استطاع المخرج كريم موساوي أن يجعل من خبرته السينمائية، أداة جمالية، وإضافة فنية للعمل التلفزيوني "عين الجنة"، الذي يتواجد ضمن السابق الرمضاني لهذا العام، ويُعرض على التلفزيون الجزائري العمومي، فكانت لمسته واضحة، حقق بها دهشة المتلقي، وإعجابه بالعمل الذي اقترب من الواقع الجزائري وانشغالاته. تدور أحداث مسلسل "عين الجنة" الذي كتبه السيناريست أسامة بن حسين، في قرية نائية، تستعد لاستقبال انتخاب رئيس بلديتها، وسط وقائع تراوحت بين الدرامية والكوميدية. وإذ ينتقد العمل الخروقات التي يمارسها بعض المسؤولين للبقاء في مناصبهم المسؤولة، ويعالج، في الوقت نفسه، العلاقات الأسرية المتفككة، والحبّ الذي ضاع، ومواضيع أخرى، ربما ستتضح في الحلقات القادمة، يقوم رئيس البلدية (كمال زرارة) بإضافة اسم "دليلة" (جميلة عراس) ضمن القائمة الانتخابية؛ تجسيدا لمادة قانونية تشترط المشاركة النسائية في الانتخابات، لكنها سرعان ما تكتشف الأمر حتى وإن كان صدفة، فتقرر أن تتابع قضائيا رئيس البلدية، الذي يريد أن يجدد عهدته. وفي الوقت نفسه، يظهر "سليمان" (سليمان بن واري) الذي يعيش فقرا مدقعا، وتحاول زوجته أن تيسر له الصعب ببيع المخبوزات التي تصنعها في البيت، من أجل تنشئة ابنتهما ودراستها. ثم يصادف سليمان أخته "دليلة"، التي يتضح، لاحقا، أنها قاطعت القرية وأخاها منذ سنين طويلة، ومن سوء حظها أن أخاها شاهدها مع رئيس البلدية، واعتقد أن أخته، حقا، ضمن القائمة الانتخابية، وهو الأمر الذي زاد من غضبه. وتأجل البث التلفزيوني لمسلسل "عين الجنة" لموسمين رمضانيين. وفي رمضان 2023 وجد طريقه للعرض على التلفزيون العمومي. ورغم جودة العمل، غير أنه لم يحقق مشاهدات عالية على منصة يوتوب، مثلما فعل مسلسل "الدامة" للمخرج يحيى مزاحم، ولكن التجربة الأولى للمخرج السينمائي كريم موساوي في التلفزيون، تبدو موفقة جدا. وقدّم القصة باحترافية عالية، ملامسا النمط التصويري المعروف في الأفلام السينمائية؛ على غرار اعتماده على الألوان التي تعبّر عن الجوانب النفسية للشخصيات، وهو ما يترك انطباعا وتأثيرا عميقا في المشاهد. أكثر من ذلك، يلاحَظ على العمل تمكن المخرج من إدارة جيدة للممثلين. وقد استعان بكاستينغ ناجح إلى حد بعيد؛ إذ اختار الممثلة جميلة عراس كبطلة أولى للمسلسل، وإلى جانبها الممثل عبد الحليم زريبيع. وأظهر الممثل سليمان بن واري سلاسة لا متناهية في الأداء. والأمر نفسه بالنسبة للممثلة حجلة خلادي، التي جسدت دور زوجة سليمان؛ وكأنها على طبيعتها.