مسلسل التشويق والتحقيق البوليسي "حداش حداش"، للمخرج أسامة قبي، الذي يعرض على قناة "الشروق"، خلال رمضان، يعتمد اعتمادا رئيسيا على الفلاش باك، أو العودة بالمشاهد في كل مرة مكررة، بتقطيع مختلف، بمعنى في كل جملة تصويرية تبتر، ثم يعود المخرج إليها ليضيف لها لقطة أخرى، تكون نفسها أو زاوية ثانية، وبالكاد تقدم الحلقة الواحدة معلومة جديدة أو تسارعا في الأحداث، رغم أن التقنية المستعملة عالية جدا، غير أن المسلسل أضحى يبعث على الرتابة. أضف إلى ذلك، التصوير البطيء لمعظم المشاهد وحركة الأحداث يحيل بالمشاهد إلى الملل. تدور الحكاية حول جريمة قتل "ملاك"، الفنانة التشكيلية التي تستعد لمعرضها الفني يوم 11-11-2017، لكنها تلقى حتفها في ذلك اليوم، في جريمة محبوكة بشكل لم تستطع الشرطة فك خيوطها، ويقوم المفتش "عابد" (عزيز بوكروني) بالتحقيق في القضية، إذ يعود إلى الواقعة بعد مرور خمس سنوات، وفي ذهنه العديد من علامات الاستفهام، وتتسع دائرة الاتهام عنده في كل مرة، ولا يزال يحاول أن يكشف قاتل ملاك، رغم كل الوقت الذي مضى، إذ كانت الضحية ابنة صديقه "فؤاد" (بوعلام بناني) الذي طالما أوصاه بها. يشك المفتش "عابد" في البداية بأخيها "لؤي" (يوسف سحيري)، وهو رجل أعمال ناجح، لكن سلوكه مريب، ثم يتحول المفتش ليوجه الاتهام لأفراد شلة "ملاك"، وهم أصدقاؤها منذ الجامعة، فيعتقد أن "حورية" وراء الجريمة (هيفاء رحيم)، ثم يتهم "ياسين" بالقتل (زكريا كروات)، أما المشاهد فيخيل له أن "هشام" (أكرم جغيم) له يد وراء تصفية ملاك، ومعه "رضا" (مزيان عميش)، وكذلك "بابيتو" (حليم زريبيع)، والشك أيضا يطال المحامي نبيل (محمد فريمهدي)، الأمر الذي جعل العمل في تشويق دائم، غير أن الأحداث المتباطئة بعد تواصل الحلقات، جعل الإثارة تتراجع مع الوقت، لاسيما الاستعمال الكثيف للفلاش باك في كل مشهد. يقوم "لؤي" بلم شمل الأصدقاء، فيقوم بتأسيس جريدة، ويستدعي الجميع ليكونوا ضمن فريقها ومسؤوليها، وصراحة هذا الأمر ليس له علاقة بالسياق المنطقي للأحداث، على سبيل المثال، جعل "رضا" رئيسا للتحرير، وهو الذي كان يشتغل في البلدية، وهو صاحب مقهى أنترنت. يعالج المسلسل من جهة ثانية، قضايا اجتماعية وأسرية، ويتناول موضوع الإدمان، ويحاول في كل مرة، التطرق إلى موضوع يعالجه فريق الجريدة، على غرار الحرقة، تهميش الرياضيين، وغيرها. المخرج أسامة قبي، الذي أبان عن تحكمه في تقنيات التصوير وتنويعها، قد يكون أمام حتمية تتمة ثلاثين حلقة، كونه يعرض في رمضان، لذلك يستعمل الفلاش باك، وهي تقنية فنية من شأنها أن تساعد في الحبكة الدرامية للقصة، غير أن استعماله المطنب لن يشفع له إحالة المشاهد إلى حالة الملل، بعدما كان شغوفا بمتابعة مجرياته، فمن الوهلة الأولى للمسلسل، كان يعد بالكثير من الإثارة، لكن سرعان ما وقع في الإيقاع الدرامي، وفي الواقع، هذا ليس مبررا في إطالة عمر الحلقة باستعادة مشاهد مكررة، ومكررة جدا.