تفاجأت قوات الاحتلال الصهيوني وهي تحاصر الضفة الغربية بمدنها وبلداتها ومخيماتها وتشن أقوى وأعنف عمليات التمشيط والمطاردة، شملت أيضا القدسالمحتلة بعملية مماثلة، أمس، قتلت على إثرها مستوطنة إسرائيلية وأصيب آخر بجروح خطيرة. فتح فلسطيني نيران سلاحه على سيارات مستوطنين كانوا يسيرون بالقرب من مدينة الخليل بالضفة الغربية ليصيب اثنان، منهما امرأة سرعان ما لفظت أنفاسها الأخيرة والثاني رجل أصيب بجروح خطيرة ونقل على جناح السرعة إلى المستشفى لتلقي العلاج. وفي أولى رد فعلها على هذه العملية الجديدة، أغلقت قوات الاحتلال، أمس، كل المداخل المؤدية إلى الخليل بما أدى إلى عرقلة حركة تنقل المواطنين الفلسطينيين والتسبب بأزمة مرورية خانقة. واعتدت هذه القوات التي فقدت بوصلتها بالضرب على عدد من الصحفيين ومنعتهم من تغطية ما يجري هناك وعرقلت عملهم. ولأن الأمر يتعلق بمستوطنين فسيارات الإسعاف جاءت على عجل وفتح لها الطريق من أجل الوصول إلى المستشفى بأقصى سرعة، وليس بفلسطينيين تهدر دماؤهم عبثا في شوارع وأحياء المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية ويمنع على سيارات الإسعاف إجلاؤهم وحتى تلقي الإسعافات الاولوية. فكم من فلسطيني أعدم في وضح النهار بكل برودة دم على يد جنود احتلال ومستوطنين متطرفين تلذذوا بقتلهم وكم من فلسطيني أصيب برصاص قوات الاحتلال وترك جرحه ينزف على أرصفة وحواف الطرق من دون أن يسمح بإسعافه إلى غاية أن لقي نحبه. مثل هذا المشهد الدامي، الذي اعتاد عليه الفلسطينيون، يتكرّر هذه المرة لدى الكيان المحتل في ظرف يومين فقط بعمليتين فدائيتين باركتهما حركتا المقاومة الإسلامية "حماس" والجهاد الإسلامي ووصفتهما ب«العمل البطولي" من دون أن تتبناهما. وهو ما يضع قوات الاحتلال وحكومة اليميني المتطرف، بنيامين نتانياهو، في مأزق حرج أمام شارع اسرائيلي أكثر ما يهمه أمنه الذي تسعى قوات الاحتلال إلى توفيره على حساب اغتصاب مزيد من الحقوق الفلسطينية حتى الحق في الحياة. وبمنطق المعاملة بالمثل، تواصل المقاومة الفلسطينية الضرب بقوة وإثبات وجودها في الدفاع عن شعبها الذي يواجه على مدار عقود من الزمن واحد من أبشع أنواع الاحتلال في العالم يبح لنفسه ما يحرمه على غيره. والمؤكد أن مثل هذه العمليات الفدائية والاستشهادية النوعية والتي أخذت وتيرة متسارعة بالتزامن مع تصعيد الاحتلال الصهيوني لعدوانه الهمجي على الفلسطينيين في المناطق المحتلة، تبعث برسائل واضحة لا غبار عليها وهي أنه مهما أحكم هذا الاحتلال قبضته الأمنية ومهما سعى لتضييق الخناق اكثر على المقاومة، إلا أن هذه الأخيرة لا تزال صامدة بل وقادرة على إحداث المفاجأة والفارق في أي زمان وفي أي مكان حتى بقلب الكيان العبري. وبلغة الأرقام، فقد استشهد منذ بداية العام الجاري ما لا يقل عن 281 فلسطيني مقابل 31 مستوطنا في موجات العنف التي تعصف بالأراضي المحتلة والتي تفجرها في كل مرة اعتداءات قوات الاحتلال وانتهاكاته وخروقاته المستمرة في حق الفلسطينيين المتمسكين بحقهم في الحياة وبالدفاع عن أرضهم وممتلكاتهم ومقدساتهم بالنفس والنفيس. وتستمر المقاومة الفلسطينية رغم أن الاحتلال الصهيوني يتفنن في انتهاج سياسات العقاب الجماعي والانتقام التي يمارسها ضد الفلسطينيين من أجل إذلالاهم وترهيبهم واخضاعهم. وفي هذا السياق، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيين سياسة التعطيش التي يمارسها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني واعتبرتها جزءا لا يتجزأ من العقوبات الجماعية الدائمة التي يفرضها الاحتلال. وقالت في بيان لها، أمس، أن هذا العمل امتداد لحرب الاحتلال المفتوحة على الوجود الفلسطيني وإجراءاته الاستعمارية لتسريع عمليات الضم التدريجي المعلن وغير المعلن للضفة الغربية المحتلة وخلق بيئة استعمارية طاردة للفلسطيني من أرض وطنه. وأضافت أن الاحتلال يحرم الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه الإنسانية والمدنية وينتهك التزاماته كقوة احتلال وفقا للقانون الدولي واتفاقيات جنيف ضمن امر يعكس أيضا فشلا دوليا ذريعا في إجبار الكيان الصهيوني على الوفاء بالتزاماته تجاه الشعب الفلسطيني.