❊ استكمال مسار البناء المؤسساتي.. والإفراج عن هيئات سيادية تميزت سنة2021 بأحداث سياسية هامة ومهمة، استكمل من خلالها مسار البناء المؤسساتي بتشكيل هيئات ومجالس منتخبة ذات شرعية ومصداقية تعيد الثقة للمواطن الذي يأس بسبب استفحال التزوير واستعمال المال الفاسد والرشوة السياسية للوصول الى مراكز القرار التي ظلت حكرا على أصحاب الشكارة والأوليغارشيا، خلال العهد البائد، خدمة لمصالحها على حساب المواطن الذي طالته سياسة التهميش. وعليه، كانت 2021 وستكون 2022، برأي متابعين، موعدا لطي صفحة الفساد السياسي بعد حل البرلمان وانتخاب برلمان جديد ومجالس محلية بلدية وولائية قطع فيها الطريق أمام أصحاب الشكارة الذين كانوا يتصدرون القوائم الانتخابية وبالتالي تطهير المؤسسات المنتخبة من بقايا النظام السابق. سنة تجسيد الالتزامات والعهود وتجسيدا لدولة القانون والتكفل بانشغالات الشباب تم خلال هذه السنة تجسيد الالتزامات التي تعهد بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في برنامجه الانتخابي والتي أقرها الدستور الجديد والمتمثلة في تنصيب محكمة دستورية ومجلس أعلى للشباب لأول مرة بالجزائر. بالإضافة الى تجسيد عدة مشاريع بمناطق الظل لرفع الغبن وفك العزلة. من بين أهم الأحداث السياسية لسنة 2021 في ظل استكمال بناء مؤسسات الدولة النزيهة في اطار قانوني، هو تنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية بضوابط جديدة لتكون بذلك الجزائر حققت مرحلة مهمة في طي صفحة الفساد والانحراف السياسي والمؤسساتي. وبعد استكمال محطات تعديل الدستور ووضع قانون جديد للانتخابات، وحل البرلمان السابق من طرف رئيس الجمهورية في فيفري 2021 تم تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة بتاريخ 12 جوان لأول مرة عن طريق نظام القائمة المفتوحة الذي لقي اقبالا من طرف الناخبين وحررهم في الانتخاب على من يريدونه بدون أي اكراهات بالتصويت على كل القائمة كما كان معمول به من قبل. وعرفت هذه الانتخابات مشاركة 1483 قائمة منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة حرة بفضل الضمانات التي قدمها رئيس الجمهورية باحاته الانتخابات بكافة شروط النزاهة والشفافية، مما فتح شهية الشباب الذي دخل أغلبهم الساحة السياسية لأول مرة بعد سنوات من اليأس وفقدان الأمل في الوصول الى قبة البرلمان التي كانت حكرا على أصحاب المال الفاسد والشكارة والكوطة. صعود الأحرار وتغيّر الخارطة السياسية ولأول مرة في تاريخ التشريعيات تمكن المترشحون الأحرار من اكتساح الساحة حيث جاؤوا في الترتيب الثاني ب 84 مقعدا، أغلبهم من شخصيات وطنية وأساتذة وممثلي المجتمع المدني ونشطاء في مختلف الميادين، ممن أرادوا المشاركة في الحياة السياسية، بقناعة تجسيد التغيير الفعلي لمهمة نواب البرلمان، وليكون أيضا لأول مرة في الجزائر رئيسا للمجلس الشعبي الوطني من قائمة الأحرار وهو النائب عن ولاية غرداية إبراهيم بوغالي. وجاءت هذه الانتخابات حسب ملاحظين، وسط تأكيدات بضمان نزاهة العملية الانتخابية عندما تعهد رئيس الجمهورية بأنها ستكون شفافة وأن المواطن هو صاحب القرار السيد في اختيار ممثليه في المجلس الشعبي الوطني، حيث شدد على أن صندوق الاقتراع سيكون الفاصل في تحديد من سيختاره الشعب لتمثيله في البرلمان. حيث أضاف الرئيس عندما زار مقر السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات عشية هذا الموعد أن عهد الكوطة قد ولى في ظل احترام القوانين المنظمة للعملية الانتخابية وفقا لما نص عليه الدستور والقانون الجديد للانتخابات. اذ أصدر الرئيس تعليماته بضرورة حماية صوت كل مواطن لتجاوز الممارسات السابقة التي من شأنها المساس بثقة المواطن في مؤسساته. آخر مرحلة لتطهير المجالس المنتخبة من المال الفاسد ولم يكن لسنة 2021 أن تنتهي الا وتنتهي معها مرحلة المجالس المنتخبة المزورة والمشبوهة، التي ظل المواطن يشكك في نتائجها بسبب طغيان المال الفاسد في شراء المقاعد وسياسة المحاباة التي كانت تعتمدها بعض الأحزاب في ترتيب مترشحيها. ليحط قطار التغيير بمحطة ثانية في مسار تطهير المجالس المنتخبة، فبعد انتخابات المجلس الشعبي الوطني ها هو الدور يأتي على المجالس البلدية والولائية بتنظيم انتخاباتها في 27 نوفمبر الماضي استكمالا لمسار البناء المؤسساتي والدستوري الذي بدأ منذ رئاسيات 2019. وسجل خلال هذه الانتخابات صعود مميز للقوائم المستقلة التي فازت ب 4.430 مقعد بالمجالس الشعبية البلدية ورئاسة 91 بلدية، وحصولها على 443 مقعد بالمجالس الشعبية الولائية وأغلبية نسبية في 10 ولايات. وجاءت هذه النتائج لتؤكد الصعود المتواصل للأحرار وتحولهم إلى قوة سياسية فاعلة في المؤسسات المنتخبة الوطنية والمحلية، أملا في التغيير بعد أن فقد المواطن الثقة في الأحزاب السياسية التي فشلت في تسيير الشأن العام وحل مشاكل المواطن. سلطة مستقلة.. والشفافية رقم جديد السلطة المستقلة تنجح في صون أصوات الناخبين وتفرز نتائج نزيهةوبالحديث عن هذين الموعدين الانتخابيين الهامين استكمالا لبناء المؤسسات الدستورية بطريقة شرعية، علما أن دور السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي نجحت في تنظيمهما بعيدا عن تدخل الإدارة كما كان معمول به من قبل، باعتبار أن هذه الهيئة التي أنشئت سنة 2019 وأشرفت على الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر 2019 وبعدها استفتاء تعديل الدستور في الفاتح نوفمبر 2020، تعد ألية قانونية جديدة لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية بإحداث القطيعة مع الممارسات القديمة المبنية على التزوير وتدخل الإدارة واعتماد المال الفاسد الذي شوه الممارسة السياسية ببلادنا في السنوات السابقة وسياسة الكوطة التي كانت تستفيد منها أحزاب الموالاة. قانون انتخابات جديد قلب الطاولة على "الشكارة" فبالرغم من الأليات الجديدة التي جاء بها قانون الانتخابات الجديد والمتمثلة أساسا في صيغة القائمة المفتوحة في التصويت فان السلطة تمكنت من تسيير الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت هذه السنة في ظروف عادية رغم التعقيدات والصعوبات التي تطرحها هذه الصيغة في حساب النتائج وعملية الفرز والوقت الذي تستغرقه للتأكد من كل الأصوات وإعلان النتائج. وظلت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، تؤكد في كل مرة أنها سيدة في قراراتها وتمارس عملها وفق الصلاحيات التي منحها لها الدستور والقانون بدون أي ضغوطات أو املاءات من أي جهة. وفي هذا السياق أكد السيد محمد شرفي رئيس السلطة إصرار هيئته على مواصلة عملها بكل تفاني لصون أصوات الناخبين ولضمان انتخابات شفافة ونزيهة تعود فيها الكلمة للشعب ويكون فيها الصندوق هو الفيصل. المحكمة الدستورية.. سابقة والتزام يتحقق وتجسيدا لدولة القانون عرفت سنة 2021 تنصيب ولأول مرة بالجزائر محكمة دستورية شهر نوفمبر الماضي وفقا لتعهدات رئيس الجمهورية ال 54 التي أعلن عنها في برنامجه الانتخابي. وجاءت هذه المحكمة وبصفة رسمية لتعويض المجلس الدستوري، كأعلى هيئة تشرف على مراقبة مدى دستورية قوانين الجمهورية وعلى رأسها نصوص الدستور. وتعد المحكمة الدستورية هيئة مستحدثة من حيث التسمية، لكن مهامها قديمة وإن كان يضطلع بها المجلس الدستوري، الذي بات في حكم الماضي منذ تبني الدستور المعدل في الفاتح من نوفمبر 2020، وإن تأخرت عملية مباشرة المهام إلى غاية نوفمبر الماضي، لاعتبارات مرتبطة بخصوصية الظرف. واستنادا إلى نصوص دستور 2020، فإن المحكمة الدستورية ستحتفظ بكامل صلاحيات المجلس الدستوري، في السهر على ضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية، والنظر في الطعون التي تتلقاها حول النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية والمحلية والاستفتاء والإعلان عن النتائج النهائية لكل هذه العمليات، إلى جانب إخطارها بالدفع بعدم الدستورية، بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة. غير أنه تمت إضافة صلاحيات استشارية جديدة لها، كما جاء في المادة 98 التي تتحدث عن استشارة رئيس الجمهورية للمحكمة الدستورية، في القرارات التي اتخذها أثناء الحالة الاستثنائية، لإبداء الرأي بشأنها. كما أضيفت صلاحية أخرى لها وفق ما تنص عليه المادة 151 من الدستور، والتي تتحدث عن أخذ رئيس الجمهورية رأي هذه المحكمة عند تعذر إجراء انتخابات تشريعية خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر، في حال قرر الرئيس حل المجلس الشعبي الوطني قبل ذلك. أما الصلاحية الأخرى التي أسندت للمحكمة الدستورية، هي تلك التي تضمنتها الفقرة الخامسة من المادة 94 من الدستور، والتي تتحدث عن أخذ رأي هذه الهيئة في حال تمديد أجال تنظيم الانتخابات الرئاسية إلى التسعين يوما الثانية، في حال تعذر تنظيمها في التسعين يوما الأولى. وتتشكل هذه الهيئة القانونية من 12 عضوا يمثلون السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، أربعة عينهم رئيس الجمهورية، واثنين يمثلان المحكمة العليا ومجلس الدولة، بالإضافة الى ستة أعضاء من أساتذة القانون الدستوري تم انتخابهم من طرف اساتذة كليات القانون. وسيتم بموجب هذه المحكمة الانتقال من نظام قانوني يعتمد منذ سنة 1989 على المجلس الدستوري كهيئة رقابة إلى نظام يعتمد على المحكمة الدستورية بفضل التعديل الدستوري لسنة 2020. علما أن المحكمة الدستورية هي مؤسسة رقابية مستقلة وقراراتها نهائية وملزمة. وينتظر أن تقوم ب"تطهير" النظام القانوني الجزائري من كل القوانين غير المطابقة للدستور كما صرح اعضاؤها عند تنصيبهم. وسيتم بموجب هذه المحكمة الانتقال من نظام قانوني يعتمد منذ سنة 1989 على المجلس الدستوري كهيئة رقابة إلى نظام يعتمد على المحكمة الدستورية بفضل التعديل الدستوري لسنة 2020. علما أن المحكمة الدستورية هي مؤسسة رقابية مستقلة وقراراتها نهائية وملزمة. وينتظر أن تقوم ب"تطهير" النظام القانوني الجزائري من كل القوانين غير المطابقة للدستور كما صرح اعضاؤها عند تنصيبهم. مجلس أعلى.. للشباب نصيب في صناعة القرار ومن بين الهيئات التي نص عليها دستور 2020 والتي رأت النور خلال سنة 2021 هي المجلس الأعلى للشباب الذي يعد هيئة استشارية توضع لدى رئيس الجمهورية، ويتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي. ويكلف المجلس بتقديم آراء وتوصيات واقتراحات حول المسائل المتعلقة بحاجيات الشباب وازدهاره في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية. والمساهمة في ترقية القيم والروح الوطنية والحس المدني والتضامن الاجتماعي، والمشاركة في تصور ومتابعة وتقييم المخطط الوطني للشباب. ومن المهام الموكلة لهذا الفضاء الجديد هي المساهمة في تطوير الحركة الجمعوية الشبانية مع الحرص على تعزيز قدراتها، والمشاركة في تقييم استعمال الوسائل التي تضعها السلطات العمومية تحت تصرف الحركة الجمعوية الشبانية، وممارسة السلطة السلمية على جميع المستخدمين. ويتكون المجلس من 6 لجان متخصصة، وتتكون كل لجنة من 20 إلى 33 عضوا، واللجان المتخصصة هي لجنة التربية والتكوين وتعزيز قدرات الشباب، لجنة التشغيل والمقاولاتية والابتكار، لجنة المواطنة والتطوع ومشاركة الشباب في الحياة العامة، اللجان الثقافية والرياضية والترفيهية وحرية الحياة الجمعوية، لجنة الإعلام والاتصال والبحث حول حلول الشباب، واللجنة الاجتماعية والتضامن والوقاية وحماية الشباب من مخاطر الآفات الاجتماعية. 43198 مشروع.. الشمس تشرق على مناطق الظل ومن أهم ما ميز سنة 2021 الاستمرار في التكفل بمناطق الظل التي كانت منسية، وفقا لتعليمات رئيس الجمهورية التي أسداها خلال اجتماعه بالولاة لأول مرة بعد انتخابه رئيسا سنة 2019. حيث عرفت السنة وفق ما أكده وسيط الجمهورية إبراهيم مراد مؤخرا بذل جهود "كبيرة" من أجل "إخراج مئات مناطق الظل من هشاشتها وتحسين الظروف المعيشية" في كنفها. وكذا من أجل القضاء على الفوارق المسجلة بهذه المناطق في مجال الهياكل القاعدية، بوتيرة أسرع، قصد تصحيح الاختلالات المسجلة بها. وذكرت حصيلة لوساطة الجمهورية استلام 11208 مشروع لتنمية مناطق الظل عبر مختلف مناطق البلاد من أصل 24126 مشروع في سنة 2021 رصد لها غلاف مالي فاق 323 مليار دينار. مؤكدة أنه تم لحد الآن إحصاء43198 مشروع عبر 13515منطقة ظل عبر التراب الوطني. وبالتالي الشروع في عملية الانتاج لأصحاب هذه المشاريع من خريجي الجامعات وحاملي الأفكار. وقدمت الحصيلة المشاريع الممولة من طرف الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر بهذه المناطق، حيث بلغ عددها 4499 نشاط مصغر من أصل 6809 مشروع على مستوى هذه الوكالة، كما تمت المصادقة على 3012 مشروع من بين 4032 مشروع على مستوى الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية عبر مناطق الظل ب 43 ولاية، في حين بلغ عدد المشاريع المسجلة على مستوى وكالة التنمية الاجتماعية 278 مشروعا.وتلقت وساطة الجمهورية التي أنشئت للإصغاء لانشغالات المواطن، 56 ألف شكوى وعريضة خلال هذه السنة وتم التكفل بنسبة 70بالمائة منها، كلها على صلة بملفات تهم رفع الغبن عن المواطن والتنمية المحلية خاصة ما تعلق بمشاكل السكن والعقار. وصرحت هذه الهيئة المكلفة بمناطق الظل مواصلة هذه الديناميكية من أجل "تكفل أفضل" بتطلعات وآمال السكان المعنيين "إلى غاية تحقيق الهدف المنشود". وذكرت وساطة الجمهورية بمساهمة الجماعات المحلية من خلال ضمان تمويل وتحقيق مئات المشاريع، التي مكنت من تقليص الفوارق في مجال التموين بالماء الشروب والصرف الصحي وفك العزلة واعادة بعث النشاط الزراعي، الذي يعتبر مصدر دخل رئيسي لآلاف العائلات بهذه المناطق التي ظلت معزولة ومهمشة وكأنها ليست جزء من الجزائر لم يكن يلتفت اليها الا في الحملات الانتخابية بإيهام سكانها الذين يعيشون الحرمان بالتكفل بانشغالاتهم من أجل الفوز بأصواتهم.