لم يعد التواجد الفرنسي مرغوبا فيه لدى السلطات الرسمية في باماكو ولا في أوساط الشارع المالي الذي شهد، أمس، تنظيم احتجاجات رافضة للتواجد العسكري الفرنسي، تظاهر خلالها آلاف الماليين بالعاصمة باماكو رافعين شعار الانسحاب الكامل للقوات الفرنسية من بلادهم. وجاءت المظاهرات الاحتجاجية تلبية لدعوة أطلقتها حركة "ياريوولو" للتعبير عن دعم الشارع المالي للسلطات الانتقالية وإدانتهم للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لبلدهم. وقال محمد عثمان محمدون، عضو المجلس الوطني الانتقالي في تصريح صحفي "نحن هنا من أجل مالي ولإظهار سيادتنا الوطنية ولتذكير العالم كله بأن السيادة ملك للشعب". من جهته ذكر كوما ياريسي عضو حركة "5 جوان تجمع القوى الوطني" أنه "لا يهم ما إذا كانت فرنسا ستغادر أو ستبقى للابد المهم أنه ليس على باريس املاء على دولة ذات سيادة اختيارها لشركائها واصدقائها". كما رفض الأمين الإعلامي لحركة "ياريوولو" بابي ديالو، إملاءات المجتمع الدولي وبالخصوص فرنسا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا "ايكواس". وقال إن "هذه الاحتجاجات تهدف للمطالبة بانسحاب القوات العسكرية على أراضينا وتأكيد تمسكنا بقضايا السيادة الوطنية". وأكد المنظمون أن هذه المظاهرات التي تهدف أيضا لدعم السلطات الانتقالية، ستتواصل حتى يتوقف المجتمع الدولي عن ممارسة ضغوطاته على هذه السلطات. وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها العاصمة باماكو مظاهرات ضد التواجد العسكري الفرنسي، حيث تعالت الأصوات في الفترة الأخيرة رافضة لتواجد قوة "برخان" الفرنسية المتهمة في أعين الشارع المالي باستهداف المدنيين العزل خلال عملياتها العسكرية التي تنفذها بالمنطقة تحت غطاء مكافحة الإرهاب. وتعد هذه المظاهرات المؤيدة للحكومة الانتقالية بمثابة ضوء أخضر لهذه الأخيرة التي أعلنت مؤخرا عن رغبتها في تعزيز التعاون مع روسيا فيما يتعلق بالدفاع والأمن، وهو ما أثار غضب باريس التي اتهمت باماكو بالسعي للتعاون مع "مرتزقة" روس بما فجر أزمة حادة بين العاصمتين اللتين جمعتهما علاقات ثنائية وطيدة لعقود من الزمن. ونفى رئيس الوزراء المالي، شوغيل مايغا ما نسب لسلطات البلاد حول "عزمها" تجنيد مرتزقة، معتبرا ذلك من قبيل "المزاعم التي تستند إلى الإشاعات والمقالات الصحفية التي تنشر بإيعاز". كما اتهم فرنسا بتدريب جماعات مسلحة تنشط في بلاده، مؤكدا أن لدى باماكو "أدلة على ذلك". يذكر أن فرنسا أبدت نيتها بتقليص تعداد قوة "برخان" شمال مالي إلى حوالي النصف وسط رفض شعبي متصاعد لشعوب منطقة الساحل الإفريقي للوجود الأجنبي على أراضيها وبالموازاة مع التقصير الدولي في إمداد جيوش المنطقة بالإمكانيات اللازمة لمكافحة الإرهاب.