حبه للتلاميذ ورغبته في تبسيط المعلومة وجعل الطالب محبا للعلم والتعلم من خلال إشراكه في تحضير دروسه ومشاركة معلمه في عرض الدرس دفع بعز الدين سايح، إلى جانب القيام بعمله كمعلم لمادة التاريخ والجغرافيا، بالتفرغ لتأليف الكتب التربوية في مجال تخصصه رغبة منه في تقديم العون للطالب الذي شق عليه فهم الدرس واستيعابه لا سيما في ظل المنهج التربوي الجديد الذي اعتمد تطبيقه منذ 2005 والذي أعطى التعليم شكلا جديدا. أبت "المساء" إلا أن تحاور الأستاذ والمربي عز الدين سايح الذي أثرى المنظومة التربوية بإسهاماته الهادفة إلى تقريب المعلومة من الطالب من خلال جعله محورا للعملية التربوية. - "المساء": بداية من هو عز الدين سايح ؟ * عز الدين سايح : هو أستاذ في مادة التاريخ والجغرافيا منذ 23 سنة من مواليد 9 أكتوبر 1961 بالقليعة متحصل على شهادة الليسانس في مادة التاريخ، درس بثانوية الزبير بن العوام الكائنة بولاية تبسة ليستقر به المقام بمتقنة الإخوة فايزي بالعاصمة. - هل الكتابة هواية أم واقع الطالب اليوم هو الذي دفع بك للكتابة ؟ * في الحقيقة الكتابة والتأليف هما موهبة موجودة بداخلي منذ الطفولة إلا أن انشغالي بالتعليم جعلني لا أتفرغ لها، حيث اقتصرت كتاباتي على بعض المواضيع الاجتماعية أوالاقتصادية والسياسية وحتى التربوية في شكل إسهامات بالجرائد والمجلات. - إذن متى كانت الانطلاقة الفعلية في مجال التأليف التربوي الذي يستهدف الطلاب ؟ * في مطلع التسعينات ألفت أول كتاب لي جاء تحت عنوان "المنهجية لطلاب البكالوريا " حيث لاحظت آنذاك بأن التلاميذ يملكون كما هائلا من المعلومات ولكنهم يجدون صعوبة كبيرة في استغلالها بصورة جيدة وبحكم أني أستاذ ولدي احتكاك بالتلاميذ أحسست بمعاناتهم ورغبت في التسهيل عليهم من خلال تأليف كتاب يساعدهم على معرفة الطريقة السليمة للإجابة على الأسئلة وبالتالي استغلال رصيد معلوماتهم بصورة صحيحة. - وماذا كان مصير الكتاب ؟ * على الرغم من أهمية الكتاب إلا انه للأسف الشديد لم ير النور بسب بروز مشاكل مع دار النشر التي كان من المفروض أن تنشر عملي وقتها، أصبت عندها بإحباط شديد لأني لم أجد من يتبنى عملي التربوي فانقطعت عن الكتابة مدة من الزمن وتفرغت للتعليم فقط وبتشجيع من زوجتي ودعمها، حيث عرفتني على دار نشر "محمد البغدادي" التي أعادت إلي ثقتي بنفسي وحمستني للتأليف من جديد، حيث عرض علي وقتها كتاب موجه للتعليم التربوي ولكنه لم يلق الرواج بسبب اعتماده على أسلوب صعب وغير مفهوم فسعيت للتأليف وفق طريقة المقاربة بالكفاءة وألفت كتابي "الممتاز في الجغرافيا" الذي عرف رواجا كبيرا سواء عند الأساتذة أوالتلاميذ وكانت بذلك الانطلاقة في عالم التأليف من جديد. - ولكن ما ذا يقصد بالتأليف بطريقة المقاربة بالكفاءة ؟ * يقصد به الانتقال من منطق التعليم الذي يركز على المادة المعرفية أي عبارة عن سرد لمعلومات يكون فيها دور التلميذ محصورا في التلقي فقط ويكون المعلم ملزما بتقديم الدرس بنفسه، إلى منطق التعليم الذي يركز على المتعلم بحيث يجعل دوره أساسيا في العملية التربوية من خلال إشراكه في تقديم الدرس مع الأستاذ بحيث نراعي بعض الخطوات المهمة عند التأليف والتي تتمحور حول تحديد الإشكالية للتلميذ والتطرق لما يسمى بالتعليمة، أي عرض مجموعة من الأسئلة بعدها يتم تنظيم العمل وفق الطريقة التي يختارها الأستاذ ليأتي بعدها نشاط التلميذ في شكل إجابته على الأسئلة وغيرها من الخطوات التي ينبغي مراعاتها عند إعداد الكتاب التربوي، هذا الأسلوب الذي يتماشى وما أقرته المنظومة التربوية من تغيرات انطلاقا من سنة 2005. - هل يمكن القول أن الكتاب المدرسي اليوم لا يخدم الطالب ؟ * ما دفعني للتأليف هو الكتاب المدرسي المتداول اليوم بعد انتهاج الأسلوب التربوي الجديد، حيث لا حظت خاصة بمادة التاريخ والجغرافيا افتقار الكتب للمادة المعرفية التي كانت تزخر بها الكتب القديمة المعتمدة في النظام القديم، حيث نجد الكتاب المدرسي يستعرض مجموعه من الصور أوالوثائق أوالجداول أوالخرائط أوالرسومات البيانية بدون وجود نص يشرح ما تم تقديمه وهو ما جعل التلميذ ينفر من الكتاب المدرسي لأنه يجد صعوبة في فهم البرنامج المشروح، وهو ما حاولت أن أتجنبه عند التأليف، حيث اعتبرت الكتب التربوية القديمة بمثابة المرجع استقي منها المادة المعرفية وألخصها بحيث تتماشى والأسلوب التربوي المعتمد اليوم فأخدم التلميذ بتبسيط المعلومة وأساعد المعلم من خلال إعداد الأسئلة التي تجعله يتواصل مع التلميذ بشكل أفضل كون أن الكتب التي أؤلفها موجة للمعلم والتلميذ على حد السواء. - ولكن هل هذا يعني أن النظام التربوي المعتمد اليوم فاشل بسبب الكتاب المدرسي الذي لا يخدم التلميذ ؟. * لا يمكن القول أن النظام التربوي اليوم فاشل وإنما نقول انه من أجل أن ينجح النظام التربوي الجديد لابد من أن يهيأ له المحيط الذي يلائمه فلا يخفى عليكم أن هذه التجربة المطبقة اليوم بالمنظومة التربوية دخيلة على مجتمعنا وبالتالي ينبغي أن نأخذ بالاعتبار أن عدد التلاميذ كبير بالأقسام قد يصل إلى 46 تلميذ، إلى جانب قلة الإمكانيات المادية التي تسهم في إيصال المعلومة للطالب، لذا أخذت على عاتقي هذه النقائص التي ظهرت بالميدان وحاولت الإسهام ولو بالقليل من خلال تأليف بعض الكتب في مجال تخصصي لدعمهم حتى لا يواجهون صعوبة بالمادة على الأقل. - ما هو رصيد الأستاذ سايح في مجال التأليف التربوي ؟ * بعد أن شهد كتاب الممتاز في الجغرافيا رواجا بين الأساتذة والمعلمين نظرا لما يحتويه من معلومات مبسطة وواضحة ومفهومة اجتهدت من أجل إثراء المكتبة التربوية بالمزيد من الكتب التي تتعلق بمادة التاريخ والجغرافيا، حيث بلغ عدد مؤلفاتي ثمانية كتب موجهة لتلاميذ الأطوار الثانوية، إلى جانب معجم للمصطلحات والذي أردت من خلال شرح بعض المفاهيم التي يصعب على التلميذ استيعابها. - ما الذي يتمناه الأستاذ والمؤلف عز الدين سايحي في الأخير ؟ * اشتغلت بالتعليم لمدة 23 سنة ولدي خبرة كبيرة في المجال التربوي.. أرغب اليوم في التفرغ لتأليف الكتب التربوية الأكاديمية خاصة في مادتي التاريخ والجغرافيا اللذين يعرفان نقصا من حيث المادة المعرفية الموجهة للتلاميذ، إلى جانب الرغبة في إعداد بحوث حول بعض رجال التاريخ والعلم حتى يتم اعتمادها كمراجع في الجامعات.