افتتحت أمس بفندق "الأوراسي" أشغال الملتقى الدولي "النساء الإفريقيات في محك التنمية" الذي أثار إشكالية البناء الاجتماعي للفوارق بين الرجال والنساء وانعكاسه على الواقع الاقتصادي والثقافي، وبالتالي البحث والتفكير المشترك لإيجاد أحسن الحلول الواجب تطبيقها قصد ترقية التنمية الاجتماعية المتجانسة.. الملتقى الذي نظمته وزارة الثقافة بالمشاركة مع المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية سلط الأضواء على إشكال التمييز الاجتماعي والسياسي ضد المرأة على الرغم من المبادئ العالمية لحقوق المرأة التي تضمنتها النصوص الدستورية والقانونية لمعظم الدول الإفريقية. في كلمتها الافتتاحية أشارت السيدة خليدة تومي الى أنّ هذه الوقفة كان لابد منها في المهرجان الإفريقي لتتوجه بها النساء -وهي واحدة منهن إلى مسؤولي القارة والأحزاب، والمجتمع المدني وكل الأوساط الرجولية والتأكيد على أن المرأة هي ضمير الأمة وهي موجودة في قلب التنمية ولاتزال في مناطق كثيرة تعاني من الرواسب الكارثية التي تركها الاستعمار في الصحة والتعليم والعمل، لكن السيدة الوزيرة اشارت إلى أن المجال السياسي لم يفتح تماما للمرأة الإفريقية ولازال الزحف إليه بطيئا على الرغم من الإنجازات الضخمة التي حققتها المرأة في رواندا والموزمبيق، وجنوب إفريقيا حيث وصلت إلى أعلى المراتب القيادية، ثم استعرضت الاتفاقية الإفريقية ل2003 والتي تجسدت عام 2009 والتي تعد أداة للدفاع عن حقوق المرأة الإفريقية وتحث الحكومات على ضمان هذه الحقوق، وحماية المرأة من العنف والتمييز. أما السيدة سعاد بن جاب اللّه الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبحث العلمي فربطت تحرر المرأة بالتحرر العلمي الذي يضمن لها المكانة المحترمة، في حين أكدت السيدة نوارة جعفر الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة أنه لا تنمية بدون امرأة مستعرضة مقطعا من خطاب رئيس الجمهورية القائل "إن التنكر للمرأة هو تنكر للشعوب المغتصبة أرضها"، لكنها بدت غير راضية تماما عن المكاسب السياسية التي حققتها المرأة الإفريقية، بعدها عقدت الجلسة الأولى للأشغال كانت المحاضرة الأولى من إلقاء السيدة رمعون نورية مديرة المركزالوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية ورئيسة اللجنة العلمية للملتقى التي تناولت إفريقيا والمرأة كرمزين يوحيان بالمقاومة لكنها قدمت حصيلة سوداوية عن الواقع الإفريقي الذي يعيش فيه 11 بالمائة من سكان العالم لكنه لا ينال سوى 1.4 بالمائة من مساحة التجارة العالمية و1.7 بالمائة من الاستثمارات الأجنبية، وقالت إن المرأة هي الضحية الأولى في الصراع الاقتصادي والمسلح، وهي أشد من عانى من الفقر والمرض والجهل، مؤكدة أن نضالها الاجتماعي ارتبط بوضعها الاقتصادي فكلما تحسن الأول ظهرت ثماره على الآخر. ودعت المحاضرة إلى ضرورة تثمين الأبحاث الاجتماعية لرصد حركة التغيرات الثقافية والاجتماعية، وتناول القيم والمبادئ التي تنطلق منها المرأة الإفريقية في حركاتها النضالية لنيل كامل حقوقها، وطالبت بوجوب تبادل الخبرات والتعاون العلمي بين الدول الإفريقية لإنجاز بحوث مشتركة. أما السيدة أوديل ندومبي فاي الأمينة التنفيذية "لأفارد" (منظمة إفريقية) بالسينغال فتناولت موضوع "الاستفادة من التربية، وإمكانات إنتاج المعارف والحصول على الموارد البشرية". كما تطرقت إلى بعض المعوقات التي تقف في وجه المرأة خاصة العادات والتقاليد البالية مما يؤثر على مسارها الدراسي والمهني. السيدة شهيدة الباز من مصر تناولت نضال المرأة المصرية منذ عهد محمد علي باشا إلى يومنا، حيث شهدت فيها المرأة تحررا ونضجا سياسيا واجتماعيا أعطاها بعضا من قيمتها الإنسانية والاجتماعية لكنها اليوم تتراجع تحت تأثير العولمة وصراع المصالح والطبقات لتعود المرأة الى "التخلف الفكري" حتى وهي في أرقى درجات العلم حيث رضخت للعادات البالية ولأفكار دينية لا تنصف المرأة تماما.