انتشرت ظاهرة التدخين وسط الجنس اللطيف بشكل ملفت للانتباه، لذلك دق مختصون ناقوس الخطر، نظرا للأثار الناتجة عن هذه العادة الدخيلة على مجتمعنا، سواء على الصعيد الصحي أو الأخلاقي، وبالرغم من جهود عديد الأطراف للقضاء على التدخين عند الرجال، باعتبارها عادة مضرة بالصحة، ها هي اليوم، المنظمات العالمية تسلط الضوء على ضرورة شن حرب شديدة على التدخين عند الفتيات، لأنه مضر بالدرجة الأولى على الجنين مستقبلا. تواصل هذه الظاهرة أخذ أبعاد أكثر جدية، وهو ما أشارت إليه الطبيبة العامة "م. النبية" بقولها: "إن ظاهرة التدخين لدى بعض النساء كانت موجودة منذ القدم، ولا يمكن القول بأنه لا توجد هناك نساء جزائريات يمارسن تلك العادة، إنما كن يقمن بذلك بعيدا تماما عن الأعين، ويتحفظن في أفعالهن خوفا من محاكمة المجتمع، وما قد يعاكس عاداتهن وتقاليدهن التي تحرمهن تماما من ذلك، وكانت نظرة الخزي تطبع الفتاة المدخنة، إذ كانت تصنف على أنها خارجة عن نظام مجتمعنا العربي الإسلامي، إلا أن الأمر المخيف في السنوات الأخيرة، هو هذا السلوك الذي عرف انضمام فئة عمرية أخرى، حيث كان من قبل، أكثر المدخنات من المتقدمات في السن والبالغات، يرجح بأنهن تعتريهن مشاكل اجتماعية أو عائلية أو غيرها، إلا أنه حاليا، أصبحت فتيات في مقتبل العمر لا يعانين من أي مشكل، مرتاحات ماديا وعائليا واجتماعيا، يلتحقن بالمجموعة وكأنه نوع من الموضة، أو لمحاولة الانضمام إلى عالم معين، فتجد تلك الفتيات أو البعض منهن تضيف الطبيبة لا يجدن أي حرج في التدخين في الأماكن العمومية والمطاعم، الحدائق وحتى داخل سياراتهن، رغم أن نظرة المجتمع لم تتغير أبدا تجاه تلك الظاهرة في أوساط الفتيات". أضافت الخبيرة أن "هذه الظاهرة ليست أخلاقية فقط، فليس كل المدخنات سيئات السمعة أو غريبات الأطوار، كما يعتقد البعض، بل إن فيهن من ترى السيجارة رفيقتها التي تنسيها مشاكلها، أو ترى من خلالها وسيلة للهروب من الواقع أو حتى موضة أو تصرف مرتبط بالحرية الشخصية، وعليه لا يمكن فقط الحديث عما قد يترتب عنها من مشاكل مجتمعية، بل أيضا أعراضها الجانبية صحيا، وما قد تسببه من مشاكل جدية على صحة مستهلكي السيجارة، التي لا يمكن عدم الإدمان عليها، والقول بأنها مجرد عادة يمكن التخلي عنها حينما نشاء". لقد كشفت المتحدثة عن وجود تقريبا 50 بالمائة من الشباب مدخن، بينهم 9 بالمائة من الإناث، تلك النسبة تسجل أكثر عند فتيات الطور الثانوي والطالبات الجامعيات، وهذا واقع مخيف، تقول المتحدثة، فتلك الأرقام تشير إلى خطورة ما ستؤول إليه تلك الفئة، وما قد ينجر عنها من أمراض مرتبطة بالتدخين من مشاكل صحية، أخطرها سرطان الرئة، مشددة على أن أخطر ما في الأمر، أن التدخين هو عادة بوابة الإدمان، فبعد السيجار قد تصل إلى إدمان المخدرات، خصوصا بالنسبة لصغيرات السن اللواتي يتأثرن بكل سهولة بمحيطهن، خصوصا إذا كان هذا الأخير سيئا وله تأثير كبير عليهن. تقول الطبيبة: "ما يجب التركيز عليه، هو ما قد يترتب من آثار على الجنين مستقبلا، لأن الفتاة تدمن عليه حتى بعد زواجها، وخلال حملها سوف يسبب لها ذلك الأمر مشاكل صحية جدية تؤثر على سلامتها وسلامة جنينها، وحتى بعد الولادة، تبقى آثار التدخين دائما تلاحق الطفل الصغير، من خلال ما يعرف بالتدخين السلبي أو غير المباشر" تضيف الطبيبة: "وعليه اليوم، لابد من علاج القضية بطريقة جدية، وليست بالسطحية التي نشهدها اليوم، فإذا أردنا توعية فتياتنا وحتى شبابنا بأضرار التدخين، فإن العمل لا يقتصر على محاضرة أو ندوة، لأن المشكلة تحتاج لجلسات علاجية وتربوية وسلوكية وكذا عاطفية."