تواصلت ردود الأفعال الدولية المستنكرة للاعتداءين اللذين استهدفا أول أمس مبنى المفوضية الأممية للاجئين بحيدرة ومقر المجلس الدستوري ببن عكنون وأسفرا عن مقتل 31 شخصا وجرح 177 آخرين، ووصفت العديد من عواصم العالم والمنظمات الدولية هذا العمل الإرهابي الذي استهدف الأبرياء بالجبان والشنيع· وقد وقف رؤساء الدول والحكومات ووزراء البيئة المشاركون في مؤتمر الأممالمتحدة حول المناخ الذي افتتحت أشغاله أمس، بمنتجع بالي باندونيسيا دقيقة صمت ترحما على أرواح ضحايا التفجيرين الإرهابيين اللذين اقترفا في الجزائر العاصمة أول أمس، وخلفا 31 قتيلا و177 جريحا· كما أدانت منظمة الشعوب الإفريقية الآسيوية التفجيرين الإرهابيين، ووصفته بالعمل "الإرهابي والتخريبي، الذي يستهدف أمن الشعب الجزائري وتحريفه عن أهدافه الديمقراطية والتنموية"· وأضافت المنظمة الذي يوجد مقرها بالقاهرة أن "الإرهاب لا يقدم حلا ولكنه يدفع البلاد إلى الوراء"، مؤكدة أن النهج الوحيد هو "الحوار والديمقراطية"، ومعتبرة بأن هذه الأعمال "تقدم دليلا مجانيا للقوة المعادية للعرب والمسلمين التي لا تكف عن اتهامهم بالإرهاب"· من جهتها أدانت السيدة آن فينمان المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسيف" التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا بالجزائر العاصمة، وأعربت في بيان وزعه مكتب المنظمة في القاهرة أمس، عن تعازيها إلى قيادة وحكومة وشعب الجزائر وإلى أسر ضحايا الاعتداءين اللذين راح ضحيتهما العشرات من المدنيين الأبرياء· وأدانت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر في بيان الاعتداءين ووصفتهما ب"العمل البشع الذي استهدف مدنيين"، وقالت المفوضة الأوروبية "لقد خلف لديّ هذان العملان البشعان حالة استياء كبيرة وإني لأدينهما إدانة شديد"· وإذ عبّرت لأسر الضحايا عن تعازيها أعربت السيدة فالدنر عن أملها في أن "يحال المسؤولون عن هذا العمل البشع إلى القضاء"· وفي لندن وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الاعتداءين ب"الوحشية المرعبة" وعرض على الجزائر "كل مساعدة ممكنة" · كما وصفها رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي ب"الاعتداءين المفجعين، اللذين يؤكدان أن الإرهاب بات إحدى أكبر الآفات في الزمن الحاضر، وعلينا أن نستخدم كل الوسائل الممكنة لوقفه"· وقال وزير الخارجية الكندي ماكسيم برنييه أن "كندا تدين إدانة شديدة الاعتداءات الإرهابية الجبانة التي وقعت في العاصمة الجزائرية واستهدفت ضحايا أبرياء ومنهم طلبة ومارة وموظفون في الأممالمتحدة"· فيما ذكر ديباك اوبراي السكرتير البرلماني للسيد برنييه أن "الحكومة الكندية تدين بشدة هذه الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف حصرا نسف أسس الديمقراطية وتقويض استقرار الجزائر"، واعتبر أن "ما يثير الصدمة هو أن العناصر الإرهابية شنت هذه الهجمات الدامية ضد ضحايا أبرياء وموظفين في الأممالمتحدة يعملون من أجل مصلحة الشعب الجزائري"· وأدانت أفغانستان اعتدائي الجزائر، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سلطان احمد باهين لوكالة الأنباء الفرنسية "إننا ندين بشدة كل عمل ارهابي وندعو المجتمع الدولي إلى تعاون لمكافحة هذه الآفة"، كما أدانت كل من قطر والإمارات العربية المتحدة واليمن وجنوب إفريقيا عن إدانتها لاعتدائي الجزائر ولكل أشكال الإرهاب والعنف ضد المدنيين، وأعربت عن تضامنها الكامل مع الجزائر حكومة وشعبا· الصحف العالمية تجمع على أن الإرهاب يستهدف نجاحات الجزائر على صعيد آخر أجمعت الصحف العالمية التي تناولت أمس، التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا الشعب الجزائري أول أمس، أن مثل هذه الأعمال الإجرامية تستهدف النجاحات والانجازات التي حققتها الجزائر على مختلف الأصعدة· وأشارت الصحف الصادرة بلندن إلى أن تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي يستعين برمزية تاريخ الحادي عشر، يقف وراء التفجيرين الإرهابيين اللذين أوقعا أول أمس، عشرات القتلى والجرحى في بن عكنون وحيدرة بأعالي العاصمة الجزائرية· ورأت صحيفة "العرب" في افتتاحيتها أن التفجيرين فاجأ القائمين على الشأن الأمني والمهتمين بمجاله داخل الجزائر وخارجها "اعتبارا لفترة الهدوء النسبي التي يمر بها البلد·· واتجهت التحليلات إلى ترجيح تراجع النشاط الإرهابي في الجزائر وظهور بوادر انحساره أمام نجاح خيار الرئيس بوتفليقة في المصالحة"، لكن ما وقع الثلاثاء في الجزائر لا يمكن أن يكون قد فاجأ الراصد الجيد للشأن الجزائري والقادر على تتبع تسلسل الأحداث والسياق الذي تتنزل فيه"، حسب الصحيفة التي رأت أن التفجيرين "عقابا" طبيعيا ومنطقيا ومنتظرا للجزائر، يستهدف نجاحات الجزائر على الصعيدين الداخلى والخارجي· وتضيف العرب، أن الجزائر بدت بمثل هذه النجاحات على الجبهة الداخلية وسواها، عائدة إلى الساحة الدولية بقوة مذكرة العالم بفترات ازدهار دبلوماسيتها وصلابة مواقفها· وقد تجلت قوة الموقف الجزائري مؤخرا في اعتراضها الواضح والصريح على استقبال القارة لقيادة عسكرية أمريكية وضعت تحت مسمى "أفريكوم"· وأضافت الصحيفة "كذلك أبدت الجزائر صلابة في مفاوضاتها مع حلافائها الأساسيين في سوق الطاقة، ولم تشأ الانصياع لرغبات بعضهم في أن يتخذوا من حاجتها الاقتصادية مدخلا سهلا إلى استغلال ثروتها استثمارا وتسويقا· لتخلص إلى أن "كل هذه النجاحات الجزائرية وسواها كافية لأن تضع البلد تحت طائلة "العقاب" من قبل من يصنفون نجاح أي تجربة عربية في خانة الممنوعات، متسائلة "هل صدفة أن تأتي التفجيرات تتويجا لمسار جزائري من الحراك على مختلف الجبهات الداخلية والخارجية، وهل صدفة أن يتم تخير هدفي التفجير بحيث يتوزع إحراج الجزائر بالتساوي بين الصعيدين الداخلي· صحيفة "القدس العربي" وتحت عنوان "تفجيرات الجزائر الدموية ودلالاتها" كتبت أن الهجوم الذي استهدف مقرا للأمم المتحدة في العاصمة الجزائرية يحمل بصمات "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" لأن "هذا التنظيم الفرع مثله مثل التنظيم الأم يصنف المنظمة الدولية على أنها أداة في يد الولاياتالمتحدةالأمريكية، طالما هاجمها في أدبياته سواء تلك المنشورة على شبكة الأنترنت أو من خلال الأشرطة المصورة والصوتية لأيمن الظواهري الرجل الثاني في التنظيم"· وتضيف الصحيفة أن "استهداف الأبرياء وبهذه الطريقة الدموية البشعة يكشف عن عقلية متعطشة للدماء هدفها التخريب والترويع وتقديم صورة مشوهة للإسلام والمسلمين لأن العقيدة الإسلامية تحرم سفك دماء الأبرياء وإزهاق أرواح المسلمين مهما كانت الأسباب، فالضحايا الذين سقطوا من جراء هذا التفجير كانوا من المسلمين والجزائريين على وجه الخصوص الذين يشكلون أغلبية العاملين في مكاتب المنظمة الدولية المستهدفة بعملية التفجير الدموية هذه· صحيفة الحياة لاحظت أن الهجومين جاءا بعد أسابيع من الهدوء الملحوظ على الجبهة الأمنية بررته مصادر متابعة بنجاح السلطات في توجيه ضربات قوية إلى "القاعدة" سواء من خلال الكمائن التي استهدفت عددا من قيادييها أو من خلال الهجمات التي استهدفت قواعدها الخلفية خصوصا في الجبال"· ومن جهتها صحيفة "الغارديان" لاحظت أن ما وقع في الجزائر "تزامن مع اتخاذ إجراءات صارمة من جانب السلطات ضد الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وربما كان محاولة لإثبات أن هذا التنظيم لديه القدرة على التحرك على نطاق أكبر من المتصور"، وتربط "الغارديان" بين إعلان هذا التنظيم الإرهابي الولاء للقاعدة والأوامر التي أصدرها له أيمن الظواهري وبثت في شريط فيديو· ونقلت الصحيفة عن جورج جوفي الأستاذ في جامعة "كيمبريدج" خبير الشؤون المغاربية قوله "على الرغم من ولاء تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال الإرهابي للقاعدة، فإن "هذه المجموعة تستهدف في المقام الأول ضرب الحكومة الوطنية الجزائرية" · مضيفا أن "هناك هدف واضح من إرادة إعطاء طابع إقليمي وعالمي لهذه المجموعات، ولكن الواقع يبقى أنها جزائرية منبثقة عن جماعة جزائرية" ولذلك يستبعد جوفي أن تكون هناك شبكة إقليمية فعلية لهذه المجموعات على صعيد المغرب العربي ككل"· واعتبرت صحيفة "دايلي تليغراف" أن تحول تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى تنظيم فرعي للقاعدة كانت بهدف الاستفادة من "الاسم التجاري" للقاعدة لجلب المزيد من المنخرطين وللتعويض عن الفشل في تقويض الحكم، وبعد الاندماج في القاعدة صار هدف هذا التنظيم الإرهابي هو" تنفيذ هجمات لذاتها ولا سيما ضد المصالح الغربية"، حسب الصحيفة التي توقعت أن يلجأ هذا التنظيم إلى تحريك خلاياه في الغرب وأن يستهدف مصالح غربية في بلدان أوروبية· من جهتها كتبت صحيفة "الدستور" الأردنية مقالا تحت عنوان "الجزائر أقوى من الإرهاب" أكدت فيه أن تفجيري الجزائر هو رد فعل يائس آخر من جماعات إجرامية تم محاصرتها وتهميشها ضمن إطار سياسة الوفاق والمصالحة الوطنية، التي أعادت البلاد إلى حالة الهدوء والأمن والتجانس بعد سنوات من العنف الوحشي الذي مارسته التنظيمات الإرهابية وما ترتب عنه من حالة طوارئ أمني وتعطيل للاقتصاد والتنمية في الجزائر، "إلى أن جاءت مبادرة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لتضع حدا لهذا الصراع الدموي"· فالنصر الذي تحقق في الجزائر ضد الإرهاب تقول الصحيفة، كان نصرا حاسما وجذريا وأنهى واحدة من أشد الفترات ظلاما في تاريخ المواجهات العربية مع الإرهاب، ولذلك بقيت فلول التنظيمات الإرهابية في الجزائر تشعر بالحقد على فشلها الذريع وباحثة عن الفرص المتاحة للعبث بالأمن الجزائري· وقالت الصحيفة أن "المواجهة مع الإرهاب هي مواجهة عربية شاملة وليست مقتصرة على دولة دون أخرى، لأن خطر الإرهاب بات يهدد الجميع وحتى بعض الدول التي اتخذت في الماضي، موقفا مترددا باتت هي الأخرى في عين العاصفة الإرهابية التي لا تفرق بين الناس في اختيار ضحاياها"· وأضافت أن المواجهة مع الإرهاب ليست قضية الأجهزة الرسمية من حكومات وأجهزة أمنية مختلفة بل هي مواجهة شعبية عقائدية وفكرية وثقافية في المقام الأول، "لأن ضحايا الإرهاب هم من المواطنين العرب والمسلمين والضيوف الآمنين وأعضاء المؤسسات الدولية التي تقدم المساعدات الاقتصادية والتنموية"· ولاحظت "الدستور" أن الإرهاب يهدف إلى تشويه صورة الدين الإسلامي وربطه مع العنف والدمار مع أنه دين الرحمة والسلام والقناعة وجمع الناس لا التفرقة بينهم، مؤكدة بأن "مواجهة الإرهاب هي عنصر رئيسي في الدفاع عن سمعة الإسلام في العالم وهي مواجهة فكرية وثقافية لأن الإرهاب يستهدف الحرية والفكر الحديث والتعددية ويريد أن يخضع الجميع لفكرة واحدة ظلامية لا تملك القدرة على التعايش مع العصر ولا يمكن القبول بها"·