احتضن مقر المتحف الإفريقي بفيلا بولكين، أول أمس، جلسة عمل، في إطار فعاليات الاحتفال بافتتاح المتحف الإفريقي بالجزائر، حضرها خبراء وبعض السفراء الأفارقة، وكانت فرصة لعرض التجارب والاستراتيجيات، التي من شأنها النهوض بثقافة وتراث القارة السمراء، مع الوقوف على التجربة الجزائرية الرائدة، خاصة مساهمتها في ظهور اتفاقية التراث اللامادي سنة 2003. أدارت الجلسة، السيدة أنجيلا مارتيناز، القائمة بأعمال مديرية التنمية الاجتماعية والثقافية والرياضية بالاتحاد الإفريقي، وقد تم بالمناسبة، تقديم أجندة الاتحاد الإفريقي لسنة 2063، بكل تطلعاتها ومعالمها الرئيسية. هذه الأجندة، وضعها قادة الدول الإفريقية سنة 2013، في إطار توجيهي استشرافي، ترمي إلى توحيد إفريقيا، وتجميع جهودها وثرواتها الطبيعية والبشرية، لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة على امتداد العقود الخمسة المقبلة (2013 - 2063)، مع التركيز على بناء قارة مزدهرة موحدة، تعول على طاقات أبنائها وبناتها في تحقيق اكتفائها الذاتي، وفي تفعيل حضورها الحيوي على الصعيد الدولي، كما تحمل الأجندة طموحات كبيرة، رغم التحديات. قدم السيد تشارلز وانجاديا، كبير مسؤولي السياسات بمكتب التخطيط الاستراتيجي بالاتحاد الإفريقي، تدخلا وقف فيه عند أهمية أجندة 2023 بالنسبة للقارة الإفريقية، وفي بداية تدخله، قال إن 26 بالمائة من موارد إفريقيا ومقدراتها تنفق على عمليات استتباب الأمن وحل النزاعات فيها، الأمر الذي يؤثر على كل جهد تنموي، كما تحدث عن دور الاتحاد الإفريقي في حل النزاعات والترويج للديموقراطية والسلم. أشاد المتحدث بجهود الدول الإفريقية لتحقيق أهداف هذه الأجندة، دون إغفال جهود أعضاء الاتحاد الإفريقي، الذين تكفلوا بجانب المشاورات والتقارير المفصلة، علما أن كل دولة شاركت ب20 عضوا، لتنصب فرق عمل مختصة في كل القطاعات، مع مراعاة أهمية علاقة الأمن والسلم بالتنمية الشاملة، ولفت المتحدث، إلى أهمية التوعية والتحسيس ووضع ميزانية لذلك، حيث لوحظ أن مشروع هذه الأجندة مجهول عند الأفارقة، منهم مثلا أهالي أوغاندا، علما أن أجندة 2063، تحث على إشراك المواطنين في الشأن العام وصناعة القرار، وتمكينهم من أسباب المبادرة والقيادة، وتسعى إلى جعل إفريقيا قوة ديناميكية في الساحة الدولية، وإعطاء الأولوية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة. من جانبه، قدم البروفيسور سليمان حاشي، مدير المركز الوطني للبحث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، محاضرة عن "اتفاقية اليونسكو 2003 وعلاقتها بإفريقيا". أشاد المحاضر بجهود المركز الإقليمي لصون التراث الثقافي غير المادي لإفريقيا، ومقره في الجزائر، خاصة في تطبيق نصوص اتفاقية "اليونسكو" لعام 2003، المتعلقة بتثمين وصون وترقية التراث الثقافي غير المادي. كما رجع سليمان حاشي إلى اتفاقية "اليونسكو" لعام 1972، بشأن حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي، والتي كان هدفها حفظ التراث المادي القائم عبر القارات، منها قارة إفريقيا، ومع السنين وزيادة الوعي والجهد، تم الوصول إلى اتفاقية 2003، التي كانت الجزائر أول بلد يمضيها ويشارك في تحريرها وإثرائها، ما جعل البعض يسميها باتفاقية الجزائر، وهي اليوم تضم 181 دولة موقعة. أسست "اليونسكو" حول هذه الاتفاقية، 7 مراكز في العالم في كل من الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، إيران، بلغاريا، البيرو، ومركز بالجزائر يهتم بالقارة الإفريقية. أشار المتدخل، إلى أن قارتنا السمراء لا تسجل سوى 14 بالمائة من التصنيف للتراث في العالم، وهو رقم هزيل، بالتالي حث حاشي على أهمية إقامة معارض في كل دولة إفريقية خاصة بمصنفاتها الوطنية، مع تثمين استغلالها بتوفير الطاقات العلمية والخبراء، ودور هذه المصنفات من التراث في التنمية الاقتصادية، على اعتبار أنها مصدر دخل مهم، وهنا أعطى مثالا عن الجزائر التي بعد تصنيف طبقها "الكسكسي" ب«اليونسكو"، تم استثمار ذلك في تعاونيات خاصة بتحضيره تقليديا، تضم أكثر من 800 امرأة. أمر آخر متعلق باسترجاع التراث الإفريقي المنهوب، الذي قال حاشي بأنه يتطلب تعاونا بين المتاحف الإفريقية الكبرى، كما تناول حاشي عدة مواضيع، منها أهمية تحضير ملفات التصنيف لدى "اليونسكو"، وكذا الاعتناء أكثر بالتراث الشفهي، منه اللغات المحلية، كي لا تندثر.