لم تتوقف ردود الأفعال الوطنية المنددة باستفتاء العار الذي نشرته القناة الفضائية "الجزيرة"، بحثا عن تأييد وهمي ومبررات واهية للاعتدائين الإرهابيين اللذين استهدفا الأبرياء في الجزائر في 11 ديسمبر الجاري، وشملت حملة الإدانة أحزابا سياسية ووسائل إعلام وطنية اعتبرت ما أقدمت عليه الفضائية القطرية في موقعها الالكتروني، استفزازا للشعب الجزائري وتواطؤا مع الإرهاب وإهانة للأخلاق المهنية· فقد اعتبر الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي السيد أحمد أويحيى لدى استضافته في منتدى التلفزيون مساء أول أمس، بالجزائر، أن القناة التلفزيونية "الجزيرة"، بتشهيرها للأعمال الإرهابية، برهنت على مساندتها للإرهاب وموقفها المعادي للجزائر، مشيرا إلى أنه تفاجأ مع الذين تفاجأوا بتصرف القناة بعد بثها لنتائج استفتاء على موقعها، عقب التفجيرات الأخيرة التي استهدفت الجزائر· وبرأي السيد أويحيى، فإن القناة التلفزيونية القطرية بعملها هذا "تعرت وبرهنت أنها مساندة للإرهاب بعد أن كانت تقوم منذ زمن بالتشهير للإرهابيين، ببث كل إعلاناتهم"·وفي المقابل حيا السيد أويحيى الإجماع الوطني في الرد على هذا الاستفزاز، مؤكدا أن الإرهاب "خسر معركته في الجزائر ولم يعد يشكل خطرا على الدولة بل يحاول اليوم ترهيب الجزائريين"· وبعد أن جدد تنديده بالإرهاب وبالتفجيرات الأخيرة التي مست المجلس الدستوري ومقر هيئة الأممالمتحدةبالجزائر، دعا إلى مساهمة الجميع في مكافحة الإرهاب ابتداء من المدرسة والمسجد والساحة السياسية· وفي هذا السياق أكد الأمين العام للأرندي أن مكافحة الإرهاب الذي لازال يشكل خطرا على الشعب "تحتاج إلى الشجاعة والصبر وإلى تجنيد الجميع باليقظة والتبصر والابتعاد عن الخلط في التحليل"، مسجلا في هذا الصدد "إجماع الكل حول التنديد بالإرهاب بما في ذلك من كانوا بالأمس في الجبال"· كما أكد بأن "مساندة المصالحة الوطنية ليست مزايدة"، مشيرا إلى أن هذا المسعى "عانى من المبالغة والفوضى في الكلام"· من جانب آخر تم خلال لقاء جمع بجدة وزير الإعلام والثقافة السعودي السيد عياد بن أمين مدني بمسؤولي وسائل الإعلام والصحفيين الذين أدوا فريضة الحج بمكة المكرمة التنديد بتواطؤ وسائل الإعلام مع الإرهاب، حيث شجب المدير العام لوكالة الأنباء الجزائرية السيد ناصر مهل دور بعض وسائل الإعلام ومنها قناة "الجزيرة" "التي تجد متعة في بث الحقد والخلاف وخلق جو سلبي يتنافى مع كل القواعد الأخلاقية ومهمة وسائل الإعلام"· وأشار السيد مهل إلى أن التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي عديدة، تفرض على وسائل الإعلام التفكير سويا من أجل تصحيح الصورة الخاطئة التي يقدمها الغرب عن الإسلام· معبرا عن إدانته للتصرفات غير المسؤولة للشبكات التلفزيونية التي تحولت إلى ناطق رسمي باسم الإرهاب والإجرام· وبدورها استنكرت الصحافة الوطنية الاستفتاء اللاأخلاقي الذي نشرته الفضائية القطرية على موقعها الالكتروني، واعتبرته أكبر مما يكون مجرد خطأ عابر، وإنما ذروة احتقار للحياة الإنسانية وإهانة للأخلاق المهنية والقيم العالمية التي تعترف بها كل الأديان· وفي وقت تحدثت فيه بعض المصادر عن الاستياء واستنكار شديدين عبر عنهما الصحفيون الجزائريون العاملون بالفضائية القطرية، والذين طالبوا مسؤوليها بإجراء تحقيق داخلي والاعتذار للشعب الجزائري، أشارت بعض الصحف الوطنية إلى أن "الجزيرة" "أصبحت اليوم حصنا للإرهاب" وأن قدرتها على إحداث الضرر تتجاوز قدرة من يقتلون الأبرياء من دون تمييز، على اعتبار أنها "تسعى إلى إضفاء شرعية على مجرمين أنذال"· فيما كتبت أخرى تقول أن القناة "ارتكبت فاحشة إعلامية وضربت عرض الحائط بكل الأخلاق التي تفرضها مهنة الصحافة وأصبحت ناطقا رسميا باسم فلول الإرهاب وتعاطفت بشكل صريح مع صناع الجريمة"· وكانت عدة فعاليات سياسية ومدنية أعربت عن إدانتها الشديدة لما قامت به قناة إعلامية من تبجيل للاعتدائين الإرهابيين الجبانين اللذين استهدفا الجزائر وأودى بحياة 41 شخصا، ولقيا إدانة عالمية واسعة، حيث اعتبر حزب جبهة التحرير الوطني الاستفتاء بمثابة مد اليد ضمنيا للتنظيمات الإرهابية التي تنبذها كل الشرائع والأديان· مشيرا إلى أن مهنة الإعلام الحر هي المنبر الحقيقي لنبذ هذه الأعمال وحشد النفوس وإيقاظها من الأوهام والسموم التي تعتمدها أيادي الإجرام للزج بعقول الناس نحو الفتنة والقتل والخراب· وفيما ندد الحزب بشدة بما قامت به قناة "الجزيرة" من تطاول على الشعب الجزائري، دعا هؤلاء الذين يدّعون المهنية في الإعلام، الكف عن المزايدات والتهريج على حساب الضحايا والأبرياء وقيم ومبادئ وأخلاق الإسلام· كما استنكرت الأمانة الوطنية لمنظمة أبناء الشهداء، بشدة، ما قامت به قناة "الجزيرة" من تصرف لا مسؤول وصفته بالتجاوز الخطير الذي لا يمت بصلة أخلاقية لمهنة الصحافة وقطاع الإعلام· ويتجلى من الاستبيان الغريب الذي نشرته القناة الفضائية القطرية التي سبق لها استفزاز الجزائريين والمساس بمشاعرهم وأحاسيسهم أثناء الفترة الدموية الصعبة التي عرفتها الجزائر بفعل الإرهاب الأعمى، محاولة لإضفاء شرعية وهمية على أعمال منبوذة دينيا وإنسانيا وتبرير ما لا مبرر ولا شرعية له، والأغرب من كل هذا أنه في الوقت الذي يؤكد فيه مختصون غربيون بأن التنظيم الإرهابي الذي لازال ينفذ بعض العمليات الإرهابية في الجزائر يعاني شدة الخناق المفروض عليه من مصالح الأمن، ويفتقد إلى كل شرعية ودعم داخلي أو خارجي، ولذلك يعمد اللجوء إلى أسلوب التفجيرات الانتحارية لمحاولة التعبير عن ولائه لتنظيم "القاعدة" وكسب القليل من ود المتعاطفين معها، تمنح قناة "الجزيرة" التي يفترض أنها تبث انطلاقا من دولة عربية، نافذة إعلامية وعالمية لهذا التنظيم، فرصة الترويج لأفكاره الشيطانية وأعماله الإرهابية وتسويق صور الدم والدمار التي يصنعها، ضاربة بذلك عرض الحائط بكل القيم ومواثيق أخلاقيات مهنة الإعلام، بل وبكافة المواثيق الإنسانية الداعية إلى احترام كرامة بني البشر·