أكدت المنظمة الديمقراطية للشغل المغربية في أحدث تقرير لها أن "الوضعية الاقتصادية الشاذة للمملكة ازدادت استفحالا" خلال السنة المنصرمة، مشيرة إلى أن "الانعكاسات الوخيمة لهذه الوضعية ظاهرة في كل مجالات الاقتصاد الوطني" وكذا في الوضع الاجتماعي للمواطن. وفي تقرير له عقب اجتماعه الدوري نهاية سنة 2021, خلص المكتب التنفيذي للنقابة إلى أن "الوضعية الاقتصادية الشاذة بالمغرب ازدادت استفحالا بفعل جائحة كورونا وبدت انعكاساتها الوخيمة في كل مجالات الاقتصاد المغربي بما فيها القطاع الخاص". وذكرت النقابة بدراسة حديثة لبنك المغرب، التي أشارت إلى أن "54 في المائة من المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة تعاني من هشاشة مالية"، مشيرة إلى أن هكذا وضع جعلها (المؤسسات) "عاجزة عن مواجهة آثار الأزمة الصحية، وحال دون تمكينها من الالتزام بنفقاتها في مجال الاستغلال والتسيير ونفقات الايجار والرواتب والتحملات الاجتماعية، ما أدى إلى إفلاس وإغلاق ما يقارب 20 ألف مقاولة، جراء قيود حالة الطوارئ الصحية واغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية. كما أشار التقرير إلى تراجع معاملات عدة قطاعات اقتصادية خلال السنة المنصرمة، التي اضطرت إلى تسريح عمالها خاصة في المجال السياحي الذي يشكل 7 في المائة من الدخل المغربي الاجمالي، مذكرا باستفحال ظاهرة الاقتصاد الموازي (غير المنظم) الذي يمثل 30 بالمائة من الدخل الوطني الاجمالي ويشغل ما بين 70 و80 في المائة من اليد العاملة في شروط تفتقد فيها لأبسط حقوق الحماية الاجتماعية. كما أشار التقرير إلى ارتفاع معدل الفقر والفقر المتعدد الجوانب وارتفاع مؤشر البطالة خاصة في صفوف الشباب الذي يمثل ثلث الساكنة، مستدلا بتقارير وزارة مالية المخزن التي أفادت أن 5ر4 ملايين من الأسر المغربية تجد اليوم صعوبة في تأمين خبزها وأن نسبة الفقر انتقلت من 1ر17 عام 2019 إلى 87ر19 في المائة في 2020 (لم يصدر إحصاء 2021 بعد). وعطف التقرير على الوضعية الاجتماعية العسيرة التي يعيشها الشعب المغربي وذلك بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع معدل التضخم إلى 3 في المائة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والواسعة الاستهلاك وأسعار الماء والكهرباء والغاز والمحروقات وخدمات النقل والتجهيزات المنزلية ومواد البناء، مبرزا أن بعض المواد ارتفعت بنسب تتراوح ما بين 20 و50 في المائة كالزيوت وبعض الأدوية إضافة إلى تكاليف تمدرس الأبناء وأسعار الخدمات الصحية المقدمة من طرف المصحات الخاصة، في ظل الأزمة الصحية. وأكدت المنظمة الديمقراطية للشغل أن كل هذه العوامل المتداخلة "أدت إلى انهيار القدرة الشرائية وانعكس هذا الوضع الاقتصادي المتدهور على الطبقات الهشة والطبقة المتوسطة، ليفرز أزمة غير مسبوقة للمغاربة في التعليم والصحة والسكن والإدارة العمومية". ونتيجة للاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمخزن، يستنتج التقرير، "تعمّقت التفاوتات والفوارق الطبقية والمجالية وعدم المساواة بين الجنسين"، مبرزا أن الطبقة الوسطى "تدحرجت" كذلك وأصبح المغرب، في ظل الحكومتين السابقتين، يصنف ضمن البلدان التي "تئن تحت وطأة اللامساواة الشديدة في المداخيل والثروات على السواء". وجاء في ذات الوثيقة، في هذا الموضوع، أن "فئة ال1 في المائة الأكثر ثراء من السكان تستأثر بنسبة 25 في المائة من الدخل الوطني، فيما تحصل شريحة ال 50 في المائة الأكثر فقرا على أقل من 10 في المائة". وفيما يتعلق بالثروات-يضيف التقرير- "تملك فئة ال10 في المائة الأكثر ثراء من السكان نحو 50 في المائة من مجموع الثروات", منبها أن "الطبقة الوسطى والفقراء ليس لهم سوى فرصة ضئيلة لتحقيق الارتقاء الاجتماعي".