لم تتغير معطيات الوضع في أوكرانيا بعد قرابة شهر منذ اندلاع الحرب في هذا البلد، واصلت خلالها القوات الروسية قصفها للمدن والمواقع العسكرية مع تركيز على العاصمة كييف تمهيدا لسقوطها. وفي ظل هذه التطوّرات عقد وزراء خارجية ودفاع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، اجتماعا آخر لبحث سبل فرض مزيد من العقوبات على روسيا ضمن مسعى لعزلها أكثر فأكثر وإنهاكها اقتصاديا لمنعها من مواصلة حربها. وقال وزير الخارجية الايرلندي، سيمون كوفيني، إنه لم يعد بالإمكان استثناء قطاع الطاقة الروسي من العقوبات ووقف المشتريات النّفطية والفحم الروسيين في وقت حذر فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مخاطر ذلك على التهاب أسعار الطاقة في السوق العالمية. وجاء عقد الاجتماع الوزاري الأوروبي، في وقت ركزت فيه القوات الروسية جهدها العسكري على قصف عدة مواقع في العاصمة كييف ضمن تطوّر ميداني يعكس الرغبة الملحة لدى روسيا لحسم الموقف العسكري الذي دخل أسبوعه الرابع على التوالي. وذكرت تقارير عسكرية أن القوات الروسية عززت مواقعها في ضواحي مدينة كييف في وقت قصف فيه طيرانها مركزا تجاريا أكدت موسكو انه استخدم كمخزن لتجميع الأسلحة. وذكر مصدر عسكري أوكراني أن العاصمة اهتزت على وقع انفجار عنيف ضرب أكبر المراكز التجارية في المدينة تسبب فيه صاروخ روسي فائق السرعة، وصف بأعنف هجوم تتعرض له المدينة منذ اندلاع الحرب قبل 26 يوما بدليل أن الانفجار دمر عدة بنايات واقعة على مقربة من مكان سقوطه والسيارات المتوقفة في الشوارع المجاورة. وأضيفت العاصمة كييف إلى قائمة المدن الاستراتيجية التي ركز عليها الجيش الروسي قصفه بعد فرض حصار مطبق عليها ومنها مدن ماريوبول واوديسا على البحر الأسود وميكولايف وخاركيف التي تعتبر السيطرة عليها مفتاح ربح الحرب. وفي ظل اشتداد المعارك في محيط عاصمة البلاد فرض رئيس بلديتها حظرا للتجوال مع دعوة سكانها إلى ارتداء الأقنعة الواقية وعدم فتح نوافذ منازلهم لتفادي استنشاق الغبار المنبعث من عمليات القصف الجوي الروسي والحرائق التي يخلفها. وأكدت مصادر أمريكية متابعة لتطوّرات الحرب، أن القوات الروسية لم تحقق تقدما يذكر على أرض المعركة بسبب المقاومة التي لاقتها من طرف مقاتلي الجيش الأوكراني ولكنها دخلت في استعدادات مكثفة لإلقاء كل ثقلها العسكري لحسم الموقف الميداني في العاصمة كييف التي يبقى سقوطها بمثابة الهدف النهائي من هذه الحرب المدمرة. وذكرت تقارير إعلامية في خضم زخم الحرب المخيم على المدينة فان نصف سكانها المقدر عددهم بحوالي 3,5 مليون نسمة غادروها مخافة وقوعهم بين فكي كماشة الاقتتال الذي ينتظر القوات الروسية. وشكل الوضع مشهدا شبيها بما تتعرض له مدينة ماريوبول التي عرفت شن الطيران الحربي الروسي عمليات قصف مكثف لتسريع سقوطها في ظل نداء وجهته القوات الروسية لوحدات الجيش الأوكراني بوضع السلاح والكف عن الاقتتال. ومع اشتداد المعارك في هذه المدينة الاستراتيجية قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلانسكي في تصريح صحفي، أمس، إن بلاده لن تقبل أبدا بأي إعذار روسي لوقف الحرب وأنه يتعين على موسكو إبادتنا جميعا لتحقيق مبتغاها وبقناعة أن شعب بلاده موحد ولن يستسلم.