اختارت وزارة الاتصال، موضوع "الإعلام بين الحرية والمسؤولية"، عنوانا للطبعة السابعة لجائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف، لهذا الموسم، وذلك بمناسبة اليوم الوطني للصحافة الموافق ل22 أكتوبر من كلّ سنة. وفي انتظار المشاركين والمتوّجين في هذه المنافسة الإعلامية النظيفة والشريفة بين المتسابقين من الإعلاميين في الصحافة المكتوبة والسمعي البصري والإلكتروني، تبقى "الحرية والمسؤولية"، وجهين لعملة واحدة، يجب أن يمثلها الإعلام النزيه والصادق والموضوعي والوطني، الذي لا يركب الأراجيف والتخاريف والأكاذيب، ولا يقترب من التهويل والتضخيم، باسم مطاردة سبق وهمي أو مزعوم! صحيح أن للحرية عدّة تفسيرات، وللمسؤولية أوجه متباينة، لكن لا يختلف اثنان، أن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، وأن مسؤوليتك هي أن تتحمّل أعباء وتبعات أخطائك، ولا تحاول التهرّب منها إلى "قوانين وهمية" قد تكون مستوردة أو على المقاس! للأسف، غرقت الكثير من وسائل الإعلام خلال السنوات الماضية -وبعضها مستمرّ إلى اليوم- في مستنقع "حرية التدمير" وتخريب العقول بنشر الأفكار المسمومة والمعلومات المزيّفة والأخبار المحرّفة، وبعضها تحوّل إلى آلية لإنتاج الضغائن وبثّ الأحقاد والسبّ والقذف وتصفية الحسابات، وأحيانا استهداف الأمن والطمأنينة والرموز والتاريخ وسيادة الدولة، ويا للعجب، فإن ذلك يتمّ تحت طائلة "حرية التعبير والصحافة"! تصوّروا عندما تجيز هذه "الحرّية" المشوّهة والملفّقة، زورا وبهتانا، بضرب الوحدة الوطنية، و"تتفيه" مبادئ الأمة، وتسفيه المؤسّسات الدستورية، وتصل إلى حدّ قيادة عدوان حقير ضدّ المقدّسات، فيُطمس مثلا "جامع الجزائر" من صورة صحفية، تعرّضت لكلّ أنواع التعذيب والتنكيل والتحريف والتزييف! نعم، الإعلام حرّية ومسؤولية..هو أيضا وعي وضمير، احترام وأبجديات لا تؤمن بالتلاعب والزيغ والنرجسية والأنانية التي لا تفرّق بين "الإيديولوجيا" والمصلحة العليا، ولا بين المواقف الشخصية، والموقف الوطني، الذي لا يقبل القسمة على اثنين، بأيّ حال من الأحوال. مازال الإعلاميون الحقيقيون والصحفيون المحترفون، وكلّ أبناء مهنة المتاعب من الوطنيين والمخلصين، ينتظرون المزيد من الترتيب والقوانين المنظمة للقطاع، حتى يتمّ فضح وعزل الدخلاء و"السفهاء" الذين لطّخوا المهنة ومرّغوا المهنيين، وأرادوا جعلها فضاء للبزنسة والسمسرة والثراء من الإشهار العمومي، فمنهم من "ياكل الغلّة ويسبّ الملّة"، ومنهم من يبيع ويشتري، ومنهم من يأخذ ولا يعطي، ويستفيد ولا يفيد، ومنهم من ألبس في جنح الظلام حرية التعبير برنوس "التعنتير"! القوانين المنتظرة قريبا لتنظيم المهنة، وأهمها مشروع قانون الإعلام، وما سينجرّ عنه من إنشاء سلطة وطنية مستقلة لضبط السمعي البصري، واستحداث المجلس الوطني للصحافة، ومجلس أخلاقيات المهنة، كلها ستعيد النظر إيجابيا في أركان "سلطة رابعة" أريد لها طوال سنوات خلت، أن تظلّ "مربّعة" أحيانا، و"متربّعة" أحيانا أخرى ! لقد طالت رياح التغيير والإصلاحات، واقع الصحافة الوطنية، فقد فتح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مكتبه للصحفيين، وقال لهم في أول لقاء بعد انتخابه: "نحن صنّاع القرار، وأنتم صنّاع الأفكار"، وها هي وزارة الاتصال، ضمن مسعى ردّ الاعتبار للإعلام الوطني، تعكف منذ عدّة أشهر على ترميم "حقل الخراب"، بالتشاور والاجتهاد والتطهير وتحرير المهنة من كل سوء ودنس.