رافقت الأغنية الثورية دوي الرصاص واستطاعت إشعال غضب شعب عانى من القهر ما عانى، لقد صورت الآلام والتضحيات، وعبرت بصدق عن الحنين الى الأم والى الوطن. انطلقت الأسبوع الفارط بولاية تيزي وزو فعاليات ملتقى الاغنية الثورية، وهو تكريم لصاحب رائعة "أيما اعزيزن أورترو" (أمي العزيزة لا تبكي) لمغني الثورة فريد علي. بالمناسبة سطرت لجنة النشاطات الثقافية والفنية برنامجا ثريا استهل بخرجة ميدانية لمسقط رأس الراحل إلياس خليفة المعروف "بفريد علي" لتوضع باقة من الزهور والترحم على روحه الطاهرة التي قدمها فداء للوطن، افتتحت أشغال الملتقى بقاعة المعارض بدار الثقافة مولود معمري، وقد ضم المعرض صورا وملصقات تتناول حياة ومسيرة مغني الثورة فريد علي، اشتمل البرنامج أيضا العديد من المحاضرات، منها محاضرة بعنوان "نظرة للأغنية الثورية بمنطقة القبائل" كما قدم السيد تشيكو بوحاسون محاضرة عن "الاغنية الثورية في عهد الاستعمار"، ومحاضرة أخرى لكردوسي حسينة حول "الشعر الثوري في الثورة التحريرية" كما نظمت عدة موائد مستديرة تطرق فيها المشاركون لمسيرة فريد علي، ومن هؤلاء بعض أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني والمؤلف والملحن كمال حمادي، والباحث عبد القادر بن دعماش. وتم على هامش هذه الفعاليات بيع بالاهداء لكتاب "الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني 1958 - 1962 لعبد القادر بن دعماش وكتاب "الأغنية النسوية خلال الثورة التحريرة" للسهب رمضان، واختتم الملتقى بتنظيم حفل فني منوع أحياه مجموعة من الفنانين. للتذكير فإن الراحل فريد علي (إلياس خليفة) من مواليد سنة 1919 بقرية ايخلفونت، ببلدية بونوح، تتلمذ رحمه الله على يد الآباء البيض ليتحصل على شهادة مهنية بجدارة، ويرحل الى العاصمة سنة 1935، حيث اشتغل فيها لمدة 5 سنوات ليقرر بعدها السفر الى باريس، وفيها التقى بعدة مناضلين جزائريين فتشبع بالروح الوطنية، وكثرت لقاءاته مع هؤلاء المناضلين، علما أن باريس شهدت في تلك الفترة عدة عمليات فدائية، لتتهمه السلطات الفرنسية بالمشاركة في هذه العمليات، وبالتالي قامت بطرده من ترابها، لكنه لم يستسلم وواصل نضاله، حيث بث أغانيه الثورية براديو الجزائر، ومن تلك الأغاني "أولاش الزهر" (قلة الحظ)، و"أميس ذا الغربة" (ابن الغربة) ليعود بعدها إلى فرنسا ويلتحق بالإذاعة ويشرف فيها على تكوين المطربين، حيث تخرج على يده مثلا الفنان سليمان عازم، أوكيل اعمر، حنيفة، كما ساهم في إبراز أسماء اخرى منها محمد اقربوشات ميسوم، ليعود بعدها الى أرض الوطن، لكن السلطات الاستعمارية ظلت تطارده خاصة بعد التحاقه بالنضال السياسي، ليتم سجنه بذراع الميزان ويطلق سراحه بعدها، ويعود لراديو باريس أين شارك في عدة مسرحيات. فارق فريد علي الحياة سنة 1981 بمسقط رأسه ببونوح، لكن أعماله تظل خالدة تشهد على نجاحه وعلى وطنيته، خاصة من خلال رائعة "أيما اعزيزن" التي رددها المجاهدون، ليكتب اسمه بعدها في السجل الذهبي للاغنية الثورية الجزائرية.