نظر مجلس قضاء العاصمة مؤخرا، في قضية زوجة زورت توقيع زوجها المتوفى على صك، قصد سحب مبلغ 550 مليون سنتيم من حسابه المصرفي، إضرارا بالورثة لحرمانهم من تركته، منهم والدته وزوجته الأولى مع أبنائها القصر. وقد كانت محكمة الدرجة الأولى قد أدانت المتهمة »خ.ج« الزوجة الثانية، بعقوبة سنة مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 000.10 دج.. والتمس وكيل الجمهورية ضعف العقوبة المحكوم بها عليها أمام محكمة الدرجة الاولى وجعل العقوبة الصادرة في حقها هذه المرة نافذة. ومن خلال الاطلاع على الوقائع، تبين أن الشكوى قدمت من طرف والدة المرحوم (ز.ز) والزوجة الاولى »ن.ب« ومفادها أنه بعد مرور اربعين يوما على وفاة المرحوم، عقد جميع الورثة بحضور المتهمة، اجتماعا كان الغرض منه التطرق الى جميع الحقوق والمسائل العالقة، وكانت المتهمة ساعتها قد اقترحت على مجلس الاجتماع أن تباع قطعة ارضية ملك للمرحوم قصد استيفاء جميع حقوقها المادية، دون أن تكشف لهم حينها عن مسألة وجود صك كان المرحوم قد دفعه إليها قصد سحب المبلغ محل المتابعة، وقد رفض الجميع طلبها المتعلق ببيع القطعة الارضية، ليكتشفوا بعد مرور سنتين بالضبط من وفاة المرحوم، قضية تزويرها بتقليدها توقيعه على ورقة صك باسمها قصد سحب مبلغ 550 مليون سنتيم من رصيده البنكي، ولم تكن المتهمة حسبهم قد ذكرت لهم ان المرحوم قد ترك لها ورقة الصك باسمها لسحب هذا المبلغ الخيالي وبتوقيعه، بل أن المرحوم لم يطلع والدته السيدة »ر.ز« بذلك حسب تصريحاتها للقاضي، فقد كان يدخر جميع ثروته عندها ولم يكن ليتصرف فيها إلا بإعلامها عن كل صغيرة وكبيرة تضيف والدة المرحوم. وبخلاف ما ورد على لسان الضحيتين، فقد ذكرت المتهمة »خ.ج« أنها تاجرة وميسورة الحال وقبل اقترانها بالمرحوم وتملك سجلا تجاريا وتقوم بتموين جميع باعة الأحذية بالمواد الأولية التي تدخل في صناعتها.. ناكرة كل ما ورد على لسان الضحايا في شكوى المتابعة وفي جلسة المحاكمة، كون الخلاف حول ورقة الصك تقول المتهمة، ظهر بمجرد مرور أربعين يوما على وفاة زوجها ولم يكن وليد الساعة كما حاولت أن توهم به الضحيتان هيئة المجلس.. مضيفة ان جميع الورثة كانوا على علم بمسألة الصك الذي تركه لها زوجها وأن هذا الاخير كان كل مرة يمضي بطريقة مختلفة تقول المتهمة، نافية ما نسب إليها من اتهامات لحرمانها من حقوقها بافتعال هذه القضية ومن ثم الانفراد بثروة المرحوم لا غير، حيث لم يكن المبلغ الوارد في ورقة الصك جزءا من الميراث، بل دين لها على رقبة المرحوم وهو على قيد الحياة. وأضافت انها لما طالبت المجتمعين في مجلس الاجتماع بتصفية كل الحسابات واقترحت عليهم بيع إحدى الحصص العقارية الخاصة بالمرحوم قصد استيفاء دينها عوض تقديم ورقة الصك للتسديد، رفضوا جميعا ولم يبق لها بعد ذلك إلا الحل الأخير بتقديم ورقة الصك للسحب، وهو طريق ضامن لحقوقها، ختمت المتهمة اقوالها. ممثل النيابة العامة طالب بتشديد العقوبة وجعلها سنتين حبسا نافذا مع تغريمها بمبلغ 000.20 ألف دج، وقد نفى خلال مرافعته أن تكون المتهمة قد طرحت مسألة وجود صك للمرحوم يحمل القيمة ذاتها في الاجتماع المنعقد بين الورثة.. كما ركز في التماس العقوبة على ما توصلت إليه نتائج الخبرة التي جرت على ورقة الصك في مسألة مطابقة الخطوط والتثبت من صحة التوقيع الذي يحمله الصك، والتي توصلت إلى أن التوقيع ليس مطابقا لتوقيع زوجها المرحوم حسب النماذج الموجودة بالبنك، ومن ثم صحت المتابعة بجرم التزوير واستعمال المزور طبقا للقانون. دفاع المتهمة الذي كان يتشكل من محاميين اثنين، ركز على التناقض الوارد ضمن حكم الدرجة الاولى الذي يفضي إلى وجود خبرتين متناقضتين لمطابقة الخطوط، حيث اجريت الاولى في 14/11/2005 والثانية في 12/04/2008، وكان حكم الدرجة الأولى بداية قد رفض ما توصلت إليه نتائج الخبرة الاولى ثم قبل بما توصلت إليه نتائج الخبرة الثانية، رغم ان الحكم الذي رفض نتائج الخبرة الاولى اعاد تعيين نفس الخبير لإعداد خبرة ثانية التي كانت فيما بعد سببا للمتابعة والإدانة، فهل يعقل أن ترفض خبرة ويعاد تعيين نفس الخبير لأنجاز خبرة مضادة؟ تساءل الدفاع، خاصة وأن الخبرة الثانية توصلت في مقارنتها لنماذج التوقيع الى ان هناك تشابها، ونحن يقول الدفاع نريد الوصول الى وجود تطابق لا تشابه وبعد عرض الحال الميسور لموكلته بصفتها تاجرة لم تكن لتطمع في مال المرحوم قبل اقترانها به، خلص دفاع المتهمة الى انه إذا كان المرحوم لم يخبر أهله بوجود ورقة الصك فهذا لا يعني انعدامها أصلا، فهذا تعامل خاص بين الزوج وزوجته، لينتهي الدفاع الى ان اركان جريمة التزوير واستعماله منتفية في قضية الحال وغير ثابتة، مما يتعين معها التماس البراءة لموكلته كأصل، أو إجراء خبرة ثالثة فاصلة كطلب احتياط، ذكر ذات الدفاع والقضية للمداولة...