حل قائد الجيش السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان، أمس، بعاصمة جنوب السودان جوبا، لإجراء مباحثات مع الرئيس سلفا كيير، حول الصراع الدامي المتفجر منذ قرابة خمسة أشهر في السودان وسبل احتواءه. تعد هذه ثاني زيارة يجريها الجنرال البرهان، منذ اندلاع الصراع المسلّح في بلاده إلى الخارج بعد زيارته الأسبوع الماضي، مصر، حيث التقى حينها بالرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي ناقش معه تطورات الأزمة السودانية. ورافق الجنرال البرهان، في زيارته إلى جوبا كل من وزير الخارجية المكلف علي الصادق، ومدير المخابرات العامة الجنرال أحمد إبراهيم مفضل. وقال وزير الشؤون الحكومية في جنوب السودان، مارتن اليا لومورو، في بيان إنه "من المعروف أن الرئيس كيير هو الشخص الوحيد الذي لديه بعض الخصوصية والمعرفة بالسودان، والذي يستطيع إيجاد حل للأزمة السودانية". من جهته قال علي الصديق، في بيان "نعتقد أن جنوب السودان هو البلد الأفضل للقيام بالوساطة باعتبار أننا كنّا بلدا واحدا لزمن طويل ونعرف بعضنا البعض ونعرف مشاكلنا واحتياجاتنا". وهو ما يطرح التساؤل ما إذا كان البرهان، وفريقه قد أدرك حقيقة عدم إمكانية الحسم العسكري في الصراع الدامي في السودان، بما جعله يشرع في البحث عن حلول للأزمة من عند جرانه الذين يتقاسمون جزءا من عبء هذه الحرب المسلّحة باستقبال عدد كبير من اللاجئين السودانيين الفارين من نيران المدفعية. وفجّر ذلك أزمة إنسانية خطيرة تدق في كل مرة منظمة الأممالمتحدة، ناقوس الخطر من تحولها إلى كارثة وشيكة، في ظل استمرار معاناة أكثر من 4.6 مليون نازح ولاجئ سوداني يفتقدون لأدنى متطلبات الحياة من ماء وغذاء ودواء. ومجددا أطلقت الأممالمتحدة، نداء لجمع مليار دولار لمساعدة 1.8 مليون شخص تتوقع المنظمة الأممية أن يفروا من السودان خلال العام الجاري، بسبب استمرار القتال الدامي بين فرقائه العسكريين. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن الرقم المطلوب يمثل "ضعف" الأموال التي طلبتها شهر ماي الماضي، في حين تكافح الأممالمتحدة لجمع الأموال التي وعد بها المجتمع الدولي قبل بضعة أشهر لمساعدة السودان. بالتزامن مع ذلك يواصل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تبادل الاتهامات بقتل وإصابة مدنيين في قصف وهجمات بمناطق مختلفة خاصة بالعاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث وإقليم دارفور بغرب البلاد. وقال الجيش السوداني في بيان صحفي إن قوات الدعم السريع "قامت بقصف عشوائي لمناطق كرري وود البخيت بشمال أم درمان، مما أدى إلى استشهاد 13 من المدنيين وجرح آخرين". وأضاف البيان أن هذه القوات "هاجمت منطقة المسيد وأطلقت النار عشوائيا علي مواطني المنطقة مما أدى إلى استشهاد ثلاثة مواطنين وجرح آخرين". ووفق البيان، فقد دارت اشتباكات أول أمس، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمنطقة الشجرة بجنوبالخرطوم أسفرت عن مقتل خمسة من عناصر قوات الدعم السريع وإصابة ستة آخرين. في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع في بيان الجيش السوداني بقصف أحياء سكنية بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور بغرب السودان، مما أدى إلى مقتل 14 مدنيا وجرح العشرات. وأعلنت قوات الدعم عن مقتل 60 من جنود الجيش السوداني في هجوم بمنطقة غرب أم درمان، قائلة إن قواتها الخاصة "نفذت عملية نوعية داخل سلاح المهندسين بأم درمان وكلية القادة والأركان أسفرت عن تدمير عدد كبير من الآليات والعتاد العسكري ومقتل 60 وجرح 140" من قوات الجيش. ومنذ 15 أفريل الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مواجهات مسلّحة بالخرطوم ومدن أخرى أسفرت عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص وإصابة ما يزيد عن ستة آلاف آخرين وفق إحصاءات وزارة الصحة السودانية.