❊ مقترحات بإلغاء الضريبة على القيمة المضافة ❊ الأسر مطالَبة بالتخطيط المالي لمحاربة جشع التجار ❊ الأزمة ظرفية وحلُّها في يد المنتجين الوطنيّين تتواصل تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية التي مست الجزائر على غرار دول العالم، والتي شملت بفعلها القدرة الشرائية للمواطن، الذي يشتكي من غلاء المعيشة بفعل زيادة أسعار المواد الغذائية، لا سيما المواد الأساسية والمعجنات، التي كانت إلى وقت غير بعيد، في المتناول، إلا أن ارتفاع سعر علبة المعكرونة مثل "المحمصة" التي تُعد رفيقة الزوالي في أيام الشتاء، أوشكت أن تزول من قائمة غذاء المحتاجين. هذا الوضع اشتكى منه أرباب البيوت بعدما عمّقت الأزمة الصحية جراح فئات عريضة من المجتمع بالنظر إلى توقف نشاط عدة قطاعات، وتسريح عدد من معيلي الأسر الذين انقطعت مداخيلهم. فتحت "المساء" ملف الأسعار والقدرة الشرائية، وكيفية التعامل حيال الزيادات التي مست أغلب المواد الغذائية واسعة الاستهلاك؛ كالحبوب الجافة والمعجّنات؛ إذ بحثت في الأسباب من خلال الغوص في أعماقها بالتواصل مع كل الأطراف التي لها علاقة بالموضوع على غرار تجار الجملة بسوق السمار، والاستماع لانشغالات المواطنين بالمحلات، مع البحث عن الحلول المطلوبة للخروج من الأزمة، والتي دَلا فيها المختصون في المجال بدلوهم، مشيرين إلى أن انخفاض الدينار كان وراء ارتفاع أسعار السلع المستوردة، والمنتجات المحلية المستوردة مادتها الأولية. وطمأن رئيس جمعية الحاج الطاهر بولنوار في تصريح ل "المساء"، بأن الأسعار يُنتظر أن تعرف استقرارا خلال هذه السنة بتوفر شرطين؛ الأول: إذا تم الالتزام برفع مستوى الإنتاج الوطني الذي يحقق الوفرة، ومن ثمة المحافظة على استقرار أسعار خاصة المواد التي يجري استيرادها، بينما يرتبط الشرط الثاني بالحكومة، التي يتعين عليها أن تلعب دورها في الحد من تدهور قيمة الدينار؛ لأن الأسعار في كل دول العالم مرتبطة بمعدل النمو والإنتاج، وبمدى تخفيض نسبة التضخم. ومن ثمة فإن المسؤولية في تدني القدرة الشرائية مشتركة بين المنتجين والحكومة و«كورونا"، في حين نبّه حسان منوار، رئيس جمعية الأمان لحماية المستهلك، إلى أنه يتطلب من المستهلك الابتعاد عن الشكوى، وأن يتجه إلى إعادة بناء برنامجه المالي؛ من خلال تسطير لائحة الأولويات الضرورية، مع التأكيد على أن التقليل من حدة الأزمة الاقتصادية يتحقق، أيضا، من خلال الفعل التضامني، الذي يتطلب من الدولة أن تسترجع ثقة المواطن، وتلغي بعض الضرائب؛ كالضريبة على القيمة المضافة "تيفيا"، على الأقل سنة أو سنتين. وأكد رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي، أن هناك أسبابا داخلية لا تقل خطورة عن الخارجية، تتمثل في الجشع، والاحتكار، والمضاربة التي يمارسها بعض المتعاملين الاقتصادين، الذين لا علاقة لهم بالمهنية والضمير. ومن جهته، أرجع السعيد قبلي، رئيس الفيدرالية الوطنية لتجار الجملة والمواد الغذائية العامة، المضاربة في الأسعار في سوق السلع الغذائية والخضر والفواكه وتأثيرها على القدرة الشرائية للمواطن، إلى الفوضى المسجلة في الأسواق الجوارية... وقد جاءت تفاصيل كل ذلك في هذا الملف. أحلام محي الدين بعدما أفرغت الزيادات العشوائية جيوبهم .. مواطنون متشائمون... متذمّرون وناقمون أثقلت القدرة الشرائية كاهل المواطن، الذي لم يعد قادرا على تلبية احتياجاته الضرورية بعد أن استغنى عن كثير من الأشياء التي أصبحت، اليوم، في ظل تداعيات الأزمة الحالية في نظره من بين الكماليات... تراجعُ مداخيل جل الأنشطة التجارية، وتسريحُ عدد من أرباب الأسر الذي قابلَه ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، جعل جل المستجوَبين من الذين مسّهم الاستطلاع، متشائمين ومتذمرين وناقمين، خاصة مع استمرار الوباء، وانهيار قيمة الدينار. سمحت الجولة الاستطلاعية التي قادت "المساء" إلى مدينة العفرون بولاية بالبليدة، بجس نبض التجار والمستهلكين حول القدرة الشرائية، وكيفية التعامل حيال الزيادات التي مست بعض المواد الغذائية واسعة الاستهلاك؛ كالحبوب الجافة والمعجّنات، فكانت البداية بزيارة مركز تجاري وسط المدينة. أول انطباع لمسناه انتشار الزبائن بين مختلف الأجنحة التي تحوي في مجملها مواد غذائية ضرورية؛ كالسكر والقهوة والزيت والحبوب الجافة ومختلف أنواع العجائن والزيوت، بينما كانت الأجنحة الأخرى المتعلقة بالأجبان وبعض مشتقات الحليب كالياغورت والبسكويت والشوكلاطة والمكسرات وغيرها من المواد المستوردة، تكاد تكون خالية من الزبائن. وفي دردشتنا مع بعض العاملين في المركز التجاري، أكدوا تراجع القدرة الشرائية للزبائن؛ من خلال اقتصار المشتريات على بعض المواد الضرورية، وتجنب تلك المستورَدة، واختيار المواد الاستهلاكية منخفضة الثمن. وحسبهم، فإن عددا كبيرا من الزبائن عندما يقصدون صندوق الدفع، يشتكون من ارتفاع الأسعار. وأكدت المسؤولة عن المركز التجاري، أن جل المواد الاستهلاكية مستها زيادة نوعية في الأسعار، أصبح، بموجبها، المستهلك غير قادر على تحمّلها. وحسبها، فإن المواد الغذائية عرفت نوعين من الزيادة؛ الأولى شهدتها نهاية سنة 2020، بينما الزيادة الثانية كانت مع حلول شهر جانفي؛ إذ ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية بشكل كبير مثل العجائن وبعض أنواع الحبوب الجافة، مشيرة إلى أن أغلب الزبائن يميلون، اليوم بسبب ضعف القدرة الشرائية، إلى اقتناء ما يحتاجون إليه بدون زيادة؛ بمعنى أنهم لا يشترون بكميات كبيرة كما كانوا يفعلون سابقا. ومن جهة أخرى، أوضحت ذات المتحدثة أن بعض الزبائن باتوا يرفضون إدخال أبنائهم إلى المراكز التجارية حتى لا يحرجوهم، مشيرة إلى أن وباء كورونا أثر، بشكل كبير، على القدرة الشرائية، وهو ذات الانطباع الذي لمسناه عند تاجر آخر يبيع المواد الغذائية، أكد في معرض حديثه، أنه اضطر بعد تدني القدرة الشرائية، للتخلي عن عدد كبير من السلع التي لم يعد الزبون قادرا على شرائها، وسعى إلى تخفيض كمية بعض السلع الأخرى؛ حتى لا تظل مكدسة في المحل، متجها إلى اقتناء السلع التي عادة ما يفضلون شراءها لانخفاض ثمنها رغم قلة نوعيتها، مؤكدا أن وباء كورونا جعله يعود إلى نظام العمل بالقرض من باب التضامن مع بعض العائلات التي أصبحت عاجزة حتى عن اقتناء المواد الضرورية. واقتربت "المساء" من بعض الزبائن، الذين تحدثوا عن الطريقة التي باتوا يتعاملون فيها مع الزيادة في أسعار السلع الاستهلاكية؛ إذ أوضحت إحدى المواطنات أنها لم تعد قادرة على تحمّل أعباء القدرة الشرائية رغم كونها عاملة، فلم يعد راتبها يكفي لتلبية الاحتياجات الضرورية بعدما بلغ سقف الفرينة 70 دج، والعدس 190 دج للكيلوغرام الواحد، والعجائن مثل المقرونة سقف 56 دج، مؤكدة أنها تحاول في كل مرة تتقاضى فيها راتبها، المسارعة إلى اقتناء حاجاتها من المواد الضرورية، واستبعاد عدد كبير من المواد الأخرى، بينما أكدت مواطنة أخرى أنها أصبحت تتجنب اقتناء السلع المستوردة، والبحث عن الأدنى ثمنا؛ للوصول إلى توفير بعض المال، على غرار القهوة، مثلا؛ إذ تختار الأزهد ثمنا؛ لأن المهم، اليوم حسبها، أمام ارتفاع الأسعار المبالغ فيها، هو الاكتفاء بما قلّ ودل من المواد التي تسمح بتلبية الاحتياجات الضرورية. وأعربت مواطنة أخرى عن مسارعتها بمجرد تقاضي الراتب الشهري، إلى شراء المواد الضرورية، وتجنب تلك المعروضة بشكل لائق لربح بعض المال. وحسبها فإن زيارة المراكز التجارية الكبيرة أصبحت بمثابة المجازفة؛ لأن الأغلبية يكتفون بالتفرج، ويعجزون عن اقتناء ما يُعرض؛ لذا تقول بأنها قلّما تزور المساحات التجارية الكبيرة، وإن حدث لا تصحب أبناءها، ويكون الغرض من الزيارة البحث عن تخفيضات في بعض السلع. وإذا كان سعر المواد الغذائية مسّه ارتفاع غير مسبوق وأضر بالقدرة الشرائية، فإن اللحوم البيضاء والحمراء عرفت استقرارا إن لم نقل تراجعا نسبيا مقارنة بالسنة الماضية، حسبما كشف عنه ل "المساء" بعض الباعة. وحسبهم، فإن اللحوم البيضاء والحمراء تشهد استقرارا على خلاف المواد الغذائية، ومع هذا أكدوا تسجيل تراجع في الشراء بسبب ضعف القدرة الشرائية؛ إذ لم يعد الراتب الشهري يكفي لسد احتياجات أفراد الأسرة الواحدة بسبب تدنّي قيمة الدينار وضعف الأجر الشهري. طالع/ * الإمام سيف الدين قديد ل "المساء": استغلال الأزمة جريمة شرعية واقتصادية *السعيد قبلي رئيس الفيدرالية الوطنية لتجار الجملة ل "المساء": تنظيم الأسواق الجوارية وفرض الرقابة سيعمل على استقرار الأسعار *مصطفى زبدي رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك: السوق العالمية.. المضاربة والاحتكار وراء نار الأسعار *أرجعها إلى قيمة الدينار ونقص الإنتاج الوطني .. حاج طاهر بولنوار: ضعف القدرة الشرائية مسؤولية مشتركة *جمعية الأمان لحماية المستهلك تحث على التخطيط للميزانية .. غياب التضامن العائلي عمّق الشعور بالأزمة الاقتصادية *تجار سوق الجملة بالسمار يؤكدون .. تراجع الدينار.. كورونا وارتفاع أسعار السلع بالمصانع وراء الزيادة