التقت "المساء" بالكاتب الأردني جلال برجس، الذي فازت روايته "دفاتر الوراق" بجائزة بوكر 2021، وهذا على هامش استضافته بالصالون الدولي للكتاب بالجزائر وأجرت معه هذا الحوار. ما انطباعك في أوّل زيارة للجزائر وللصالون الدولي للكتاب؟ لأوّل مرة أزور الجزائر وقرّرت أن أمدّد إقامتي في هذا البلد الذي أعشقه فعلا. أمّا عن الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، فأنا متفاجئ كثيرا بالعدد الكبير لزوّاره، ومعظمهم قرّاء يحملون عددا كبيرا من الكتب، وهذا يعني أنّ مستوى الوعي عند الجزائريين عال جدا والحالة الثقافية هنا في تطور مذهل، ما يمنحنا الكثير من الأمل ويفتح أمامنا العديد من التساؤلات. وبالنسبة لي الصالون الدولي للكتاب بالجزائر إضافة مهمة واستثنائية في مسيرتي الأدبية. تبتغي الغوص في أعماق شخصيات رواياتك، هل بهدف إبراز تناقضات البشر وهشاشتهم؟ أرى أنّه على صعيد الكتابة والأدب علينا أن نتحول من القشرة إلى العمق. علينا أن نذهب إلى داخل الإنسان من خلال حمل مصباح نضيء دواخله ونكتشفه ونتساءل: بماذا يفكر؟ أين هي تناقضاته؟ ما الذي يحلم به؟ ماذا خير هذا الإنسان؟ لماذا نحن في عزّ هذه الأزمة؟ هل الإنسان هو جزء من هذه الأزمة. هل هو المتسبّب فيها أم الضحية؟ وأشير هنا إلى أنّ الرواية لا تقدّم حلولا فأنا كروائي عليّ أن أطرح هذه الأسئلة من خلال الذهاب الى العوالم الداخلية للإنسان لكن ليست لديّ الحلول بل هي في جهات أخرى. تعرّضت لحادث مرور، حينما تقمّصت شخصية إبراهيم بطل روايتك "دفاتر الوراق" هل ستحترس من شخصياتك المستقبلية؟ (يضحك)، نعم حينما كنت أتقمّص شخصية ابراهيم الورّاق تعرّضت إلى حادث، ولهذا على أن أكون أكثر حذرا في تقمّص شخصية الرواية القادمة. كيف تتخلّص من شخصياتك، هل باللجوء الى طبيب نفسي؟ لا، أنا أتّخلص من الشخصية السابقة في تقمّص شخصية جديدة. أين الناقد الأكاديمي من سلطة القارئ الذي أصبح يفرض رأيه في مستوى الأعمال الأدبية؟ للأسف الشديد، النقد العربي تراجع كثيرا بكلّ أسف أقول إنّ الساحة أفرغت من النقد الموضوعي وبقي النقد العاطفي، فإذا أحبّ الناقد عملك امتدحك وإذا كرهك أساء إليك هذا الفراغ ملأه القرّاء وأقول المراجعون الجدد للرواية، فهم يضعون آراءهم هذا يعجبني لكنه أيضا سلاح ذو حدين، فهو ليس بنقد، بل مراجعة من خلال تقديم القارئ رأيه حول الرواية من زاوية واحدة في حين يفترض أن تجتمع كلّ هذه العناصر بمعية الناقد. صحيح أنا ضد ممارسة السلطة بشكل كامل، فأنا لست مع كلّ السلطات الأبوية لا النقدية ولا السياسية ولا الدينية لكن على الناقد أن يعود إلى الساحة الأدبية العربية. هل من قراءة عن راهن الرواية الجزائرية الحديثة؟ الرواية الجزائرية مهمة وخطيرة لحسن الحظ ومنذ عشر سنوات تقريبا بدأت قراءة الرواية الجزائرية. وفيما يخصّ النشر هناك قطيعة بين المشرق والمغرب للأسف الشديد، لهذا إذا كان الكاتب لا يسافر أو لا تكون لديه علاقات مع المثقفين الجزائريين لن يسمع بالعديد من الأسماء الجزائرية المهمة التي تتبنى أطروحات ورؤى في الكتابة الروائية بشكل متطوّر ولافت تستحق الحصول على الكثير من الجوائز وتستحق أن تصل إلى اللغات الأخرى وإلى المشرق العربي لتقرأ ويُتعرّف عليها. وهناك أيضا أسباب أخرى لهذه القطيعة الثقافية هي أنّ المؤسّسات الرسمية العربية لا تنسق فيما بينها حتى يكون هناك استضافات. وهنا أتوقّف لأقدّم ملاحظة حول مشاركة كتاب العاصمة في الصالون الدولي للكتاب بشكل لافت، وفي كلّ مرة تتكرّر الأسماء التي أخذت حقها وهناك أسماء تستحق أن يسلّط الضوء أكثر عليها ولا أريد أن أذكرها لأنّهم كلّهم أصدقائي ولا أريد أن أقع في حرج. هل سنرى روايات جلال برجس مقتبسة في أفلام ومسلسلات؟ نعم، لقد وقعت عقد تحويل روايتي "دفاتر الورّاق" إلى مسلسل من ثلاثين حلقة، سيعرض في محطات عربية فضائية وحتى أجنبية، ولكن ليس مصرحا لي أن أخبركم بتفاصيل أكثر لكن سيعرض في رمضان العام المقبل. أيضا سيتم تحويل روايتي "سيدات الحواس الخمس" إلى مسلسل. وهو نفس مصير روايتي "أفاعي النار" التي ستتحوّل إلى مسلسل من خمسة عشر حلقة.