قرر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مواصلة سياسته الهادفة إلى توسيع المشاركة السياسية للمرأة، وتعيين النساء في وظائف كانت في السابق حكرا على الرجال، كمنصب الوالي والسفير وعميد الجامعة ورئيس المجلس القضائي وعضو في الحكومة مطالبا الحكومة بتخصيص نسبة معقولة منها للمرشحات من النساء في مناصب المدير المركزي ورئيس المؤسسة العمومية. ففي حفل تكريمي أقامه أمس على شرف النساء الجزائريات بمناسبة الثامن مارس بقصر الأمم نادي الصنوبر، بشر رئيس الجمهورية المرأة الجزائرية بالآفاق الواعدة لترقية حقوقها أكثر، لاسيما السياسية منها التي تبقى دون الآمال المنشودة، وهو ما أكد عليه عندما أشار الى ضرورة تعزيز الحضور النسوي على مستوى الحكومة والبرلمان "الذي ما يزال محدودا للغاية" ولا سيما في الوظائف التي تسند عن طريق الانتخاب". ولتدارك ذلك قرر رئيس الجمهورية إنشاء لجنة لاقتراح مشروع قانون عضوي لتنفيذ المبادئ الدستورية لإتاحة مشاركة أكبر للمرأة في المجالس المنتخبة، وهي لجنة مماثلة لتلك التي كلفت بصياغة تعديل الدستور وتهدف إلى تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية الوطنية. كما أن مهمة ترقية الواقع السياسي للمرأة مرتبط بتحديث الحياة السياسية من منطلق أن وصول النساء الى مناصب المسؤولية مايزال محدودا و"أنهن أبعد من الرجال عن مناصب اتخاذ القرار" وعليه فإن تعزيز مكانة المرأة - يؤكد رئيس الجمهورية - يقتضي "فتح ورشة شاحذة للهمم بمعية الجمعيات النسوية والنقابات والأحزاب السياسية"، ولعل المسؤولية الأكبر تقع على عاتق التشكيلات السياسية التي لها دور حاسم في تشجيع تقديم المرأة لمواقع الترشح وفق معيار الكفاءة بدل اختيارها لترتيبها في آخر القوائم الانتخابية. فحضور المرأة الجزائرية في الحكومة جاء استجابة للمطلب الديمقراطي، كما يؤكد أهمية مشاركتها في شؤون الدولة - يضيف رئيس الدولة- ولن يتأتى ذلك أيضا إلا بقيام مؤسسات الدولة بإزالة كافة أشكال التمييز، "ومن الأهمية بمكان التذكير بأن استعراض القوانين والنصوص القانونية يكشف أن لا وجود فيها لأي تمييز، فالمكسب هذا ليس هينا من حيث أن التشريع هو المضمار الذي يكمن فيه جوهر الأمر". ولا يقتصر الأمر على المجال السياسي بل يشمل أيضا قطاعات أخرى في الوقت الذي يتبين فيه بأن النساء مازلن يمثلن الأقلية في عالم الشغل، قدرها الرئيس بوتفليقة ب16 بالمائة من اليد العاملة، وهو ما يتطلب بذل جهود أكبر للوصول إلى مستويات أنجع وأكثر مواءمة لتطور المجتمع، ولعل ذلك ما تهدف إليه الورشات القانونية المفتوحة مؤخرا بغرض تمكين الجزائريات من حقوقهن كتعديل قانون الأسرة وقانون الجنسية والدستور. فالصبو إلى الأهداف المنشودة ينصب في إطار كسب معركة المشاركة الحقيقية للمرأة في التجدد الجزائري، ومن ثم إنجاح "برامج التنمية التي تحتاج إليها البلاد". وعليه رفض رئيس الجمهورية النظرة التي تصور "قضية حقوق المرأة بأنها قضية بر وإحسان" بل أنها " قضية حقوق مشروعة معترف بها في المشرق والمغرب ومستوى الديمقراطية والتنمية". وتنبع قناعة الرئيس بوتفليقة من منطلق معايشة المرأة الجزائرية لظروف صعبة خلال العشرية السوداء حيث ذاقت ويلات الإرهاب واستخلصت الدروس منها، في الوقت الذي أدركت فيه حقوقها ومكانتها وضرورة الدفاع عنها، ولضمان استمرارية هذه المكاسب أكد رئيس الجمهورية على الدور الذي يجب أن تضطلع به المدرسة من خلال تلقين "أبنائنا قيم المساواة" والابتعاد عن الصور النمطية التي تجاوزها المجتمع، كما أن لوسائل الإعلام أيضا دورا أساسيا في تكوين الذهنيات والآراء من خلال إطلاقها لمبادرات قوية بتوثيق صلة عملها مع المجلس الوطني للأسرة والمرأة". فرغم الأشواط الكبيرة التي قطعتها المرأة الجزائرية في مجالات عديدة بفضل ما قدمته مجاهدات ثورة التحرير الوطنية اللائي حياهن الرئيس بوتفليقة بهذه المناسبة، إلا أنه (رئيس الجمهورية) أبى إلا أن يذكر بالأشياء الكثيرة التي مازالت تنتظر المرأة، قائلا في هذا الصدد "لابد أن نعترف بأننا مازلنا في بداية الطريق لكن الطريق معبد سيار".