يواجه مستعملو القطار، خاصة الموظفين منهم، معاناة حقيقية، زادت حدتها هذه الأيام، نتيجة التأخيرات الطويلة، والأعطاب المتكررة، بالموازاة مع تسجيل حالات سرقة وسط المسافرين، ما حول التنقل عبر هذه الوسيلة، إلى هاجس حقيقي خاصة في الفترة المسائية، حيث تشهد العربات اكتظاظا كبيرا، وقد عبر عدد من مستعلي قطار الضواحي بالعاصمة في تصريح ل"المساء"، عن تذمرهم من الوضع القائم، والذي يزداد تدهورا من يوم لآخر، حسبهم، فيما اعترفت إدارة مؤسسة النقل بالسكك الحديدية بالنقائص المسجلة، مؤكدة في نفس الوقت سعيها الدؤوب لتدارك ذلك من خلال تجديد العتاد واعتماد أساليب جديدة في التسيير وبرمجة الرحلات. لا شك في أن المسافر عبر القطار، خاصة قطار الضواحي، يدرك حجم المعاناة التي يواجهها مستعملوه، خاصة العمال الذين يضطرون للتنقل يوميا ذهابا وإيابا، عبر هذه الوسيلة التي كان يفضلها أغلب المسافرين، من أجل تقليص الوقت، والوصول إلى مكان العمل أو الدراسة أو أي وجهة في ظرف وجيز وبشكل مريح، غير أن الوضع تغير كثيرا وأصبح من سيئ الى أسوأ، منذ بداية أشغال تجديد بعض خطوط شبكة السكك الحديدية التي أخذت وقتا طويلا ولم تشهد تقدما لحد الآن، وهو ما عبر عنه جل من تحدثنا إليهم، مؤكدين أن الوضع لم يتغير، رغم الوعود التي تقدم في كل مرة. قطارات الضواحي.. صداع مزمن للزبائن كانت الساعة تشير إلى الواحدة ظهرا، عندما كنا بمحطة حسين داي بانتظار القطار القادم من محطة الجزائر نحو العفرون، حيث كانت حشود كبيرة من المواطنين، بعضهم داخل المحطة وآخرون تبدو عليهم علامات القلق وهم يحاولون الاحتماء بأماكن الظل، وبمجرد الحديث الى بعضهم، وفي تعليقهم على وضعية النقل عبر القطار، في هذه الأيام الحارة، قال بعض من التقيناهم، إن الوضع لا يطالق، نتيجة التأخيرات التي تجعل المسافر يقضي ساعات من الانتظار، دون أن يجد جوابا لاستفساراته، حيث أصبحت التأخيرات بالجملة، نتج عنها اكتظاظ فظيع تفاقم بسبب تقليص عدد عربات القطار إلى قاطرتين فقط، لتتواصل المعاناة والتنقل في ظروف صعبة، في ظل أشغال تجديد عدة خطوط، واستبدالها بسكة جديدة انطلاقا من محطة الحراش إلى العفرون، وأشغال أخرى عبر خط الشفة- العفرون التي لا تزال جارية، حيث يتساءل هؤلاء، عن سبب التأخر الكبير في الأشغال، التي كان يفترض أن تسير بوتيرة جيدة، عندما كان القطار متوقفا في فترة كورونا، حيث وصف بعضهم الوضعية بالمؤسفة، عندما تمتلئ العربات عن آخرها، فالكل يريد أن يصعد للالتحاق بمنزله، والتي يستغلها بعض المنحرفين وحتى الذين يتعاطون المخدرات، من أجل السرقة، وهو الواقع الذي وقفنا عنده عندما انتقلنا الى محطة القطار بالخروبة، حيث كانت الشجارات سيدة الموقف، الى درجة ان المسافر لا يشعر بالأمان طيلة الرحلة، مثلما ذكره الكثير ممن تحدثنا إليهم، مؤكدين أن بعض الركاب من الشباب يزرعون الخوف داخل القطارات بتصرفاتهم، ويسببون الكثير من المشاكل. ...الحل في رفع عدد الرحلات وما زاد من معاناة هؤلاء، إلغاء بعض الرحلات خاصة بالنسبة للعفرون، دون إعلام المسافرين، الذين يواجهون متاعب كثيرة، فأغلب قطارات العفرون تسير بقاطرتين فقط حتى الصباحية منها، فضلا عن مشكل سقوط أشجار في منطقة بني مراد، ما يتسبب في توقف عمل القطار، وحدوث اضطراب في حركة النقل عبر السكة الحديدية، الذي تحول إلى كابوس حقيقي بالنسبة لبعض مستعمليه، على غرار زبائن قطار البليدة - العاصمة، الذي يأتي متأخرا ويتوقف في بعض المحطات، لتستغرق الرحلة قرابة ساعتين أحيانا، وبدون اعلام المسافرين. أما قطارات الفترة المسائية، فحدث ولا حرج، مثلما علّق بعضهم ل"المساء"، مؤكدين أن الوضعية أصبحت لا تطاق، لا من ناحية عدد المسافرين ولا من ناحية نوعية الخدمات، التي تغيرت كثيرا منذ انتهاء رمضان، حيث أصبح من الضروري، رفع الشركة الوطنية للسكك الحديدية لعدد الرحلات والعربات، فالقطارات ذات العربتين أصبحت لا تكفي ولا تطاق، مثلما قال هؤلاء، فالأمر لا يقتصر على قطار العاصمة العفرون بل بجميع الرحلات، فعندما ينحرف القطار عن مساره، خاصة الخاص بالسلع، يستغرق وقتا طويلا لإصلاح الأمر وقد يدوم أيام، مثلما حصل مؤخرا في منطقة بومرداس، يقول احد زبائن الشركة، بينما وصف المسافرون عبر قطار العاصمة - البويرة، في درجة حرارة تصل إلى 40 درجة الوضع بالجحيم الحقيقي، متسائلين عن السبب وراء عدم وضع مكيف هوائي في وسيلة نقل يعتمد عليها الكثير من الموظفين والطلبة، وفي فترة الحر. غياب الأمن.. هاجس يؤرق المسافرين أما مواقيت وصول القطارات، المعلن عنها على مستوى المحطات، فلا معنى لها في الواقع، ولا مجال لتحديد أي موعد طبي أو في أي مجال آخر، بالنظر إلى التأخيرات التي تدخل المسافرين في دوامة، وتضطرهم لإلغاء مواعيدهم والالتحاق متأخرين عن عملهم ودراستهم، بينما يكون الصعود للقطار في مثل هذه الحالات بشق الأنفس، والتدافع والاكتظاظ سيد الموقف والذي يزيده سوءا هو بائعي المياه المعدنية وبعض الحلويات الذين تجدهم يراوغون وسط الحشود الكبيرة لجمع ولو القليل من المال، ويزاحمهم في ذلك المتسولون الأفارقة، الذين يسببون الكثير من الإزعاج، بعد أن تزايد عددهم بشكل ملفت للانتباه، حيث يشتكي زبائن شركة النقل بالسكة الحديدية، من الفوضى والعديد من المظاهر السلبية، التي يزيدها تعطل المكيف الهوائي والروائح الكريهة سوءا في غياب الأمن، فمشكل الأمن يقول أحد زبائن القطار، تعمق أكثر، والسرقة والشجارات خاصة في القطارات المسائية تتكرر باستمرار، في رحلات القطار عبر الخطوط الشرقية والغربية للعاصمة، فقد عجزت المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدة عن التحكم في هذا المشكل، بعدما أصبح حتى موظفوها عرضة لتلك الإعتداءات، خاصة على مستوى الرحلات المسائية، غير أن غياب التواصل مع المسافرين زاد من معاناة مستعملي القطار، الذين عادة ما يقضون ساعات من الانتظار، دون أن يجدوا توضيحات، مثلما ذكر أحدهم، مؤكدا أنه لا توضيحات ولا اعتذارات ولا شيء من هذا القبيل، بينما علّق اخر قائلا، "تأخير لمدة تفوق ساعتين من دون أدنى تبرير أو إشعار او حتى اعتذار، أسوء شركة وطنية على الإطلاق"، متسائلا، هل يعقل أن يتم تأجيل سير قطار الجزائر -وهران لأكثر من ساعتين؟ معتبرا ذلك منتهى التسيب واللامسوؤلية و قلة احترام للزبون، وهو ما شاطره فيه مواطن آخر قائلا، من المؤسف أن يتأخر القطار ساعة أو ساعتين عن الموعد المشار إليه في التذكرة، والمسافرون من عائلات وأطفال ينتظرون تحت أشعة الشمس، مثلما حدث في الكثير من الاحيان. من يتحمل مسؤولية تأخر القطارات؟ حسب هؤلاء، فإن تأخر القطارات عن موعدها، تحول إلى هاجس حقيقي بالنسبة إليهم، خاصة قطارات الضاحية الغربية للعاصمة، وخطي العاصمة- العفرون والجزائر-الثنية، التي تسجل تأخيرات كبيرة عن مواعيد الانطلاق المحددة سلفا، الأمر الذي يؤدي إلى فوضى عارمة بالمكان، حيث أكد المسافرون المتوجهون الى عدة مناطق بالعاصمة وخارجها، أن الوضع أصبح لا يحتمل، مثلما قال مسافر عبر خط العاصمة - بومرداس، مشيرا إلى أن ذلك يدخل المواطنين في دوامة خاصة الذين لا يجدون من ينتظرهم عند وصولهم للمحطة في آخر السفر، خاصة الفتيات اللواتي يقضين أوقاتا عصيبة داخل القطار في غياب الأمن والاكتظاظ والوقت المتأخر، مؤكدا أن القائمين على الشركة يجب أن يستدركوا هذه النقائص في أقرب الآجال، وقبل الدخول الاجتماعي المقبل. ''أس أن تي أف" تعترف بالنقائص وتؤكد: انطلاق العمل بالتذاكر الإلكترونية في الأيام القليلة القادمة كشف علي زيتوني أسامة، رئيس دائرة مراقبة الجودة بالشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية بالنيابة، ل"المساء"، عن إطلاق خدمة التذكرة الإلكترونية في الأيام القليلة المقبلة، حيث بإمكان المسافر، أن يقتني تذكرته من بيته والصعود بها على متن، دون المرور على أكشاك التذاكر المتواجدة بمختلف المحطات، وذلك ضمن الخدمات الجديدة التي تعمل عليها الشركة حاليا. واعترف المتحدث بالنقائص التي تنعكس على الخدمات المقدمة لزبائن الشركة، مشيرا في هذا الصدد إلى بعض البرامج التي اعتمدتها لتحسين خدماتها، على غرار تخصيص قطارات إضافية من نوع كوراديا السريع، تربط الجزائر العاصمة بوهران، واعتماد خدمات أخرى، على غرار التذاكر الإلكترونية وخدمات المضيفين والمضيفات، التي من شأنها تحسين صورة النقل بالسكك الحديدية، خلال الألعاب المتوسطية المنظمة بوهران، منها القطار الذي خصص لنقل 220 رياضي من محطة مطار هواري بومدين بالعاصمة الى وهران عشية انطلاق الألعاب. من جهة أخرى، برمجت الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، بالتعاون مع الوكالة الوطنية للتسلية والشباب، حسب علي زيتوني أسامة، رحلات سياحية عبر القطار، لفائدة أطفال الولايات الجنوبية، على غرار قطار بشار- النعامة والمغير-بسكرة، التي تهدف إلى نقل أزيد من 1250 طفل عبر القطارات للمناطق الساحلية والمخيمات الصيفية، حيث تعد هذه العملية الأولى من نوعها تقوم بها الشركة، كعملية تجريبية تهدف لبرمجة القطارات السياحية المخصصة للأطفال. أما فيما يتعلق بالتأخيرات، فاعترف المتحدث بهذا المشكل الذي أرجعه إلى عدة اعتبارات، أبرزها ظاهرة سرقة الكوابل الكهربائية، وأعمال التخريب التي طالت المنشآت الفنية الخاصة بالإشارة، وأنظمة الاتصال التي ترغم سائقي القطارات على تخفيض السرعة في الأماكن التي تعرضت للتخريب، حرصا على سلامة السكة والمسافرين، بالإضافة الى أشغال تجديد السكة التي تتسبب هي الأخرى في تأخير الرحلات، وبعض السلوكيات السلبية الصادرة عن المواطنين داخل القطارات، كإمساك الابواب وسحب أنظمة الطوارئ التي من شانها توقيف الرحلة او القطار وتعطيله عن موعد وصوله في الوقت المحدد. وحسب ذات المتحدث، فإن النقل بالضواحي في الجزائر العاصمة، يتم عن طريق قطارات ذات طاقة كهربائية بعدد رحلات يومية تصل الى 166 رحلة، مقسمة على 44 رحلة لخط الجزائر- العفرون و44 رحلة لخط الجزائر-ثنية و30 رحلة خط الجزائر- زرالدة و14 رحلة باتجاه تيزي وزو و34 رحلة باتجاه المطار الدولي هواري بومدين، بينما تستغل الشركة حاليا 18 رحلة يومية، بالنسبة للقطار الجهوي، والمقسمة على عدة وجهات، منها الجزائر- بجاية، و الجزائر- سطيفوالجزائر- الشلفووهران سيدي بلعباس، وهران عين تيموشنت.