منح الاتحاد الإفريقي مهلة أسبوعين لإعادة النظام الدستوري في النيجر، بعد انقلاب الحرس الرئاسي المدعوم بالجيش النظامي على الرئيس المنتخب ديمقراطيا، محمد بازوم، المحتجز منذ الأربعاء الماضي، داخل القصر الرئاسي بالعاصمة نيامي. وجاء في بيان أصدره مجلس السلم والأمن الإفريقي، بعد اجتماعه أول أمس، أنه "يحث العسكريين على العودة الفورية ومن دون أي شرط إلى ثكناتهم وإعادة السلطة الدستورية في مدة أقصاها 15 يوما"، منددا في الوقت نفسه بأشد العبارات الممكنة الانقلاب العسكري في النيجر، وما أعقبه من الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد بازوم. كما عبّر المجلس الذي يشبه في مهمته مجلس الأمن الدولي في الأممالمتحدة، عن قلقه العميق من العودة المقلقة للانقلابات العسكرية التي قال إنها تقوض الديمقراطية والأمن والسلام والاستقرار في القارة، مشددا على ضرورة عدم التسامح مع التغييرات غير الدستورية للحكومات في القارة الإفريقية، وتوعد باتخاذ كل الإجراءات الضرورية بما في ذلك الإجراءات العقابية ضد مرتكبي ما وصفها ب"الانتهاكات". نفس الموقف عبّر عنه الاتحاد الأوروبي، الذي قطع الشك باليقين بعدم اعترافه النهائي لا اليوم ولا غدا، بالعسكريين الذين استولوا بالقوة على السلطة في النيجر، حيث قال ممثل سياسته الخارجية، جوزيب بوريل، بأن "الاتحاد الأوروبي لا يعترف ولن يعترف بالسلطة الناجمة عن الانقلاب"، مشيرا إلى التعليق الفوري لكل المساعدات المالية ووقف التعاون في المجال الأمني. وبنفس اللهجة الحادة جدد كاتب الدولة الأمريكية، أنطوني بلينكن، موقف الولاياتالمتحدة الرافض للانقلاب والداعم تماما لرئيس النيجر المعزل، محمد بازوم، الذي لا يزال رهن الاحتجاز داخل القصر الرئاسي بالعاصمة نيامي. أما الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، الذي يبدو أن الانقلاب في النيجر قد أفقده آخر قلاع بلاده في منطقة الساحل، فقد استدعى أمس، مجلس الدفاع والأمن للانعقاد وهو المطالب بالفصل في مصير 1500 جندي فرنسي لا يزالون منتشرين في النيجر ويعملون مع الجيش النيجري، وقررت باريس تعليق مساعداتها الموجهة للتنمية ودعمها المالي. من جهتها تعقد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "ايكواس" اليوم، "قمة خاصة" بالعاصمة النيجيرية أبوجا، لتقييم الوضع في هذا البلد الإفريقي الفقير والتي من المتوقع أن تخرج بفرض عقوبات هامة على الطغمة في النيجر بداية بتعليق عضوية هذا الأخير على مستوى الهيئة الإقليمية. وكان مجلس الأمن الدولي، دعا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط" عن رئيس النيجر محمد بازوم، وضرورة حمايته وأسرته وأفراد حكومته، مبديا أسفه إزاء التطورات الحاصلة والتي اعتبرها أنها تقوض الجهود الرامية إلى توطيد مؤسسات الحكم والسلام في ذلك البلد. وأعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي، عن تأييدهم للجهود التي تبذلها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة، مؤكدين على الحاجة الماسة إلى استعادة النظام الدستوري في النيجر، كما أكدوا تضامنهم مع شعب النيجر وأهمية حماية السكان ومواصلة تقديم المساعدة الإنسانية. ولكن السؤال المطروح هل تجد هذه المطالب أذانا صاغية لدى طغمة عسكرية مصرة على التحكم في كل دواليب السلطة، ولا يبدو أنها مكثرة بالعقوبات التي يمكن أن تتعرض لها من المنظمات الإقليمية والدولية، ومن الشركاء الذين أصبحوا من الماضي باعتبار أن التطورات ليس فقط في النيجر، وإنما في كل منطقة الساحل أفرزت معطيات جديدة غيرت من موازين القوى، قد تأذن بفتح صفحة جديدة عنوانها الشراكة والندية بعيدا عن منطق التبعية الذي لا طالما تعامل به الغرب مع مستعمراته القديمة خاصة في إفريقيا. للإشارة فقد نصب رئيس الحرس الرئاسي، الجنرال عبد الرحمان تياني، نفسه رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي الحاكم في النيجر، وذلك بعدما حظي بدعم كل المؤسسات العسكرية والأمنية في هذا البلد وعلى رأسها العسكر، إضافة إلى دعم جزء كبير من الشارع الذي خرج في مظاهرات مؤيدة للانقلاب.