يشكل الاستثمار السياحي بباتنة وآفاق تطويره وعصرنته، انشغالا لدى السلطات الولائية لبعث حركة السياحة بالمنطقة؛ إذ نوقش الموضوع في العديد من المناسبات خلال زيارات سابقة لمسؤولين سامين وحتى سفراء بعض الدول الأوروبية بالجزائر. الواضح في هذا الشأن المحلي، أن عوائق بعث السياحة في الأوراس تُطرح بشكل ملفت لعدة اعتبارات؛ بدءا برحلة البحث عمن يخدم السائح، إلى توفير المرافق وعصرنتها وفق التطور الحاصل في الميدان؛ لأن مشكلة الثقافة السياحية مطروحة. ويبقى الرهان على استغلال فرص الاستثمار التي وفرتها السلطات المحلية للقطاع الخاص؛ إذ يُعد قطاع الاستثمار بولاية باتنة من بين القطاعات التي أولتها السلطات المحلية أهمية بالغة خلال السنوات الأخيرة، حيث أضحى الملف ضمن الأولويات، لاسيما في ظل المشاكل التي شهدها القطاع، بفعل بيروقراطية الإدارة، التي كانت بمثابة مانع أعاق نشاط المستثمرين وحال دون تجسيد مشاريعهم. ويرتبط موسم الصيف عادة بالحرارة التي تدفع العائلات إلى البحث عن أماكن للتسلية والراحة، حيث لم تخرج العائلات الباتنية عن هذا الطرح في بحثها عن التنوع، وهو يشكل المعيار الأساس أمام الفرص المتاحة للترويح عن النفس، خاصة أن الولاية تعززت بمكاسب، فضلا عما تزخر به من معالم تاريخية وسياحية، فيما تبقى شواهدها المادية تتمثل في الآثار لتحفظ للتراث هيبته وشخصيته. وتختلف صائفة هذه السنة عن باقي السنوات الماضية بفعل الواقع الأسود الذي فرضه "كوفيد 19"؛ حيث ظلت المنتزهات السياحية مغلقة في وجه المواطنين؛ تفاديا لانعكاسات الوباء، وفرضا لإجراءات الوقاية منه، ومع ذلك تفضل بعض العائلات الخروج إلى منطقة كوندورسي للترفيه وقضاء الأوقات في الطبيعة؛ حيث شوهد شباب قصدوا المنطقة للترويح عن النفس، وإقامة لقاءات الشواء على الجمر باستغلال حطب أشجار الغابات المجاورة. فمقارنة بوقت سابق، يجد الباتنيون هذه الصائفة متعة حقيقية في بعض المرافق السياحية ولو على قلّتها، وأمكنة للتسلية أفرغت ممرات بن بولعيد من محتواها التي ظلت المتنفس الوحيد للعائلات طيلة الصيف، خصوصا تلك الفئات المحدودة التي يتعذر عليها الاستمتاع بفرص المخيمات الصيفية والتنقل إلى السواحل الجزائرية، على غرار حديقة التسلية "بجرمة" وحديقة الحروف بحي الإخضرار، والمركّب الثقافي الرياضي بكشيدة. وخلافا لسنوات ماضية فهذه السنة لا يوجد برنامج رسمي خاص بالصيف بسبب انتشار كورونا؛ إذ كان الصيف قبل هذه السنة يشكل فرصة رائعة لكل أفراد العائلة، للخروج والتمتع بنشاطاته التثقيفية والترفيهية. المنتزه السياحي بحملة... فضاء آخر للترويح عن النفس يتواجد هذا المنتزه السياحي بالمكان المسمى أمقر أغزران بأعالي "كوندورسي" بباتنة، وهو مشروع سياحي ضخم، كما أشار مالكه السيد لمنور العابدي، الذي كان في وقت سابق يراهن على عملية توسيعه؛ إذ كان متوقعا أن يكلفه المشروع 25 مليار سنتيم؛ من خلال توفير مختلف المرافق، وفي مقدمتها تزويد المنتزه بالطاقة الكهربائية؛ إذ يعرف إقبالا كبيرا من العائلات منذ بداية كل صيف، كما يتوفر على فضاءات كبيرة للتنزه والراحة، ويوفر الخدمات لزواره من إطعام ومواقف آمنة للسيارات. ويمتد هذا المنتزه على مساحات مهمة مترامية، وسط تضاريس طبيعية غنية بثروتها النباتية والحيوانية، وفي مقدمتها أشجار الأرز الباسقة التي تتوفر على شتى الإمكانيات، والوسائل التي تساعد على جلب واستقطاب اهتمام هواة الطبيعة، وخاصة بالمرتفعات. ويشكل هذا الموقع السحري منطقة عذراء لم تعبث بها يد البشر، حيث تبدو أشجار الأرز الأطلسي والبلوط الأخضر وبعض أنواع الأشجار الأخرى كالقيقباء والنباتات والأزهار وغيرها، وكأنها تعيش إلى حد الآن في هدنة مع الإنسان. وما يشد الانتباه بهذا الفضاء السياحي طاولات الشواء وكل المستلزمات التي تحتاجها العائلات هناك؛ من وسائل الراحة والأمن وغيرهما؛ حيث تتجلى مظاهر الفرحة والابتهاج للزوار. وإلى جانب ذلك، تتواجد بالمنطقة غابات مجاورة لهذا الفضاء المخصص للعائلات، زادت المنتزه بهاء بهذه المنطقة، التي تشكل بقراها ومشاتيها الجبلية وينابيعها المائية المتدفقة هي الأخرى، واجهة متقدمة للسياحة الجبلية، التي يستمتع بها الزائر بما أبدع الخالق من مناظر طبيعية خلابة وجبال وكهوف ووديان تمتد على مد البصر، فضلا عن ينابيع مائية تنافس قارورات المياه المعدنية في لذتها، والتي تستهوي الكثير من المواطنين ممن يريدون التنويع في تذوق عذوبة المياه؛ ما يدفعهم إلى القيام بجولات في مختلف المناطق الجبلية؛ بحثا عن منابع جديدة تتدفق منها مياه أكثر برودة وعذوبة. حديقة "لامبي بارك"... فضاء ترويحيّ بامتياز في ظرف سنوات قليلة تبوّأت حديقة التسلية والترفيه "لامبي بارك" الواقعة على بعد 20 كلم شمال مدينة باتنة، مكانة مميزة؛ إذ أصبحت قبلة للعائلات الباتينية والزوائر القادمين من الولايات المجاورة، خاصة في فترة الحر، وتستقطب يوميا هذه الحديقة نحو 4 آلاف زائر. وتتوفر على خمسة مسابح وسبعة ملاعب مطاطية مائية توفر أجواء الراحة والتسلية، خصوصا منها تلك المزالق المائية المثيرة. كما تضم حديقة ‘'لامبي بارك" العائلية التي افتتحت في شهر جوان 2008، ما يناهز 24 لعبة ووسيلة ترفيه للأطفال والكبار، منها الترامبولين "المرجحات"، والألعاب المنفوخة، موزعة على وسط طبيعي ملائم يتربع على 22 هكتارا من الأراضي المؤجرة لدى بلدية جرمة. ويسهر القائمون عليها على ضمان الراحة وتوفير كل الخدمات الضرورية للزوار؛ من مواقف السيارات ومطاعم ومحلات "البيتزا". حديقة التسلية قادري بفسديس.. فضاء يستهوي العائلات تشهد حديقة التسلية قادري بفسديس بباتنة خلال فصل الصيف، انتعاشا سياحيا؛ إذ تعرف إقبالا منقطع النظير خلال فصل الحر. ويجد زوارها من الولاية وخارجها بالولايات الشرقية المجاورة وولايات الجنوب من العائلات من ذوي الدخل الضعيف والمتوسط، كل التسهيلات والأجواء الملائمة للترويح عن النفس، علما أن أبوابها مفتوحة على مدار السنة لكل العائلات. وكانت هذه الحديقة التي تتربع على 15 هكتارا، سجلت ما يزيد عن 5000 زائر يوميا يأتون من مناطق مختلفة للاستمتاع بهذا الصرح السياحي الذي تدعمت به الولاية وروعة في إنجازها المواصفات العالمية؛ إذ تتوفر على مطعم وفندق بسعة 70 سريرا، إضافة إلى موقف سيارات محروس من قبل عون أمن ليلا نهارا، وذلك على مساحة تفوق الهكتار، إلى جانب ذلك فإنها تضمن خدماتها للأطفال الصغار من خلال فضاءات اللعب والتسلية. ويساهم دورها في بعث الحركة السياحية بالمنطقة على غرار المرافق التي تدعمت بها الولاية خلال السنوات الماضية. وحسب مسيرها ومالكها السيد قادري ساعد، فإن مشروع إقامة هذا المرفق السياحي الذي أنجز في ظرف قياسي تبعا لمتطلبات الراهن السياحي بالمنطقة وبالنظر إلى ما تزخر به الولاية ككل من معالم سياحية وأثرية واستجابة لانشغال المواطنين، خصوصا ذوي الدخل الضعيف والفئات المتوسطة وكذا استجابة لطلباتهم خصوصا في فصل الحر ولضمان استمرارية نشاط الحديقة، أضاف المتحدث أن أشغالا أخرى سيُشرع فيها لاحقا؛ من خلال استغلال أزيد من 9 هكتارات أخرى. كما يطمح صاحب الحديقة لتوسيع فضاءات اللعب الخاصة بالأطفال؛ بتثبيت ألعاب أخرى على غرار ألعاب السيارات والأخطبوط الطائرات وفضاءات التزحلق والعجلة الكبرى. وحسب المتحدث، فإن الأسعار لم تخرج عن كونها رمزية، مع الإشارة إلى أن الفئات المحرومة والمعاقين يستفيدون من خدماتها مجانا طوال السنة. ولضمان وقت مريح بهذا المرفق السياحي بدون مخاطر في مناخ طبيعي صحي، تم خلال السنوات الأخيرة غرس أكثر من 2000 شجرة زيادة عن المتوفرة. وقد نوّه "قادري" بضرورة الاستثمار في هذا المجال لتطوير السياحة في الولاية، لكن مع مراعاة التجديد في الأفكار والتقنيات المستخدمة، لضمان وصول الرسالة وتعميم الفائدة، وكذلك التركيز على تذليل العقبات والعراقيل، كإشكال النقل الذي كانت توفره الحديقة مجانا قبل هذه الصائفة، لضمان نقل المواطنين عبر أحياء باتنة من وإلى الحديقة.