أعربت كل من الجزائروالمكسيك أمس عن إرادتهما المشتركة في ترقية العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون الاقتصادي والثقافي في مختلف المجالات، ولا سيما من خلال تعزيز الشراكة في الفروع التي تملكان فيها إمكانيات متطورة على غرار الفلاحة والصناعة الصيدلانية وصناعة مواد البناء. فقد سجل كل من وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي ونظيرته المكسيكية السيدة باتريسيا إسبينوزا كانتيلانو في ندوة صحفية عقداها عقب المحادثات التي جمعتهما بإقامة الميثاق بالجزائر، تقدم مستوى العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، والتي تميزت بانتعاش في حركية المبادلات التجارية التي بلغت نحو 800 مليون دولار في 2008، مؤكدين ضرورة العمل على دعمها أكثر بالنظر للمؤهلات والإمكانات المتاحة لذلك ولاسيما من خلال تشجيع التعاون الاقتصادي والتجاري والشراكة في قطاع الفلاحة وبعض الفروع الصناعية كصناعة الأدوية وصناعة مواد البناء. كما اتفق الطرفان بالمناسبة على الضرورة الملحّة لمراجعة الإطار القانوني الذي ينظم التعاون بين البلدين وتحيينه ليواكب المتطلبات والمستجدات. وكشف السيد مدلسي في هذا الإطار أن البلدين التزاما بالعمل على التحضير للتوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية قبل نهاية العام الجاري، ومن أبرزها الاتفاقية التجارية، والاتفاقية القانونية علاوة على اتفاقات أخرى لتشجيع الاستثمار والشراكة في فروع قطاع الفلاحة والري، والصحة، وتعزيز التعاون بين المتعاملين الاقتصاديين ورجال الأعمال من البلدين. وفي هذا السياق؛ أكد وزير الخارجية أن البلدين عبرا عن استعدادهما لمساعدة المؤسسات الجزائريةوالمكسيكية التي ترغب في العمل في الفروع المذكورة، مشيرا إلى أن الطرفين يطمحان إلى تعميق علاقاتهما الاقتصادية التي عرفت تقدما بوتيرة مشجعة خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في ظل وجود الإمكانيات التي تسمح للبلدين بتغطية حاجياتهما في السوق الداخلية وكذا الوصول إلى الأسواق الجهوية. وأوضح المتحدث في نفس الصدد أن الجزائر التي يرتكز اقتصادها بشكل شبه كامل على قطاع المحروقات ومشتقات النفط، تسعى إلى تنويع اقتصادها من خلال توطيد علاقات التعاون والشراكة مع الدول الصديقة على غرار المكسيك التي تملك مؤهلات لذلك، مؤكدا بأن التعاون الاستراتيجي بالنسبة للجزائر هو ذلك التعاون التي يسمح لها بتنويع إنتاجها واقتصادها. من جهتها أبرزت الوزيرة المكسيكية للشؤون الخارجية الطابع الممتاز للعلاقات الجزائريةالمكسيكية التي تحتفل هذا العام بالذكرى ال45 لتأسيسها، مذكرة بأن بعث هذه العلاقات سمح للبلدين بالتقارب والتعارف، ليصلا اليوم إلى مرحلة دفع التعاون الثنائي وتعميق جهودهما المشتركة في سبيل إرساء دعائم نظام عالمي عادل ومتضامن. وبعد أن وصفت زيارتها التي تعد الأولى إلى الجزائر، بزيارة "صداقة كبرى بين الشعبين الجزائريوالمكسيكي" منوهة بإقبال الجزائر على إطلاق اسم "المكسيك" على إحدى مدارسها بمناسبة العيد ال45 للعلاقات الثنائية، أوضحت السيدة كانتيلانو أن محادثاتها مع السيد مدلسي سمحت بتقييم مستوى العلاقات بين البلدين وتأكيد الإرادة المشتركة على تقويتها ودفعها أكثر، ولا سيما في إطار اجتماع اللجنة المختلطة للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، واللجنة المختلطة للتعاون الثقافي والتربوي، مبرزة تطابق وجهات النظر بين البلدين في العديد من القضايا المطروحة على الساحة الدولية. وأشارت المتحدثة إلى أنه بالرغم من بعد المسافة بين الجزائروالمكسيك إلا أن هناك تضامنا دائما بين البلدين وتقاربا في العديد من المجالات، يدفع إلى التفكير في أهمية استغلال الفرص والإمكانيات المتاحة من اجل ترقية علاقات التعاون الاقتصادي، والاستفادة من التجارب المتبادلة، مبرزة تفوق المكسيك في الفروع الاقتصادية خارج قطاع المحروقات والتي تمثل نحو 90 بالمائة من صادراتها، علاوة على إمكانية استفادة البلدين من التبادل الثقافي والاكاديمي، ومن التعاون في مجال الصناعة الصيدلانية على اعتبار أن المكسيك استطاعت تطوير هذه الصناعة ولا سيما في مجال إنتاج اللقاحات. كما اعتبرت الجزائر شريكا هاما، في مجال دعم تقرب بلادها إلى إفريقيا، في ظل سعي المكسيك إلى توسيع علاقاته مع دول القارة، وكونه عضوا ملاحظا في الإتحاد الإفريقي. وفي ردها على سؤال حول إمكانية تطوير شراكة فورية لإنتاج اللقاحات المضادة لفيروس أنفلوانزا الخنازير الذي عرف انتشارا كبيرا في المكسيك، حرصت الوزيرة المكسيكية مدعمة برأي السيد مدلسي على التذكير بأن أي مرض أو وباء يظهر في العالم يستدعي تضافر كل الجهود لمكافحته، وخاصة عبر تبادل المعلومات والخبرات، وأشارت في هذا الصدد إلى وجود فرضية لدى الباحثين تعتبر بأن مصدر الفيروس هو جهة أخرى غير المكسيك، مؤكدة بأنه بغض النظر عن مصدر هذه الأمراض فإن المهم هو إرساء تعاون دولي دائم وقوي للتحكم فيها. كما أوضحت المتحدثة أن حاجيات المكسيك لتطوير الصناعات الصيدلانية كبيرة بالنظر لعدد السكان الذي يقارب 107 ملايين نسمة، مما يؤكد- حسبها -أهمية ترقية التعاون والشراكة في هذا المجال مع الجزائر. للإشارة فقد تناولت المحادثات التي جمعت وزيرا خارجية البلدين، أيضا القضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث أشار السيد مدلسي إلى التطابق الكبير الذي يميز مواقف البلدين إزاء العديد من القضايا مثل الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية والتغيرات المناخية وتطابق بشأن مسائل أخرى مثل الشرق الأوسط ونزع السلاح وكذا الاستفادة دون شروط من النووي المدني، مؤكدا في نفس السياق ثبات الموقف المكسيكي بخصوص قضية الصحراء الغربية. وقد قدمت السيدة كانتيلانو بالمناسبة دعوة من الرئيس المكسيكي السيد فيليبي كالديرون لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ليقوم بزيارة إلى المكسيك، ودعوة أخرى باسمها لوزير الخارجية السيد مراد مدلسي.