لا يبدو أن الحرب الروسية الأوكرانية ستضع أوزارها في المنظور القريب في ظل إصرار روسيا على تحقيق أهدافها من وراء عملياتها العسكرية سواء عبر خيار المفاوضات أو مواصلة الحرب التي دخلت أمس يومها 11 وسط مخاوف دولية متصاعدة من "كارثة إنسانية" تلوح في الأفق الأوكراني. اصطدم الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي أجراه أمس مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بموقف صلب وصارم من هذا الأخير الذي أكد أنه سيحقق أهدافه في أوكرانيا سواء بالمفاوضات أو بالحرب. وذكر بيان لقصر الإليزي بشروط موسكو العلنية لوقف الحرب على أوكرانيا في مقدمتها "نزع صفة النازية" عن الحكومة الأوكرانية واتخاذها لموقف محايد واعترافها بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس الغني بمختلف المناجم. وهي شروط اعتبرتها الرئاسة الأوكرانية وحلفائها الأوروبيين والأمريكيين بأنها "غير مقبولة" بما يؤشر على أن أمد الحرب سيطول مع كل التداعيات الكارثية التي يمكن أن تنجر عنها في قادم الإيام والأسابيع. ويأتي إصرار الرئيس فلاديمير بوتين في وقت تبادل فيه الطرفان الروسي والأوكراني الاتهامات بشأن تعطيل عملية اجلاء المدنيين من المدن الأوكرانية الواقعة تحت القصف الروسي وسط مخاوف دولية من "كارثة إنسانية" في ظل اشتداد وتيرة الحرب التي دخلت أمس يومها 11 . واتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي نفى في اتصاله الهاتفي مع نظيره الفرنسي، استخدام قواته للمدنيين دروعا بشرية، السلطات الأوكرانية بتعطيل عمليات اجلاء المدنيين من مدينتي ماريوبول وفولنوفاخا. وأشار بيان لقصر الكريملين إلى أن الرئيس بوتين أشار إلى أن كييف تواصل خرق الاتفاقات المتوصل اليها بخصوص الجانب الانساني، مضيفا إلى أن "القوميين الأوكرانيين"، في إشارة إلى سلطات كييف، "منعت اجلاء المدنيين من مدينتي ماريوبول وفولنوفاخا". وجاء اتهام بوتين بعد أن اتهمت كييف، موسكو بتعطيل عمليات الاجلاء في ظل مواصلة قواتها قصفها لمدينة ماريوبول الاستراتيجية الواقعة الى جنوب غرب البلاد. وأكد مسؤولون في أوكرانيا أن الوضع في هذه المدينة الاستراتيجية ومنطقة سومي على حافة "كارثة إنسانية" على اثر انقطاع التيار الكهربائي والماء. وكثفت القوات الروسية عملياتها العسكرية على كل جبهات القتال بقصفها لعدة مواقع وبنى تحية على غرار الموانئ والمطارات الأوكرانية ومختلف البنى التحتية التابعة للجيش الأوكراني. وأكد الرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، قصفا روسيا لمدينة فينتسيا التي يقطنها مليون نسمة أدى الى تدمير مينائها، محذرا من أن روسيا تستعد لضرب ميناء مدينة أوديسا الاستراتيجية الواقعة على ضفاف البحر الأسود والذي يعتبر أهم موانئ البلاد. من جهتها أكدت قيادة الأركان الأوكرانية في تقرير أمس مواصلة الجيش الروسي لهجماته العسكرية، مركزا جهوده الرئيسية على المدن المحيطة بالعاصمة كييف على غرار خاركيف في شرق البلاد وميكولايف إلى الجنوب. وبينما أتت الغارات الجوية الروسية على وسط مدينة بولتافا التي تقع بين كييف وخاركيف، أعلنت روسيا تدميرها لقاعدة جوية عسكرية في مطار ستاروكوستانتينوف. وتجاوز عدد الفارين من أوكرانيا مليون ونصف مليون لاجئ في ظرف عشرة أيام بما يشكل حسب الأممالمتحدة أسرع أزمة هجرة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وتتوقع المنظمة الأممية بأن يستمر تدفق اللاجئين الفارين من الحرب في ظل مواصلة الجيش الروسي لعملياتها العسكرية على مختلف مدن البلاد.