وأن فائض العرض لم يتأثر كثيرا، حتى بعد قرار أوبك بالتخفيض والتي سيتراجع إنتاجها إلى المستوى الأدنى المتفق عليه في الجزائر شهر سبتمبر الماضي، والذي كان يتراوح بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا. السعودية وروسيا: تفاؤل بشأن الاتفاق منذ البداية بدا واضحا التوصل إلى توافق، منذ الساعات الأولى للاجتماع، لاسيما بعد التصريحات التي أدلى بها وزيرا الطاقة السعودي والروسي اللذان قالا أنهما يتوقعان أن يتوصل منتجو النفط من داخل منظمة أوبك وخارجها إلى اتفاق لتقليص إنتاج الخام ورفع الأسعار في أول تحرك مشترك من نوعه منذ 2001. وقال وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، للصحفيين إن "هناك اتفاقا بالفعل ويجري حاليا وضع اللمسات النهائية". وأكد إنه "متفائل جدا" بشأن الاجتماع، متوقعا أن تخفض نحو 10 إلى 11 دولة من خارج أوبك إنتاجها بأرقام محددة. وأخطرت المملكة العربية السعودية زبائنها في أوروبا والولاياتالمتحدة يوم الجمعة بأنها ستخفض إمداداتها النفطية اعتبارا من جانفي المقبل، في إشارة على أنها بدأت بالفعل تنفيذ خطة خفض الإنتاج. من جانبه، فإن وزير الطاقة الروسي الذي قال للصحفيين لدى وصوله إلى فيينا إنه يتوقع إسهاما كاملا من جانب منتجي النفط المستقلين في تخفيض الإنتاج، الذي جرى الاتفاق عليه في وقت سابق مع أوبك، أكد خلال كلمته الافتتاحية في فيينا أنه "لا يمكن للبلدان المنتجة للنفط تفويت فرصة تحقيق التوازن في سوق النفط والتوصل لاتفاق"، مضيفا "بدون الموافقة على اتخاذ إجراءات من قبل المشاركين في السوق لن يتم تحقيق التوازن. أما الآن فلدى الدول المنتجة فرصة فريدة من نوعها للعثور على نقطة تحول تحقق ذلك. ولا يمكن أن تفوت هذه الفرصة". وأوضح نوفاك أن الاستثمارات العالمية في قطاع النفط تراجعت بمقدار "مرتين" على خلفية تراجع أسعاره، داعيا كبار الدول المنتجة للتوصل إلى اتفاق باعتباره "خطوة هامة لصناعة النفط العالمية، وسيساعد على استعادة التوازن بين العرض والطلب، والحفاظ على جذب الاستثمارات في هذه الصناعة على المدى الطويل". باركيندو: الاجتماع تاريخي نفس التفاؤل طبع تصريحات الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط محمد باركيندو الذي توقع توقيع إجمالي 12 دولة غير الأعضاء في المنظمة على إعلان مع أوبك والإسهام بشكل كامل في خفض الإنتاج بواقع 600 ألف برميل يوميا أو أكثر. وقال في تصريحات صحفية "هذا اجتماع تاريخي للغاية... سيعزز ذلك الاقتصاد العالمي وسيساعد بعضا من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تحقيق معدلات التضخم المستهدفة". وكانت كل من روسيا وعمان قد تعهدتا بخفض إنتاجهما، فضلا عن المكسيك التي تداولت بشأنها أخبار تفيد بأنها قد تساهم في الخفض بما يصل إلى 150 ألف برميل يوميا. وتواجه دول كثيرة خارج أوبك مثل المكسيك وأذربيجان انخفاضا طبيعيا في إنتاج النفط، ولذا فإن المباحثات تطرقت إلى ما إذا كان ذلك التقلص في الإنتاج سيعد إسهاما من جانب تلك الدول. دول "أوبك" تخبر زبائنها بتقليص إمداداتها ابتداء من جانفي من جهة أخرى، أخطرت الكويتوالعراق زبائنهما بخطط لتقليص الإمدادات. وقال وزير النفط العراقي جبار اللعيبي إن إسهامات المنتجين المستقلين من المفترض أن تكون كافية للمساعدة على استقرار السوق. كما أعلنت مؤسسة البترول الكويتية التي تديرها الدولة إنها تعتزم إبلاغ مشتري خامها في الخارج قريبا بخفض مخصصاتهم. وتعهدت الكويت بخفض إنتاجها النفطي بواقع 210 آلاف برميل يوميا في حين تعهد العراق بتقليص إنتاجه بواقع 131 ألف برميل يوميا في إطار اتفاق أوبك. أما إيران فإن وزيرها للنفط بيجن زنغنه، فقال أمس أن منتجي النفط المستقلين سيبدؤون خفض الإنتاج اعتبارا من الأول من جانفي المقبل، لافتا إلى أن الفرصة سانحة للتوصل إلى اتفاق بين منظمة "أوبك" وبين المنتجين المستقلين، مما يتيح السيطرة على إنتاج النفط ومنع هبوط الأسعار. وقال زنغنه على هامش الاجتماع أن "هناك تعهدات قوية من المنتجين غير الأعضاء في أوبك"، مشددا على أن الوقت تاريخي لأوبك والمنتجين المستقلين للتوصل إلى اتفاق". فنزويلا تتفق مع إيران على عقد قمة لأوبك في بداية 2017 وصرح الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، إنه اتفق مع إيران على الدعوة إلى عقد قمة لقادة دول أوبك والمنتجين غير الأعضاء خلال الربع الأول من العام القادم لوضع استراتيجية لسوق النفط. وقال مادورو في بث تلفزيوني "أبلغت الرئيس روحاني بأن نطلق دعوة مشتركة لعقد قمة للرؤساء وقادة الدول والحكومات بأوبك في الربع الأول من 2017 لوضع آلية جديدة للأسواق وأسعار النفط واتفقنا على دعوة الدول غير الأعضاء في أوبك والرئيس بوتين". وتأتي هذه القرارات الهامة المتتالية لمنظمة الدول المصدرة للنفط وللمنتجين المستقلين، بعد "العودة التاريخية" للمنظمة إلى ضبط السوق النفطية العالمية، بعد تراجع محسوس لدورها ولثقلها ووزنها في عالم النفط، والذي أشار إلى تزحزح مكانتها لاسيما بعد بروز منتجين جدد وعلى رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي استفادت بذكاء من الارتفاع غير المسبوق لأسعار الخام التي وصلت إلى حدود ال120 دولارا للبرميل لتطوير صناعة استخراج الغاز والبترول الصخريين وهو مامكنها من تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال المحروقات، بعد أن كانت من اكبر المستهلكين العالميين.بل أنها تحولت إلى بلد مصدر بعد إلغاء القانون الذي كان يمنع بيعها للمحروقات. الاتفاق التاريخي للجزائر يعيد "أوبك" إلى تألقها في ظل هذه الظروف الجديدة التي أصبحت تطبع سوق النفط، فإن الفارق كان لقاء الجزائر في 28 سبتمبر الماضي، الذي أحدث مفاجأة بتحوله من اجتماع غير رسمي إلى اجتماع استثنائي للمنظمة، ثم خروجه باتفاق جميع دول المنظمة على "تخفيض الإنتاج" على عكس كل التوقعات التي كانت تشير إلى إمكانية الاتفاق على إرجاء القرار إلى اجتماع فيينا كأقصى حد من التوافق. لكن الجزائر قادت مباحثات ماراطونية، وضعت فيها كل خبرتها، وجندت لذلك خيرة رجالها للدفاع عن موقفها الذي دعت إليه منذ بداية الأزمة، حيث كانت من البلدان الذين رافعوا بقوة لضرورة تدخل المنظمة وتسقيف إنتاجها للتأثير على السوق النفطية. وظهرت بوضوح النتائج الإيجابية للتحركات الجزائرية في اتجاه جمع دول "أوبك" واحتواء الخلافات بين بعض أعضائها، وذلك بعد أن خرجوا جميعا بصوت واحد متفقين على تخفيض الانتاج لأول مرة منذ سنة 2008. 11 دولة خارج "أوبك" تقرر خفض إنتاجها ب558.000 برميل يوميا اتفقت الدول غير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) مع دول هذه المنظمة، أمس، بفيينا على خفض إنتاجها ب558.000 برميل يوميا ابتداء من الفاتح من يناير 2017، حسبما علم لدى الوفد الجزائري. وستنضم 11 دولة غير أعضاء في أوبك- على غرار روسيا - إلى الدول ال13 لهذه المنظمة النفطية التي قررت أواخر نوفمبر سحب 2ر1 مليون برميل من الأسواق تنفيذا للاتفاق التي توصلت إليه في سبتمبر في الجزائر.